آراء ثقافية

"عربة" تنسي وليامز في السينما المصرية (2)

ثلاثة أفلام مصرية استوحيت من نص مسرحية "عربة اسمها الرغبة"- "إكس"
ثلاثة أفلام مصرية استوحيت من نص مسرحية "عربة اسمها الرغبة"- "إكس"
نستكمل في هذا المقال حديثنا عن ثلاثة أفلامٍ مصريّةٍ مستَوحاةٍ من هذا النّصّ المسرحي للكاتب الأمريكي تِنِسي وليامز (عربةٌ اسمُها الرَّغبة A Streetcar Named Desire). ويبدو أنّ لهذا النص سحرَه الخاصّ الذي تصعبُ مقاومتُه.

الموسيقى:
تلعبُ الموسيقى دورًا بالغَ الأهميةِ في بِناء النصّ المسرحيّ الأصليّ، إذ يمثّل تكرارُ موسيقى ﭬـارزوﭬـيانا "Varzouviana" مُعادِلًا موضوعيًّا لشخصيةِ بلانش المرتبِكة وتمزُّقِها بين الشعور بالذنب لتسبُّبها في انتحار آلان بدلًا من أن تساعدَه على تجاوُز ما هو فيه، والحنين إلى الماضي بما فيه من نعمةٍ ورغَدٍ في مزرعةِ أسرتِها "Belle Reve" التي تعني بالفرنسية (حُلمًا جميلا). وسِرُّ تحديد هذه الموسيقى أنها كانت الموسيقى التي راقصَ عليها آلان امرأتَه آخرَ مرّةٍ قبل أن تخبرَه بأنها تحتقرُه. وهي موسيقى راقصةٌ ذات إيقاعٍ ثلاثيٍّ أقربَ إلى إيقاع الـﭭـالس وإن كانت تمزِج عناصرَ من المازوركا والـﭙـولكا. والمهمُّ أنّ وليامز في توجيهاته المسرحية يجعلُ الموسيقى تشتدُّ وتَخفُت ويتغيّر مِزاجُها وركوزُها بين السلَّمَين الكبير والصغير، خالقًا بذلك مشروعًا لنصٍّ موسيقيٍّ مُوازٍ، لا يقلُّ أهميةً عن الأسطُر التي تقولُها بلانش في الإيحاء بمشاعرِها. ومن اللافت كذلك اختيارُه هذه الموسيقى بالذات، باسمِها الذي يَعني بالإسـﭙـانيةِ "مِن وارسو" عاصمة ﭘـولندا، وذلك أنّ ستانلي ينحدِر من أصلٍ ﭘـولنديٍّ، واسمُه الكامل ستانلي كوﭬـالسكي، فكأنّ التعالُقات اللغوية لاسم هذه المقطوعة تجعلُها تنبُّؤًا بمقابلة بلانش زوجَ أختِها الذي سيمثِّل لها نهايةَ رحلتها من لحظة انتحار آلان إلى فُقدانِها عقلَها تماما.

