مقالات مختارة

هكذا تُدفع ضريبة التدخّل في الشرق الأوسط!

محمد بارلاس
1300x600
1300x600
كتب محمد بارلاس: من الممكن أن تكون عقيدتك أو أيديولوجيتك أو عرقك مختلفا.

من الممكن أيضا أن تكون صاحب وجهة نظر مختلفة عن السياسين أو الأحزاب السياسية التي في دولتك، كما أنه يمكنك أن تُظهر هذا الاختلاف من خلال حوارات وإفادات حادّة ومعارِضة.

إن القرار الذي أصدرته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان -الذي يدخل ضمن اجتهاداتنا أيضا- في قضية "هاندي سايد" عام 1976 هو الطريق الأصوب في ظل هذه الظروف.

 فلنتذكر هذا القرار معا...

 "حرية التعبير ليست للأخبار والأفكار التي تنال إعجاب الجميع، أو للأفكار و الأخبار المسالمة، أو مما لا يترتّب عليها أي ردّة فعل، وإنّما للأفكار المخالفة لجزء من الشعب أو الدولة، أو الصادمة أو المُحزِنة. يجب احتضان التعددية والتسامح والابتكار، حيث إنه لا يُمكن أن يقام مجتمع ديمقراطي من دونهم".

الأفكار والعنف..

 إنّ "حرية التعبير عن الأفكار" لا تدخل تحت إطار العنف والكره واستخدام السلاح، أرجو أن لا ننسى هذا أبدا"..

إن الذين يتسببون بتفجير القنابل، ويقتلون الناس، ويكرهون من يعارضهم ويعارض أفكارهم، ويهاجمهونهم باستحقارهم من خلال كلامهم، سواء في تركيا، أو أمريكا، أو حتى في فرنسا فإنّهم ليسوا "مجرمي فكرة"!

لا يختلف الموقف عندما يكون العنف من الدولة.. لا يوجد فرق بين ما حصل في باريس بما يتعلق بقتل الصحفيين، وما يفعله "بشار الأسد" في سوريا.. بين قتل 11 شخصا من قبل إرهابيين، وقتل "بشار الأسد" لآلاف السوريين.

ازدواجية المعايير

للأسف.. حتى الآن يعيش المجتمع الدولي في هذا الموضوع حالة من المعايير الازدواجية منذ مئات السنيين!

والنتيجة.. ألم يعجب كل من أمريكا وأوروبا الجرائم التي تُرتكب بحق الإنسانية، والحقد العرقي الواضح لدرجة الحرب، كما أعجبهم النظام النازي.. نظام "هتلر" فيما سبق؟!

ألم يعقد الاتحاد السوفيتي أو "ستالين" اتفاقية "موسكو- برلين"، رغم الأعمال المخزية التي ارتكبها النظام النازي؟

 وفي الفترة الأخيرة عندما قدّمت أمريكا دعمها لـ"الخميني" ضد "صدام حسين" في العراق، ألم ترَ ما حصل من قبلُ من جرائم إنسانية ارتُكبت من قبل حزب "البعث"؟!

لا يوجد هناك أي معنى لحقوق الإنسان، والديمقراطية، والتعددية، واحترام الرأي الآخر، إذا تعلّق الأمر بمصلحة الدولة!

هكذا تُدفع الضريبة!

 نحن نرى اليوم الفهم المشوّه الذي تعكسه المنظات الإرهابية في الشرق الأوسط، الذي يعد ما حصل في باريس -وغيرها من البلاد الغربية من أفعال عنف- من ملحقاته.

فلنرَ، هل ستنظر السلطات الفرنسية إلى الهجمات الإرهابية في باريس من هذه الزاوية؟ هل ستستطيع أن تربط ما حصل في العالم الإسلامي من تدخّل ظالم، وما حصل اليوم؟!
 
(عن صحيفة الصباح التركية – ترجمة وتحرير: عربي21) 
التعليقات (0)