لا بد من قراءة متأنية مدققة لخطاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مؤتمر المانحين الذي عقد في القاهرة بتاريخ 12 /10 /2014. وذلك لما يتضمنه من مستقبل لقطاع غزة، وخصوصاً، وضع المقاومة، صواريخ، وأنفاقاً، وسلاحاً، ومصانع سلاح، وتهريباً له من مصر أو البحر..
حملة الانتقادات الحادة التي وجهتها الإدارة الأميركية في نقد خطاب محمود عباس في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وما تلاها وسبقها من تصريحات قادة الكيان الصهيوني ضدّه لا يشكلان شهادة له، ولا تقدمان دليلاً على صوابية استراتيجيته وسياسته بالنسبة إلى القضية الفلسطينية وإدارة الصراع ضد الكيان الصهيوني.
أصبحت التجارب العربية في الانقسامات أو التوافقات مليئة بالعبر كما عجت بحالات التآلف وبناء المحاور في ظروف رزح فيها الجميع أمام طغيان خارجي، أو داخلي، لم يترك لأية قوّة من الأطراف المعنية (المعارضة أو المقاومة أو الممانعة) سبيلاً غير اللجوء إلى التكاتف والتآزر.
ما معنى ألاّ يعود الوفد الفلسطيني الموحد بكامل عضويته إلى القاهرة لاستكمال المفاوضات غير المباشرة التي أدّت إلى وقف إطلاق النار بالرعاية المصرية وضمانها! وقد تم وقف إطلاق النار على أساس فتح المعابر من جهة الكيان الصهيوني والتقيّد باتفاق 2012 من حيث وقف الاغتيالات والإغارات الصهيونية..
ثمة مقولة شديدة السذاجة أخذت تشيع في السنوات الأخيرة وخلاصتها أن أمريكا لم تعد بحاجة إلى النفط العربي بعد أن اكتشفت كميات من النفط في الولايات المتحدة الأمريكية. مما سيجعلها من أكبر مصدري النفط في السنوات القليلة القادمة.
في السابع من أيلول/ سبتمبر 2014 خرج الرئيس الفلسطيني محمود عباس من لقاء رسمي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ليشنّ حملة شعواء ضدّ حركة حماس، وذلك في اجتماع وزراء الخارجية العرب في مجلس الجامعة العربية كما في لقاء مع عدد من الصحفيين والمفكرين المصريين.
منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وطوال الخمسينيات، وربما حتى منتصف الستينيات ظلت قراءة الوضع الدولي، وأدوار دوله الكبرى، مشدودة إلى المراحل السابقة التي كانت فيها كل من بريطانيا وفرنسا ولا سيما بريطانيا اللاعبين الرئيسين في ميادين السياسة الدولية، خصوصاً، في المنطقة العربية – الإسلامية، المسماة، زوراً، منطقة الشرق الأوسط.
الحق كل الحق مع المقاومة والشعب في قطاع غزة أن يحتفلا بالنصر احتفالاً حماسياً مهيباً، وقد فاض بالفرح والاعتزاز. وذلك بالرغم من الحزن المؤلم على آلاف الشهداء والجرحى وما حلّ من دمار هائل في البيوت، وألقى مئات الألوف في العراء.
في المؤتمر الصحفي الذي عقده نتنياهو ووزير دفاعه يعالون بتاريخ 21/ 8/ 2014 كان الغضب والارتباك علامتين بارزتين في وجه كل منهما، وفي ما أدليا به من تصريحات سواء أكان في كلمتيهما أو في رد على بعض الأسئلة.
قبل تقديم ملحوظات، أو تقدير موقف، حول معالجة النخب السياسية العربية عموماً لحرب العدوان على غزة وما برز من مقاومة وصمود شعبي استثنائيين وعظيمين، يجب، بداية، أن تُقدَّم ملحوظات على الموقف الشعبي العربي والرأي العام عموماً.
هنا تتبدّى عظمة الإنسان العادي العربي (المسلم والمسيحي) فكيف يجوز أن نسمح لمواقف رسمية عربية، بالرغم من وصولها حدّ الفضيحة والعار أن تعمم على الأمة كلها
مع هدنة الاثنتي عشرة ساعة في 26 تموز/ يوليو وصلت صور الدمار الواسع الذي سوّى عمارات وأبنية مع الأرض، ودفن تحتها ربما أكثر من 14 شهيداً كان من بينهم الأطفال والنساء والشيوخ وآباء وأمهات.
أثبتت الحرب التي خاضتها المقاومة والشعب في قطاع غزة مجموعة من الحقائق التي تفرض نفسها خلفية أو قاعدة لتقدير الموقف عسكرياً وسياسياً بعد سبعة عشر يوماً من القتال الضاري والصراع السياسي المتعدد الأبعاد، بما يسمح بإطلالة حول مستقبل الحرب في مرحلتها الراهنة واحتمالات مآلاتها