وعودة إلى النسخ المصرية الثلاث، نبدأ بـ(انحراف) حيث وضع موسيقاه المرحوم حسن أبو السعود وتولّى التوزيعَ يحيى الموجي. والحَقُّ أنّ أبا السعود قد وضع موسيقى المقدمة مُغرقةً في مصريتِها، تنطِق بلوعة التجربة الإنسانية التي تعانيها البطلةُ سميحة/ بلانش/ مديحة كامل، وتتخلّلُها جسورٌ من التأمُّل المُحايد. والمُعادل الموسيقي الذي اختارَه هو الابتداء بمقام صبا زمزمة على درجة ري تعرفُه الوتريات على إيقاع رباعي، في تتابُعٍ يبدأ من صول بيمول ويهبط إلى دو، ثمّ يتصدّر الناي المشهد اللحني بأن يعزف في المنطقة بين (صول بيمول – دو) من مقام صَبا على درجة ري، ثم تتسلم الوتريات من الناي لتعزف جسرًا قصيرًا في مقام نهاوند، وسرعان ما يتسلّم منها القانون ليعزف منفردًا من مقام صبا على درجة صول في المنطقة بين (سي – فا)، ثم تتسلم الوتريات مجدَّدًا لتعزف جسرًا أطول في النهاوند ويتكرر التتابُع نفسُه بقليلٍ من التنويع. والخلاصة أنّ أستاذنا أبا السعود أبدع هو الآخَر نصًّا موسيقيًّا قصيرًا بالغَ الرهافة موفَّقًا إلى أبعد مَدى. فإذا انتقلنا إلى موسيقاه التصويرية فسنجدُ مقطوعات الأكورديون التي يُرجَّح أنه عزفَها بنفسِه جديرةً بالبقاء مستقلّةً عن السياق الدراميّ، ومنها المقطوعة المصاحبة لوصول (سميحة) إلى المنطقة التي تسكنُها أختُها، وهي في مقام الكُرد على درجة دو، وفيها زخارف (أبي السعود) المميزة التي تنطِق بالإغواء.

أما في فلم (الفريسة) فقد صنع المرحوم حسين الإمام مقدمةً بالغَةَ القِصَر تقطعها مشاهد من الفِلم، وهي مقدمة تبدأ في مقام الكرد على درجة (فا) ثم تنتقل إلى مقام النهاوند الكُردي على درجة (لا)، تعزفُها الوتريات والپيانو والفلوت. لكنّ قَطع المقدمة يقلل فرص إفادتِها سياقَ الفِلم وتكريس جوّه العامّ، وإن كانت جملتُها الافتتاحية الشجية تتكرر في لحظات معينة فتخطو خطوة لا بأس بها نحو ربط الأحداث وخلق مُواجَدةٍ بيننا وبين الشخصيات. أمّا الموسيقى الروائية "Diegetic Music" – أي تلك التي تسمعها الشخصيات كما نسمعها – فلعلّ أهمّ أمثلتها هي المقطوعة التي يعزفها طارق (يوسف فوزي) على الپيانو وأحلام (سهير رمزي) جالسة بجواره قبل زواجهما، إذ يعزف "حبك نار" لعبد الحليم حافظ من لحن محمد الموجي. وفي تقديري أنّ هذه الموسيقى كان يمكن الاستفادة منها ومن موسيقى المقدمة بمقابلتهما معًا في لحظات معينة على مدار الفِلم، فأغنية عبد الحليم المرتبطة في أذهاننا بالعاطفية الشديدة تمثّل موضوعًا زائفًا هنا في علاقة أحلام وطارق، فيما كان يمكن أن تعبّر المقدمة عن حالة تأملية أعمق إزاء أحداث الفِلم.

وأخيرًا، فقد صنع عمر خيرت لفِلم (الرغبة) مقدّمةً بديعةً مبنيةً في الأساس على تتابع نغمي سريع الإيقاع في مقام الكرد على درجة فا (فا-صول بيمول-سي بيمول-صول بيمول-فا) أي أنه يقفز نغمتين بين (صول بيمول) و(سي بيمول)، باعثًا شعورًا بالإنذار والارتباك، يليه تتابع يحافظ على الإيقاع نفسِه في مقام الحجازكار على درجة صول (شدّ عُربان)، وهذان التتابعان يتسلّمان من بداية هادئة في مقام النهاوند تعزفها الوتريات والهارپ، ويعودان إليها. والمهم في هذا الترتيب أنه يخلُق إيحاءً بارتباك المشاعر وتضاربها، ويمهد السبيل أمام قصة الفِلم المفعمة بمثل هذه المشاعر. ويظهر هذان المكوِّنان من المقدمة (البداية في النهاوند – والتتابعان في الكرد والحجازكار) في لحظات مختلفة من الفِلم ليربطا مفاصل القصة شعوريّا.

