مقالات مختارة

سياسات الرئيس المنتخب سوف تجعل أمريكا تنمو من جديد

1300x600
بينما كانت النتيجة تتضح للعيان ليلة الثلاثاء، تصرفت الأسواق المالية في البداية كما لو أن الآزفة أزفت والقيامة أصبحت وشيكة، إلا أن ذلك بدأ يتغير بشكل دراماتيكي بينما كان الرئيس المنتخب يلقي خطاب الفوز الذي اتسم باللطف والتطلع نحن الأفضل.

وبحلول عصر الأربعاء كانت مؤشرات أسواق الأسهم في الولايات المتحدة الأمريكية قد عادت بأمان تام إلى المنطقة الموجبة بينما ارتفعت محصلات الخزينة طويلة الأجل بسبب توقع نمو سريع تحت الإدارة الجديدة، فقد أخطأ الكثيرون بتعاملهم مع السيد ترامب كما لو كان مجرد سياسي مؤدلج بدلاً من التعامل معه باعتباره رجل أعمال براغماتي يفهم المحفزات الاقتصادية أفضل من أي رئيس دولة في التاريخ المعاصر. 

لقد عانى الاقتصاد الأمريكي وبلغ الدين ذروته خلال الأعوام الستة عشر الماضية بسبب فشل المؤدلجين في جانبي الممر السياسي، فقد استلم الرئيس الجمهوري جورج دبليو بوش المنتسب إلى المحافظين الجديد مهامه وهو عازم على تصدير القيم الديمقراطية الأمريكية بقوة السلاح، وكان من نتائج حرب العراق، التي كانت رد فعل منحرف على هجمات الحادي عشر من سبتمبر / أيلول، أن أضافت تريليونات من الدولارات إلى العجز القائم وفي نفس الوقت خلقت حالة من عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وأما الرئيس التقدمي الديمقراطي باراك أوباما فقد وصل إلى السلطة وهو عازم على إعادة صياغة نظام الرعاية الصحية في بلادنا، وكانت النتيجة ضريبة جديدة باهظة وبرنامج فاشل باسم قانون الرعاية المقدور عليها. 

أما السيد ترامب فهو زعيم من نوع مختلف تماماً، لا ترهق كاهليه الأيديولوجيا المتصلبة، كما أنه لا يفكر كما يفكر السياسي، ولا يتكلم أو يعظ متظاهراً بالتقوى كما يفعل السياسي، وهو ما يحوله إلى هدف سهل للشيطنة. إنه شخص ذو إحساس مرهف، يشعر بما تعانيه الطبقة الوسطى في أمريكا من آلام، وأهم ما في الأمر أنه ليس متزمتاً حينما يتعلق الأمر بالمواقف من السياسات المنتهجة، وإنما تجده يحدد أهدافاً جريئة منها ينطلق في مفاوضاته. 

تجاوبت الأسواق المالية بشكل إيجابي مع السيد ترامب لأنه سيعالج المشاكل الكبرى التي تواجه أمريكا: المبالغة في القيود المفروضة على تعاملات البنوك، انعدام السياسة المالية، قانون ضرائب فوضوي، صفقات تجارية غير عادلة. 

لقد أصيب الاقتصاد الأمريكي بحالة من الذهول بسبب المبالغة في فرض القيود منذ الأزمة المالية، وهو ما نجم عنه أبطأ تعافٍ منذ ثمانين عاماً. لقد عانت المشاريع التجارية الصغيرة تحت وطأة متطلبات برنامج أوباما للرعاية الصحية وقلصت المصارف أحجام الإقراض بسبب الشروط الصارمة المتضمنة في القيود المالية المفروضة بموجب دود-فرانك. القاعدة الائتمانية الجديدة لوزارة العمل، والتي من المفروض أن تدخل حيز التطبيق في إبريل القادم، ستكون التشريع الرئيسي القادم الذي سيقضي على مزيد من الوظائف ويلحق الضرر بالمستثمرين. لن تستطيع تخليص المجتمع من جميع النظم المقيدة دون أن توجد حوافز. إلا أن الإدارة الجديدة ستعمد إلى تقليص الأحكام غير الضرورية وستقوم بإجراء المزيد من التحليلات ذات المعنى للعلاقة ما بين التكلفة والفائدة.  

