سياسة عربية

عزام التميمي يدعو إخوان مصر لرأب الصدع ولمّ شمل الجماعة

التميمي: لم يتواصل معي أحد من الإخوان بشأن المقال- أرشيفية
رأى الأكاديمي والإعلامي المختص في الفكر السياسي الإسلامي والحركات الإسلامية، عزام سلطان التميمي، أن ردود الفعل بشأن مقاله المنشور، أمس، في "عربي21" تحت عنوان "هذا ما كنت سأعمله لو كنت صاحب قرار في الإخوان"، كانت إيجابية بشكل عام.

وقال، في تصريح لـ"عربي21"، إن "معظم من علقوا على مواقع التواصل الاجتماعي كانوا مؤيدين بقوة، وقلة أعربوا عن صدمتهم لما بدر مني، على اعتبار أنهم كانوا يحسبونني مؤيدا لجناح داخل الجماعة ضد جناح آخر".

وقال: "بعض من علقوا اعتبروا أن ما كتبته يتيح للمغرضين التصيد في المياه العكرة. وبعضهم اعتبر أنني تأخرت كثيرا في ما قلت، والبعض قلل من أهمية ما قلته على اعتبار أن الأزمة داخل الإخوان من وجهة نظرهم ليست كبيرة ولا خطيرة".

وأشار "التميمي" إلى أنه حتى هذه اللحظة لم يتواصل معه أحد من الإخوان بشأن المقال، إلا أنه لم يستبعد حدوث ذلك في الأيام القادمة، خاصة أن ما كتبه لامس ما يقلق أعدادا كبيرة من قواعد الإخوان، وفق قوله.

وأضاف: "اليوم، وبعد ما كتبته هذا الصباح، تواصل معي أحد المشفقين محذرا من أن البعض قد يعتبرني متآمرا على الجماعة، فرددت عليه قائلا: (إذا كنا سنأبه لما سيردده المشككون فالأولى بنا أن نقعد ونستكين)".

وتابع: "أحمد الله أن لدي حصانة من مثل هذا التشكيك، اكتسبتها منذ ما يزيد على ستة وعشرين عاما، عندما كتبت ذات مرة مقالا في صحيفة اللواء الأردنية التي كان يرأسها حسن التل رحمه الله، وكان عنوانها (فليخرج شباب الإخوان من الشرنقة)، لعلي أصبت في جانب منها وأخطأت في جوانب، فاتهمني بعض الغاضبين المتذرعين بالخوف على الجماعة -وكنت حينها مديرا لمكتب نواب الحركة الإسلامية في عمان- بأنني عميل للسي آي إيه تمكنت المخابرات الأمريكية من دسي في صفوفهم. آذاني قليلا ما قيل، ولكني ترفعت عنه وانطلقت، أؤدي ما علي من واجب، فالله وحده نعبد، وهو الذي نرجو عفوه ورحمته، وهو الذي نبتغي رضاه".

ووجه التميمي عدّة تساؤلات، عبر "فيسبوك"، صباح اليوم، إلى الإخوان الذين فاجأهم أو أزعجهم ما كتبه بالأمس وما اقترحه من إجراءات لوقف ما وصفه بالتدهور السريع في أوضاع الجماعة، قائلا: "أسألكم بالله أن تجيبوني بكل تجرد ونزاهة: هل يوجد ضمن قيادات الجماعة، سواء في هذا الجناح أم ذاك، في الداخل أم في الخارج، من هو معصوم وفوق المساءلة والمحاسبة؟".

وتابع: "هل الجماعة شركة خاصة حتى يُترك أمرها ومصيرها إلى من تصدر لإدارتها رغم كل المؤشرات على أنه لا يجيد كتابة بيان ولا يفقه في السياسة ولا يحسن الإدارة، وما كان ليرتقي هذا المرتقى لولا ما تعرضت له الجماعة من ضربة وما تمر به من محنة؟ وألا يوجد داخل هذه الجماعة التي يعد أفرادها بالملايين حول العالم من يتقن التعامل مع الإعلام ومن لديه مراس في العلاقات العامة ومن لديه استيعاب لمجريات الأمور في المنطقة وفي العالم، وتتوفر لديه الخبرة في الإدارة والاقتصاد حتى ينبري لكل هذه المهام من لا مؤهل له سوى الانتماء التنظيمي والحظوة المزعومة عند الغائب الذي لم يعد أحد يعرف أهو حي يرزق أم بات طي الثرى؟".

وتساءل: "أليس لديكم رغبة في رؤية جماعتكم تنهض وتنفض عن كاهلها غبار الترهل وتستعيد دورها وتستأنف مسيرتها؟ أم تراكم استسلمتم للأمر الواقع وآثرتم القعود على العمل وأمنتم على مصائركم من هو عاجز عن حمل الأمانة؟ أين أنتم من شعار جماعتكم، الذي هو نداء ربكم، (وقل اعملوا)؟".

ووجه التميمي دعوة إلى الإخوان، قائلا: "أدعو جميع أطراف وأفراد الإخوان للتفكير معا في مصلحة الجماعة، وللترفع عن أي اعتبار شخصي أو مكسب مادي متوهم. تعالوا إلى كلمة سواء، رحمني الله وإياكم وهدانا سبل السلام".