ومن زاويةٍ شخصيةٍ، فإنني رغم تفضيلي مقدّمة (انحراف) التي أبدعها أبو السعود، إلا أنني أرى مقدمة (الرغبة) هي الأنجح في أداء دورها في سياق العمل، لاسيما أنّ الجوّ الحلُميّ الذي يسِم موسيقى عمر خيرت كان متناسبًا أيَّما تناسُبٍ مع تغييرات القصة التي أجراها رفيق الصبّان (خاصةً انتقالَه بها إلى عالَم المدينة الساحلية غير المعرَّفة، حيث البحر خلفيةٌ لكثيرٍ من المَشاهد) وانحيازات علي بدرخان الإخراجية التي واكبَت هذه التغييرات. أمّا الموسيقى الروائية فلعلّ أهمّ ما فيها أغنية "الحياة بمنظار وردي La Vie en Rose" إحدى أشهر أغاني إديث پياف، والتي اختارها بدرخان لتكون الأغنية التي يراقص (شادي) عليها (نعمت). فالأغنية الفرنسية المرتبطة بالحبّ الأرستقراطيّ الحلُميّ مثَّلَت معادلًا موسيقيًّا للماضي الضائع الذي ظلّت نعمت/ بلانش تحلُم به.

اظهار أخبار متعلقة


عن سحر النصّ المتجدد:
في تقديري أنّ مسرحيةَ وليامز وفِلم إليا كازان يمثّلان وجهًا آخَر لرثاء الجنوب الأمريكي الضائع، في مقابل الوجه الذي يمثّله فِلم "ذهب مع الريح Gone with the Wind"، ولعلّها ليست صدفةً أن يشترك الفِلمان في البطلة ﭬـيـﭭـيان لي، تلك الفنانة الإنـﮕـليزية التي يقطِّر حضورُها قِيَمَ الجَمال كما عرَفتها الأرستقراطيّة الإنـﮕـليزية وكما ورثَها الجنوب الأمريكيُّ حتى تبددَت مهابتُه مع الحرب الأهلية الأمريكية. وما أعنيه أنّ فِلم "ذهب مع الريح" الذي تعايش أحداثُه سقوطَ الجَنوب الثريّ القائم على المزارع العملاقة التي تستغلّ العَبيدَ السُّود يركِّز على حياة "سكارلِت أوهارا"، وهي نموذجٌ لما يسمَّى في أدبيات النقد السينمائي الأمريكي "الجميلة الجنوبية Southern Belle"، فيما يتعاملُ نصُّ وليامز وفِلم كازان مع العالَم المضطرب الذي تجد الجميلةُ الجنوبيةُ نفسَها مضطرّةً للانخراط فيه رغم أنفها بعد سقوط هذا الجنوب بزمنٍ طويل. وفي الحالَين لا يمكننا أن نخطئ جوَّ الحنين إلى الماضي الجنوبيّ الجميل بما كان يسِمُه من استقرارٍ ورغَد. لقد كان باختصارٍ عالَمًا زراعيًّا بالأساس، تحكمُه قِيَمُ المجتمعات الزراعية، وليس فيه إلا سادةٌ أنـﮕـلوسكسونيون وعَبيدٌ أفارقة، ولا مكان فيه لاضطراب الأعراق المختلِطة وتشوُّشِها وصخب حياة المصنع، السِّمَتَين اللتَين طَبَعَتا فيما بعدُ المجتمعَ الأمريكي، وهما سِمتان نراهما بوضوحٍ في بيت ستانلي كوﭬـالسكي المهاجِر الپولندي عامل المصنع في "عربة اسمها الرغبة".

