سياسة عربية

ماذا في بيان حكومة الحريري.. وماذا عن سلاح حزب الله؟

سعد الحريري وميشال عون
اعتبر حزب القوات اللبنانية أن تضمين البيان الوزاري للحكومة اللبنانية بند (حق المقاومة) يعد "انتهاكا فاضحا للدستور وهيبة الدولة"، وتشريعا لحزب الله لمواصلة "مغامراته الخارجية في سوريا".

وقال النائب عن كتلة القوات اللبنانية أنطوان زهرا، في تصريحات خاصة لـ"عربي21": "لم نتحفظ على حق لبنان في مقاومة من يعتدي عليه، بل اعترضنا على عبارة حق الشعب اللبناني في المقاومة"، معتبرا أن تضمينها البيان الحكومي "يعدّ خروجا عن الدستور وسلطة الدولة".

وأقرت الحكومة اللبنانية البيان الوزاري، السبت، بعنوان "استعادة الثقة"، حيث بادرت الأمانة العامة لمجلس النواب إلى توزيع البيان فور تسلمه من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، حتى يتسنى للنواب الاطلاع عليه ووضع ملاحظاتهم، خلال مهلة الـ48 ساعة التي تسبق انعقاد الهيئة العامة أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس من الأسبوع المقبل من أجل مناقشة البيان ومنح الثقة للحكومة.

وبرز تحفظ "القوات اللبنانية"، الممثلة بخمس وزراء في الحكومة، على فقرات من البيان تتعلق ببند المقاومة وبضرورة تضمين فقرة تنصّ على حصرية السلاح بالدولة وحق المقاومة للدولة.

وكانت الحكومة الجديدة تشكلت قبل نحو أسبوع برئاسة سعد الحريري، وهي الأولى في عهد الرئيس ميشال عون، بعد نحو شهر ونصف شهر من تكليفه تأليفها.

وتضم الحكومة ثلاثين وزيرا يمثلون مختلف القوى السياسية، وبينهم حزب الله، أبرز حلفاء النظام السوري، الذي امتنع عن تسمية الحريري لرئاسة الحكومة، في حين رفض حزب الكتائب اللبنانية المشاركة.

تفويض لحزب الله

ورأى زهرا في إقرار هذا البند "تفويضا رسميا من السلطة التنفيذية وبموافقة السلطة التشريعية بالخروج عن سلطة الدولة ومرجعيتها، وإتاحة للفرصة أمام كل مغامر لامتشاق السلاح، والقيام بأفعال باسم المقاومة بما يمس هيبة لبنان، ويؤدي حتما إلى إباحة فوضى السلاح".

ويخوض حزب الله معارك إلى جانب النظام السوري بشكل رسمي منذ أكثر من ثلاث سنوات، بذريعة "مكافحة الإرهاب" ومنع تمدده إلى لبنان، فيما يتهمه معارضوه من قوى 14 آذار ومستقلون بأنه ينفذ أجندة إيرانية على حساب لبنان.

وأضاف زهرا، في تصريحات خاصة لـ"عربي21": "حزب الله يحرص بشكل متكرر لأخذ براءة ذمة في البيان الوزاري؛ لتأكيد شرعية سلاحه، وبتفويض من السلطات الدستورية اللبنانية"، مضيفا: "الجميع يدرك أن حزب الله جزء من منظومة إقليمية قيادتها إيرانية، ومهماتها ليس لها علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالمصلحة الوطنية اللبنانية ولا بالإجماع اللبناني"، كما قال.

تسويات على حساب الدولة


وانتقد زهرا علاقة حزب الله بالطبقة السياسية اللبنانية، قائلا: "الحزب يتجاوز كل الأطراف اللبنانية ومعهم الدولة، حتى أنه لا يتعب في إيجاد الذرائع في مهماته الخارجية، ويجملها بأنها لمكافحة الإرهاب بينما هي مهمات استراتيجية تتعلق بالهيمنة الإيرانية واختراق منطقة الشرق الأوسط".

تابع: "يحرص حزب الله بشكل دائم رغم فرضه للأمر الواقع بواقع القوة على تشريع سلاحه من خلال هذا التفويض الذي يحصل عليه في البيان الوزاري تكرارا"، وفق قوله.

وعن عدم بروز موقف ظاهر معارض للبند الخاص بسلاح حزب الله من قبل تيار المستقبل، حليف حزب القوات القديم، قال: "الفارق بين القوات اللبنانية وحلفائها وأصدقائها الذين تجمعهم معها روابط ثقة متبادلة هو اختلاف الأسلوب"، وأوضح: "نحن نشير مباشرة إلى الوقائع، ونسمي الأمور بمسمياتها، وهو ما يختلف عن الأساليب التسووية"، كما قال.

وأشار إلى أن "الحلفاء في قوى 14 آذار في الحكومة ترضيهم الصيغة التي اعتمدت في البيان الوزاري بحكومة الرئيس تمام سلام السابقة، وبذلك يتم تجاوز البند الصريح الذي يريده حزب الله وهو الجيش والشعب والمقاومة".

ولفت قائلا: "أصدقاؤنا (يقصد قوى 14 آذار) يعتبرون أن عدم تسمية حزب الله باسمه هو عدم تشريع مباشر لحزب الله بالمقاومة، والتي يفسرها الأخير على منواله"، موضحا: "التعبير المستخدم من دون الإشارة المباشرة إلى حزب الله بحق امتلاك حق المقاومة يرضي حلفاءنا، وفي الوقت نفسه، يقبله حزب الله؛ لأنه قادر على تأويله لشرعنة سلاحه وخياراته".

وختم زهرا: "نرفض في القوات اللبنانية ألا نكون واضحين، ولا نقبل بمبدأ التسويات التي تأتي ضد صالح الشعب اللبناني ودولته، فالأمور السيادية يجب أن تكون واضحة لا لبس فيها"، حسب تعبيره.

البيان الوزاري بنكهة خطاب القسم

وقال الكاتب والمحلل السياسي سمير منصور، في تصريحات خاصة لـ"عربي 21": "البيان الوزاري جاء من وحي خطاب القسم الذي ألقاه رئيس الجمهورية ميشال عون أمام المجلس النيابي"، مشيرا إلى أن اعتراض بعض الوزراء على بند المقاومة، باعتباره شرعنة لسلاح حزب الله، يأتي في إطار "تسجيل المواقف السياسية على بعض البنود من دون أن يكون لذلك أثر مباشر على اعتبار أن البيان الوزاري تم إقراره، وستتم مناقشته في مجلس النواب الأسبوع المقبل"، على حد تعبيره.

ورأى منصور أن "موقف القوات اللبنانية ليس جديدا، وقد عبروا عنه في الحكومات السابقة، وأيضا على الصعيد التداول السياسي الاعتيادي، وهم بموقفهم الجديد لم يستطيعوا تعطيل هذا البند، لا بل مرّر البيان بشكل سلس وسريع"، وفق قوله.

ونوه بأن للقوات اللبنانية "ممثلين في لجنة صياغة البيان الوزاري"، في إشارة إلى أنهم على علم مسبق بما تم إخراجه بشكل رسمي.  

واستبعد منصور "تطور الاعتراض على بند المقاومة"، لكنه توقع "بروز نقاشات حادة في المجلس النيابي خلال مناقشته قبل اعتماد البيان رسميا من السلطة التشريعية"، على حد تعبيره.

وجزم بأن "الحكومة الجديدة ستنال الثقة في المجلس النيابي، ولن تكون هناك أي مفاجآت أو تبدلات في المسار الذي تتجه إليه الأمور السياسية في لبنان"، كما قال.