قضايا وآراء

تركيا تعاقب على موقفها الرافض للأسد!

أحمد نصار
1300x600
1300x600
تفجيران جديدان في تركيا أمام محطة قطار أنقرة ضد تجمع يساري كردي معارض للحكومة، أتوا من كل حدب وصوب للتظاهر في قلب العاصمة التركية، قبل أسابيع من الانتخابات التشريعية المصيرية في تركيا، ينتج عنهما 95 قتيلا حتى الآن و أكثر من 246 جريحا حتى الآن!

لا أدري، هل من المصادفة أن تحدث هذه التفجيرات فقط في كل الدول التي ترفض بقاء الأسد؟؟ اليوم تركيا، للمرة الثالثة بعد تفجيري ديار بكر وسروج، ومنذ أيام تفجير يصيب الحكومة الشرعية في عدن، ومن قبلها الكشف عن مصنع لتصنيع القنابل والأسلحة في قلب السعودية!

بلا شك فإن تركيا مستهدفة، والمستهدف ليس فقط لموقف أنقرة من الأسد، ولا حتى خسارة العدالة ولاتنمية في الانتخابات البرلمانية الوشيكة، وإنما المستهدف هو السلم والأمن الأهليين في تركيا، ووحدة الشعب التركي، وتجربته الديمقراطية المستقرة، والاقتصادية المبهرة والمزعجة في نفس الوقت لكثير من دول الجوار!

إن ظهور تنظيم الدولة في العراق وسوريا مثّل طوق نجاة للنظام السوري! فقد خطف الأنظار عن قتال نظام الأسد، وبدأ الغرب في تشكيل تحالف دولي لضرب داعش، بتنسيق مع النظام السوري بشكل أو بآخر بدلا من تشكيل تحالف دولي لإسقاطه كما حدث مع القذافي في ليبيا!

وكذلك التدخل العسكري الروسي تم أيضا بذريعة محاربة داعش! لكن الإحصائيات التي أعلنها رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلوا منذ أيام تقول أن روسيا قامت بـ 57 غارة في سورية 2 منها فقط ضد داعش والباقي ضد فصائل المعارضة الأخرى!

أصبحت الصورة واضحة الآن: داعش تضرب في كل مكان إلا في إسرائيل أو في إيران!! ودائما ما تستغل كذريعة للتدخل العسكري المؤيد للأسد! تهدد حماس بالذبح بينما الأقصى يقسم زمانيا بالفعل وهو أولى القبلتين وثالث الحرمين، ومع ذلك لا حس ولا خبر!

لقد رفضت تركيا الانجرار للمستنقع السوري.. وانتصرت أخلاقيا بعدم دعمها لنظام الأسد الذي قتل ما يزيد على 300 ألف سوري، وتسبب في لجوء ونزوح ملايين السوريين!

كما نجت تركيا عسكريا بعدم الدخول في حرب برية مجهولة العواقب ضد داعش في سوريا.. ولم تستجب للاستفزاز الروسي بانتهاك مقاتلات روسية الأجواء التركية، وردت بدبلوماسية ذكية! وهو شيء لم يحدث منذ الحرب الباردة، واشتراط السوفييت في الستينات نزع صواريخ أميركية من تركيا مقابل نزع صواريخ سوفيتية من كوبا، في أزمة خليج الخنازير الشهيرة!

لقد استغلت تركيا حادث مدينة سروج جنوب شرق تركيا مايو الماضي وقامت بشن ضربات جوية ضد حزب العمال الكردستاني PKK في العراق، غريمها التقليدي، ولم تتدخل بريا ضد داعش في سوريا كما أرادت أميركا، مما أغضب واشنطن بشدة ودفعها لسحب بطاريات صواريخ باتريوت الأميركية من تركيا!

كما أغضبت الضربات التركية ضد PKK حزب الشعوب الديمقراطي الكردي وزعيمه صلاح الدين دميرطاش الذي يعطي بكل أسف غطاء لعمليات العنف في تركيا! ويريد استغلال الحادث وتوظيفه سياسيا للاستحواز على الصوت الكردي أكثر في الانتخابات التشريعية المصيرية القادمة!

إن الرسالة التي ترسلها الدول الداعمة للأسد إلى تركيا وخاصة من روسيا أن على أنقرة الانضمام إلى تحالفهم لمحاربة الإرهاب، وإلا سيطالها نيرانه! أو أن يتزعزع موقف أنقرة الثابت من الرفض التام لبقاء الأسد في أي تسوية سياسية!

تستقبل أنقرة هذه الرسائل الموقعة بالدم في وقت لا يقوم حلفاء تركيا الاستراتيجيين في النيتو بفعل الكثير إزاء التدخل الروسي مكتفين بتصريحات وبيانات، منتظرين فيما يبدو تدخلا روسيا أكثر وأكثر في المستنقع السوري، إلى درجة الدفع بقوات برية على الأرض! وفي سبيل ذلك يسمحون بمرور سلاح نوعي للمعارضة بما يكفي فقط وقف أي تقدم لقوات الأسد حتى تضطر روسيا إلى التدخل بنفسها، وهو ما يبدو وشيكا!

على تركيا أن تمارس ضغوطا أكبر على حلفائها في حلف النيتو، فلا يمكن أن تتحمل تركيا الحمل الأكبر من اللاجئين (1.8 مليون لاجئ من أصل 4 ملايين لاجئ سوري) وتخصص أوروبا مليار يورو إضافية كي تستقبل تركيا مزيدا من اللاجئين حتى لا تستقبلهم أوريا بينما أميركا والنيتو وأوربا يتعاملون بميوعة مع التدخل العسكري الروسي، وموقفهم متذبذب من بقاء الأسد!
التعليقات (0)