وأكد في تصريحه لـ"عربي21"، أنه لا ينحاز سوى للفكرة، "والفكرة التي قامت عليها جماعة الإخوان هي الإسلام الذي ورثنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليست لي مصالح شخصية مع أي من الأطراف المتنازعة داخل الجماعة".

وأضاف: "إنما هالني ما وصلت إليه الأمور من تردٍّ، خاصة في ضوء ما صدر مؤخرا من بيانات وتصريحات تؤكد ضعف وتهافت من يتحدثون باسم الإخوان في وسائل الإعلام وفي المحافل السياسية، الأمر الذي يضر بالجماعة ويزيد من غضب وإحباط قطاع الشباب فيها، والذين هم رجال مستقبلها. فإذا انفرط عقدهم، فمن ذا الذي يحمل الهم ويبلغ الرسالة ويؤدي المهمة؟".

واستطرد: "لا شك في أن الضربة التي تلقاها الإخوان بسبب الانقلاب أخلت بتوازن كثير منهم، ولكن الخلافات التي دبت فيما بينهم يستفيد منها خصومهم المتكالبون عليهم في كل مكان داخل مصر وفي المنطقة العربية وفي الغرب والشرق على حد سواء".

وشدّد على أن "قضية الإخوان عادلة، وهم مظلومون بلا ريب، ولكن خلافاتهم وما هم فيه من حالة افتقاد للتوازن وافتقاد لقيادة على مستوى الأزمة أفقدهم كثيرا من الفرص، وما زال".

وحول توقعه بشأن تداعيات مقاله، قال: "أتمنى أن يتفاعل الإخوان مع ما طرحت، وأدعوهم مخلصا أن يفكروا مليا، فهذه الجماعة أمانة في أعناقهم، وعليهم أن يبادروا كل من طرفه برأب الصدع ولم الشمل. وأدعو من يشار إليهم بأنهم أخفقوا في المرحلة الأخيرة إلى أن يترجلوا، فبعض أخطائهم لا يكفي فيها الاعتذار، ولو كنا في منظومة ديمقراطية حقة لما قبل منهم سوى الاستقالة والإحالة على التقاعد".

وتابع قائلا: "لا أقصد من قريب أو بعيد التشكيك في نوايا أحد، وليس هذا أسلوبي، ولا أقر من يذهب في ذلك المنحى. إنما أعيب على الأساليب غير المهنية، والتصرفات غير اللائقة، والاجتهادات الخاطئة، والتصدر لمهام جسام ليسوا مؤهلين لحملها".

وأكمل: "أعلم بأن جهودا قد بُذلت من قبل لمحاولة إنهاء خلافات الإخوان الداخلية ولكنها لم تثمر، وذلك بسبب تعنت هذا أو ذاك. ولذا أدعو الجميع إلى تقوى الله عز وجل، وإنكار الذات، والتمثل بالقيم والأخلاقيات التي طالما دعونا أنفسنا وغيرنا إلى الالتزام بها. وكلي أمل ورجاء في أن تتجدد المبادرات وأن تؤتي أكلها هذه المرة".

واختتم تصريحه بالتأكيد على أن "جماعة الإخوان قامت لخدمة الإسلام وأمة المسلمين، وإذا ما تقاعس أفرادها عن حمل هذه المهمة فسوف يستبدل الله بهم من هو أفضل منهم. وما العمل من خلال جماعة الإخوان إلا وسيلة، والله هو المعبود وهو المقصود. لكنّ لهذه الجماعة إرثا عظيما، وجهادا لا ينكره إلا ظالم، وتضحيات يشهد بها القريب والبعيد، ولذلك فهي مؤهلة أكثر من غيرها لأن تصحو من جديد، وتنهض من كبوتها، وتستأنف المسيرة".

وكان "التميمي" قد قال في مقاله في "عربي21"، إنه لو كان صاحب قرار في جماعة الإخوان لأمر بإغلاق مكتب "كريكلوود" في لندن، وإعفاء جميع من فيه من أي مهام كلفوا بها من قبل، أو نصبوا أنفسهم للقيام بها من بعد، وإلغاء القرارات كافة التي صدرت عن أي جهة تدعي النطق باسم القيادة، ونجم عنها فصل أو تجميد أو غير ذلك من العقوبات بحق أي عضو من أعضاء الجماعة منذ الانقلاب العسكري الغاشم في مصر في تموز/ يوليو 2013.

وأشار إلى أنه كان سيحظر احتكار أي عمل أو نشاط أو مبادرة أو جهد يخدم الفكرة التي قامت من أجلها الجماعة، والإعلان أن هذه الأعمال أو النشاطات أو المبادرات أو الجهود مرحب بها فرديا وجماعيا وفي كل الميادين والساحات، ومن يوفق تجني الجماعة ثمار نجاحه ومن يخفق فلن يضرها إخفاقه، ولكل مجتهد نصيب.

 وأكد التميمي أنه يوجه الدعوة إلى ضرورة البدء بإجراءات عملية لرأب الصدع ولم الشمل ورص الصفوف، حتى تستعيد الجماعة عافيتها وتستأنف جهادها وتؤدي رسالتها.