وفي الوقت ذاتِه لدينا ما يُغرينا بأن نظُنّ أنّ شخصيةَ آلان الذي لا يظهرُ إلا في ذكريات بلانش قد تكون رمزًا في ذهن مُبدع المسرحية لذلك الجنوب الساقط كلِّه، فقد كان راقيًا رقيًّا لا سبيلَ لبلانش إلى أن تجدَ معادلًا له في عالَم كوﭬـالسكي، وربما لو كان قد حظي ببعض المساندةِ لتغلَّبَ على نزوعِه المثليِّ وأكمل حياتَه رجُلًا كما يحلو لبلانش. ربما يكون هذا قد خطرَ لوليامز، وربما لا بالطبع!

وعلى أية حالٍ، فما قُلناه عن نصّ وليامز الثريّ ليس إلا مقدمةً بسيطةً للعالَمِ المسرحي الفريد الذي خلقَه، والذي نسجَ على منوالِه إليا كازان، ثمّ مُخرجونا الثلاثة الذين سحرَهم هذا العالَم، ويبقى النصُّ الأصليُّ وتجسداتُه السينمائية منفتحةً على الدراسة والتأمل.
التعليقات (1)
نسيت إسمي
الثلاثاء، 05-09-2023 03:36 م
'' السينما الكلاسيكية و الواقعية بين الغرب و الشرق '' (أفلام كلاسيكية تبرز قوة المرأة) المرأة ومنذ القدم جزء مهم من كل المجتمع، ففي الوقت الذي نميل للاعتقاد فيه بأن أفلام الأبيض والأسود، لم تمنحها حقها حيث أظهرتها بصورة تقليدية وسيئة، إلا أن المفاجأة هي على العكس، فهنالك العديد من الأمثلة التي منحتها ريادة وقيادة وأدوارا أسوة بالرجل. فهي تختلف عن تلك الصورة التي كانت تظهر أن الأفلام حينها كانت لا تعطي للجنسين بشكل متساو، ومثال للمرأة القوية التي عملت بكل شروطها وفرضت نفسها منذ بدايات السينما. وما يؤهل الفيلم النسائي ليكون مهما، هي القدرة على القبول والانصهار في المجتمع آنذاك وقوة المرأة، فمثلا في فيلم أنثى ي العام 1933 من بطولة روث تشارتون، حيث يتناول المرأة الصعبة والقوية التي تتولى منصب مديرة في معرض كبير للسيارات، وفيه تستغل الرجال في العمل وتجبرهم للعمل بساعات عمل كبيرة. وهو فيلم قوي حتى آخر 10 دقائق فيه، حيث تتغير كليا وتتنمر على ما تقوم به، خصوصا فيما يتعلق بالزواج والانجاب، حيث تقول في أحد الاقتباسات من الفيلم "هذا ما ولدت المرأة لتقوم به". وهنا وسط تعقيدات الدور وما تريد أن تقوم به المرأة وكونها معقدة أحيانا فيما يتعلق بالمشاعر ولكنها مدفوعة بمنافسة الرجل، تختلف الصورة مثلا عن أحداث فيلم 1939 النساء لمخرج جون كروكر، حيث فيه تتنافس مجموعة من النسوة للحصول على اهتمام رجل واحد، وسط قصص وأحلام رومانسية ورغبتهن بعيش حياتهن. وفي بعض الأفلام لا يتم حتى الإشارة إلى الأدوار التي لعبتها حتى لو لوحظ أنها امرأة تريد أن تحمل مسؤولية مصير بلدها ولديها اختياراتها الخاصة بها. وهذا أمر جذري حتى في أفلام اليوم، فيما الأفلام التالية الكلاسيكية تتميز بها المرأة القوية، بأدوار معقدة وعميقة ومنها: فيلم ميلدريد بيرس 1945 للمخرج مايكل كورتيز، بطولة جوان كرافورد، وفيه تعلب دور امرأة يتركها زوجها الخائن، وتعمل في وظيفة وتواصل طموحها الوظيفي كأم لديها أحلام وسط مصاعب