تأثير ترامب على الاقتصاد الأمريكي

فيما يتعلق بالسياسة المالية، اقترح السيد ترامب خطة بنية تحتية كلفتها تريليون دولار تمول من خلال دين زهيد تاريخياً ومن خلال شراكة ما بين القطاعين العام والخاص ستخلق الملايين من فرص العمل وتؤدي إلى انسياب السيولة. يقول الخبراء غير الحزبيين إن الإنفاق على البنية التحتية له تأثير مضاعفة اقتصادية يقدر بـ 1.6 مرات، بما يعني أن خطة السيد ترامب سيكون لها تأثير اختزالي صاف على العجوزات طويلة المدى. تناضل الاقتصاديات العالمية ضد الركود غالباً بسبب الحركة التي تتجه نحو التقشف المالي خلال فترة ما بعد الأزمة. بينما فاقمت سياسات "المال الميسر" من الهوة في الدخل، لم يكن أمام البنوك التي غلت أياديها بسبب الاختلال السياسي من خيار سوى توفير حلول غير اعتيادية. بإمكاننا تكسير الهوة في الثروة داخل الولايات المتحدة الأمريكية من خلال استبدال نسب مستوى الطوارئ بمحفزات مالية.

تبلغ نسبة الضريبة على المؤسسات التجارية في الولايات المتحدة 35 ?، وهي الأعلى في العالم المتقدم. وهذا ما دفع الشركات الأمريكية إلى تكديس ما يقدر بـ 2.5 تريليون دولار في الخارج. تقضي خطة السيد ترامب باسترجاع كل هذه الأموال وإعادتها إلى البلاد من خلال فرض رسوم استرجاع تدفع مرة واحدة وقيمتها 10 ؟، الأمر الذي سيجعل نظام الضريبة على المؤسسات التجارية في بلادنا أكبر قدرة على المنافسة. بينما كان يفضل أن يرى معدلات ضريبية تتراوح حول 15 ؟، فإن تخفيض الضرائب على المؤسسات التجارية إلى المعدلات المعمول بها في المملكة المتحدة، وهي 20 بالمائة، سيضيف 3.3 بالمائة، أو ما يقرب من 600 مليار دولار، إلى ناتجنا المحلي الإجمالي. 

يؤمن السيد ترامب بالتجارة الحرة شريطة أن تكون عادلة. لن يكون ثمة ضرورة لفرض رسوم لو أنه تم تطبيق الاتفاقيات مثل منظمة التجارة العالمية ونافتا بشكل جيد. 

ينظر الأكاديميون إلى العالم انطلاقاً من الطريقة التي تسير بها الأمور. أما رجال الأعمال فيفكرون بالعالم انطلاقاً من نظرتهم إلى ما يمكن أن تكون عليه الأمور. يعتقد الاقتصاديون أننا بصدد دورة اعتيادية جديدة من الركود، إلا أن رجال الأعمال من أمثال السيد ترامب يفهمون أن بإمكانك النمو انطلاقاً نحو التحرر من الديون الكبيرة. وبناء عليه، فإن بإمكان الولايات المتحدة الأمريكية، ومن خلال سياسات تحفز على النمو، أن تصفي العجوزات الضخمة، وأن تساند برامج الديون غير الممولة، وأن تمهد السبيل نحو مستقبل أكثر ازدهاراً واستقراراً. 

الاقتصاد الأمريكي القوي يعود على العالم بالفائدة، والرئيس المنتخب ترامب صاحب مؤهلات نادرة تجعله قادراً على الأخذ بيد أمريكا نحو النمو تارة أخرى. 

"ذي فايننشال تايمز"

* أنطوني ساكاراموتشي عضو المجلس الاستشاري الاقتصادي للرئيس المنتخب دونالد ترامب ومؤسس سكاي بريدج كابيتال.