مقالات مختارة

يقال أردوغان الذئب وأمريكا هي الحمل الوديع

محمد بارلاس
1300x600
1300x600
لا أعجب حين يلصق بعض الأشخاص الذين لا يفكرون بطريقة منطقية، ولا يريدون الخير لتركيا تهمة كل ما يحدث في البلاد العربية بشخص رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان، وكأنه هو المسؤول عن كل هذا. فإن مثل هذه الأحداث كانت تحدث أيضا في العهد العثماني، لكن العثمانيين كانوا يردون على مثل هذه الاتهامات بحنكة وذكاء، فكانت تذكر قصصا مثلها في الكتب والحكايات.

أرسلت للمكان الخاطئ

في أحد الأيام في سابق العهد والزمان أُرسِل إلى والي مدينة حلب فرمان من باديشاه الدولة العثمانية في إسطنبول يقول فيه: "يأمر الباديشاه بإرسال 100 ألف طن من أجود أنواع الشاي إلى العاصمة بشكل مستعجل"، وبعد أن استلم والي حلب هذا الفرمان أرسل ردا عليه وقال: "حضرة الباديشاه نعلمكم أن فرمانكم المرسل إلى إمبراطور الصين وصل إلي بالخطأ" 

الفكر الجاهلي

يا ليت بإمكان من يحمل أردوغان مسؤولية ما يحدث من أزمات في العراق وسوريا والشرق الأوسط كاملا من الجبناء والأغبياء أن يعلموا الحقيقة الكامنة وراء ما يحدث في المنطقة.

فعندما قال رئيس الولايات المتحدة السابق جورج بوش "أتينا لننشر الديموقراطية في العراق" وجدناه قد احتلها لينهب خيراتها. 

أين كانت ديبلوماسية أميركا وروسيا عندما كانا يشيران على الأسد في ماهية الأسلحة المستخدمة ضد الشعب السوري وقالوا له "أثناء الهجوم على السوريين عليك باستخدام القنابل بالإضافة إلى الغاز السام"، وفي الوقت الذي كان هناك انقلاب يحصل في مصر كان الاتحاد الأوروبي يقلل من شأن هذا الأمر، ويقول إن ما يحدث في مصر لا يعبر عن "انقلاب" ولم يحاول أن يتدخّل بما حصل، لو لم يقل الاتحاد الأوروبي ما قال، ألم يكن الوضع في مصر مختلفا الآن؟

مؤامرات مستمرة

ألم تكن رياح الربيع العربي لتستمرّ لولا تدخلهم فيما حدث في سوريا من تفجيرات الأسد، وهم السبب الآن فيما يحدث من مآسي وآلام، ولم يكن راشد الغنوشي ليدخل في مفاوضات وائتلافات مع الأحزاب المعارضة له في تونس لولا مؤامراتهم الخفية؟ 

هل كان سيحكَم على الطائفة السنِّيّة في العراق بعذابِ جهنم لو لم تعيِّن الولايات المتّحدة الأمريكية الشيعي المتطرف نوري المالكي خَلفا لها في العراق؟ هل كان سيصبح لمنظّمة داعش الإرهابية حق في الكلام؟.

ماذا بإمكان هؤلاء الجهلة الذين يسعون إلى خراب الدول وإيصالها إلى مأزق سياسي مزمن، والتلاعب بسياسة تركيا الداخلية لإيصالها إلى طريق مسدود أن يفعلوا أكثر من ذلك؟ ألم يكن ما فعلوه كفاية؟

أمريكا الحمل الوديع.
إن المسبب الوحيد والمسؤول عن كل الأزمات في الوطن العربي هي الولايات المتَّحدة الأمريكية، فقد أرسلت قواتها للاستيلاء على موارد العديد من الدول بحجة نشر الديموقراطية وإحلال السلام، وكما رأينا في العراق فكان هدفها الوحيد لاحتلال العراق هو الاستيلاء على البترول والحكم فيه. وهي المسؤولة عن مأساة العراق وسوريا وما تبعها من تأثير في اقتصاد وسياسة الدول المجاورة لها متل الأردن وتركيا ولبنان. ولكن على الرغم من أنها مسؤولة عن كل هذا فهي لا تتأثر أبدا بما يحدث بل على العكس فهي المستفيد الأول منه..

بينما يقتل مئات الآلاف في الشرق الأوسط، وتؤول الدول إلى الخراب، ويموت ويغرق من يحاول الفرار من هذا الدمار.... إعلام أمريكا ينسى كل هذا ولا ينفك يصف حياة الأسود في أفريقيا، واقتراب الحيتان من الانقراض، ولا يهتم لما سببه من مشاكل وأزمات عالمية.

وفي هذه الأثناء يترشح جورج بوش الثالث لمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.....
وبعد كل هذا لا يزال هؤلاء الجهلة الذين لا يبغون إلا السوء يحمَّلون رئيس الجمهورية التركية أردوغان مسؤولية ما يحدث في البلاد العربية!.

(عن جريدة الصباح)
التعليقات (0)