الحصول على قبول ابنتها المدللة، والتضحيات التي تترتب على كل ذلك، وقوتها تكمن في تحقيق ما تريد ونيتها في الحصول على ما تستحقه في الحياة بجهدها. فيلم الثعالب الصغيرة من العام 1941 للمخرج ويليام وايلر وبطولة بيتي ديفيس، ويتناول قصة حسناء ارستقراطية في الجنوب، تعيش في حالة من البؤس حيث تخوض معركة لتحصيل إرثها، وتخوض معركة لتحقيق العدالة، ولكنها تواجه غضبا ورفضا واضحا من إخواتها والرجال في المحيط. فيلم "الملكة الإفريقية"، في العام 1951 للمخرج جون هيوستن وبطولة كاثرين هيبورن ومشاركة الممثل همفري بوجارت. وهنا تدور الأحداث بين زوجين غاضبين وسط الحرب العالمية الأولى في منطقة خاضعة للسيطرة الألمانية في افريقيا، ليتحول قارب الزوجين إلى زورق بحري ويدور بينهما جدل عاطفي وفكري وظروف تظهر قدرة المرأة على التحمل والتفاعل مع زوج عصبي أناني. فيلم "أنا لست ملاك" من العام 1933، للمخرج ويزلي راغلزت، وبطولة الممثلة ماي ويست وتعلب دورا كوميديا، وسط مشاحنات رومانسية بدور راقصة هزلية، وتقوم في الفيلم بمقاضاة خطيبها السابق الذي خدعها، لنكثه العهد بينهما وتفوز ولكنها في نهاية المطاف تعود إليه. فيلم فتاته الجمعة من العام 1940 للمخرج هاورد هوك من بطولة الممثلة روزاليندا راسل، وتدور الحكاية حول استخدام زوج لكل الحيل من كتاب منشور لغاري غرانت لمنع زوجة أحد موظفيه من أن تعود لزوجها، ودور الممثلة راسل بشخصية هيلدي، فهي شخصية ذكية ومفكرة، فتقلب المكائد عليه، وبالنهاية تعود لزوجها بطريقة ذكية. فيلم كل شيء عن حواء للمخرج جوزيف ال مانكيفيتس، وبطولة الممثلة بيتي ديفيس وان باكستر، ويتناول دور فتاة ساذجة وممثلة في مرحلة الشيخوخة ولها دائرة من الأصدقاء في المسرح، والفيلم يتناول معاناة المرأة في إثبات ذاتها في مجتمع ذكوري وهيمنة ذكورية، وكل تلك العوائق التي تقف أمامها لبلوغ غايتها. ما تحمله هذ الأفلام، هي صورة للمرأة الخطيرة الطموحة برغم العيوب فيها، لكنها في النهاية تؤكد أن حياة المرأة في أي زمن ليست مثالية، لكنها تحاول بعزم بلوغ غايتها وهدفها وتمسك بزمام الأمور، والضعف الحقيقي هو أن تقف مكتوفة الأيدي، بأن لا تغير شيئا، ولكن ما تظهره هذه الأفلام هو أنها تتوصل لحل في النهاية بحكم تجربتها وقوتها الخاصة. 2 ـ (أفلام أجنبية عن قصص حقيقية) فيلم مبني على أحداث واقعية هي تلك التي تحتفظ بالقصة الأصلية الواقعية دون أن يكون هناك مجال لخيال المؤلف، فيلم "شخصيات مخفية" هو فيلم يحكي قصة ثلاثة نساء من أصل أفريقي أصبحن عالمات رياضيات وكيف قاموا بمواجهة التمييز العنصري والتنمر الذي كانوا يواجهونه من أجل تحقيق أحلامهم .. الفيلم الثاني "السعي وراء السعادة" هو فيلم مستوحى من قصة حقيقية عن رجل يدعى كريستوفر جاردنر، وهو رجل أفنى جميع أمواله في الاستثمار في جهاز يعرف باسم “ماسح كثافة العظام ” والذي لا يخلف عليه أي ربح فهي لا تشكل فرقًا أفضل من الأشعة السينية، كما أن سعرها كان أعلى مقارنةً بها، مما اضطره إلى أن يفلس ولكنه كان يحاول جاهدًا أن يغطي نفقات معيشته لكن في هذه الأثناء تتركه زوجته ويطرد من شقته، مما اضطره أن يعيش في الشوارع مع ابنه الوحيد، لكنه يواصل بيع أجهزة مسح كثافة العظام بينما يأخذ في نفس الوقت تدريبًا غير مدفوع الأجر كوسيط للأوراق المالية في أحد الشركات، مع أن فرصته كانت ضئيلة في أن يحصل على منصب مدفوع الأجر في نفس الشركة، لأن عليه أن يمر بتدريب لمدة ثلاثة أشهر، وأن يتفوق على منافسيه أيضًا بينما يحاول أن يكسب قوت يومه. 3 ـ (فيلم مصري حوادث زمان سيدة تطلب ألطلاق من شخص لم يتزوجها) ذهب إلى بيت بنت الحلال ليتزوجها، ووافقت العروس وأهلها فأحضر الشبكة وتم عقد القران على يد مأذون القرية. ودخل العريس بعروسه واستمر الزواج 3 أشهر، وفجأة وجدت العروس رجال الشرطة يطرقون باب عش الزوجية، ويلقون القبض على الزوج دون أن تعلم عنه شيئا. جلست الزوجة في حيرة من أمرها، وأخذت عنوان إقامته بالقاهرة من قسيمة الزواج، وذهبت تسأل عنه، وإذا بها تسمرت في مكانها، وتملكها الخوف تضع يدها على فمها تكتم صرخة أحست أنها ستنطلق، حيث اكتشفت ان الرجل الواقف أمامها شخص آخر ويحمل نفس اسم زوجها. أثقلت رأسها بالتساؤلات.. أين زوجها؟، فقال لها الرجل أن بطاقته فقدت منه منذ فترة، وأن زوجها النصاب المزور انتحل صفته وتزوجها بعد أن قام بلصق صورته الشخصية على البطاقة. ووقف الرجل يدافع عن نفسه أمام المحكمة وبعدما تقدمت الزوجة المخدوعة برفع دعوى للتطليق يقول: إن هذا الاسم المدون في صحيفة الدعوى.. اسمه.. وهذا عنوانه.. لكنه لم يتزوج هذه السيدة المدون اسمها بتلك الوثيقة. وتقدم بإقرار موثق يؤكد بأنه لم يتزوج من هذه السيدة ولم يوقع لها على قسيمة زواج، ولم يدخل بها ويعاشرها معاشرة الأزواج. وأضاف بأنها قد حضرت إليه أكثر من مرة تطلب منه تطليقها صوريا، لكنه رفض لأنها ليست زوجته فكيف يحق له أن يطلقها؟.. وأنه متزوج ومعه زوجته الحقيقية. وجاء دور الزوجة المخدوعة، تطلب الطلاق وبصوت يشوبه حزن وحسرة تقول: إنها تزوجت على يد مأذون تابع لمحكمة الخليفة بموجب وثيقة زواج ممن ادعى زورا على خلاف الحقيقة، وأن اسمه هو اسم هذا الشخص الماثل أمام المحكمة، والذي انتحل زوجها المزور اسمه، وادخل الغش على المأذون والشهود بأنه يعمل مهندسا زراعيا، وبطاقته صادرة من مركز السلطة. وتستكمل قائلة: لقد أصبح الآن زوجها المزور مجهول الشخصية، وبذلك يكون عقد زواجها الذي بينها وبينه غير صحيح لسوء النية وانتحاله صفة زوج آخر لم يرتكب ذنب، سوى أنه فقد بطاقته العائلية، لذلك أطلب من عدالة المحكمة فسخ عقد الزواج واعتبره كأن لم يكن. وخرج الزوج البرئ، والزوجة الحائرة ليضعوا علامات استفهام أمام هذا الزوج المزور الذي جنى عليهما.