سياسة عربية

ليبرمان والهباش.. لقاءات إعلامية "متبادلة" تُغضب فلسطينيين

هاجم ليبرمان السلطة عبر صحيفة فلسطينية ورد عليه الهباش عبر تلفزيون إسرائيلي
أجرى وزير الأوقاف الفلسطيني قاضي القضاة، محمود الهباش، حوارا مع القناة العاشرة الإسرائيلية مساء الثلاثاء، وذلك بعد أقل من 24 ساعة على نشر صحيفة "القدس" الفلسطينية مقابلة مطولة مع وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، الأمر الذي اعتبرته أوساط فلسطينية "تطبيعا إعلاميا" مع الاحتلال الإسرائيلي.

ولاقت هذه القضية تفاعلا واسعا، ودعا ناشطون فلسطينيون؛ على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى مقاطعة صحيفة القدس ومحاكمة الوزير لموافقته على المقابلة مع المحطة الإسرائيلية، حيث أطلقوا وسما خاصا تحت عنوان #اعلام_التطبيع.

"تطبيع خبيث"

من جانبه أدان المتحدث باسم "كتلة"، الصحفي الفلسطيني، محمود عياش، ما أقدمت عليه الصحيفة الفلسطينية بحوارها مع ليبرمان، واصفا ذلك "بالتطبيع الخبيث".

وأشار عياش في حديث لـ"عربي21"؛ إلى أن "هذا الفعل يعد انتهاكا صارخا لمشاعر الشعب الفلسطيني واستخفافا بأهالي الشهداء، والأسرى ومعاناتهم"، وفق تعبيره.

أما وزارة الإعلام الفلسطينية؛ فقد عقبت على المقابلة التي أجرتها صحيفة القدس مع الوزير الإسرائيلي بقولها: "كنا نتمنى ألا تمنح صحيفة القدس العريقة منبرا لقاتل، وألا تمرر الكثير من المصطلحات والمفردات المرفوضة، التي وظفها ليبرمان بعدائية مريعة"، وفق قول الوزارة في بيان.

رسائل ليبرمان

وكان ليبرمان قد وجه في مقابلته تحذيرا لحركة حماس من أن اندلاع أي حرب جديدة في قطاع غزة "ستكون الأخيرة معها"، لكنه قال إن "إسرائيل لا تنوي احتلال قطاع غزة في المواجهة القادمة".

وأضاف ليبرمان أن "إسرائيل ستسمح بامتلاك حماس ميناء بحريا وتفعيل العمل بالمطار؛ بشرط وقف بناء الأنفاق وتصنيع الصواريخ".

من جانبه، رفض المتحدث باسم حركة حماس، حازم قاسم، التحذيرات التي أطلقها ليبرمان للحركة عبر صحيفة فلسطينية، قائلا: "كيف تسمح صحيفة تدعي بأنها فلسطينية من إجراء مقابلة مع وزير إسرائيلي ثبت تورطه في جرائم حرب وقتل ضد أبناء شعبنا الفلسطيني؟"، على حد تعبيره.

وتابع قاسم: "هذه القضية لا يمكن السكوت عنها بأي شكل من الأشكال"، مستهجنا موافقة الهباش على لقاء القناة العاشرة الإسرائيلية مساء أمس وكأن شيء لم يحدث.

وأضاف لـ"عربي21" أن "كل المواثيق والأعراف الدولية تعطي لنا الحق كفلسطينيين بالدفاع عن أنفسنا ضد الاحتلال الإسرائيلي، سواء بامتلاك الصواريخ أو حفر الأنفاق"، مشيرا إلى أن "ملف الميناء والمطار هو حق مشروع لنا وليس مكرمة من ليبرمان".

أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس فلم يسلم من توبيخات ليبرمان؛ الذي اتهمه بعرقلة عملية السلام، معتبرا أن "عباس يرفض توقيع اتفاق الوضع النهائي، وأن هذا الاتفاق يحتاج إلى شخص آخر قادر على اتخاذ قرار صعب".

الهباش

أما الهباش فقد رد على ليبرمان عبر المقابلة مع القناة العاشرة الإسرائيلية، وقال: "المدعو أفيغدور ليبرمان يعيش حالة هذيان سياسي ولا يدرك ما يقول، وهو بحاجة إلى أن يكتشف نفسه من جديد، وهو في وضع لا يؤهله للتدخل بشؤون الشعب الفلسطيني، وهو عدو لشعبنا، ولم يكن في يوم من الأيام صديقا لنا حتى يقدم النصائح أو يتدخل في شؤوننا"، وفق تعبيره.

خطة إسرائيلية

تجدر الإشارة إلى أن موقع "واللا" العبري كان قد نشر تقريرا في 5 من آب/ أغسطس الماضي، أشار فيه إلى أن "إسرائيل" وضعت خطة لمخاطبة الفلسطينيين عبر منصاتهم الإعلامية، في محاولة منها لـ"كسر حاجز الكراهية بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي"، بحسب ما ورد في التقرير.

وحاولت "عربي21" التواصل مع المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، ولكنه رفض التعليق على هذا الموضوع.

ولكن مصدر مسؤولا مقربا من الوزير الهباش أشار إلى أن "السلطة الفلسطينية قامت بالتنسيق والضغط على صحيفة القدس لإجراء مقابلتها مع ليبرمان، متعهدة لها بحمايتها وتغطيتها قانونيا في حال رفع أي دعوى قضائية ضدها".

وأضاف المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، لـ"عربي21" أن "القيادة الفلسطينية تسعى من وراء هذه الخطوة إلى تحريك ملف المفاوضات المتوقف منذ العام 2014، بعد استشعارهم لخطر وصول محمد دحلان لكرسي الرئاسة"، على حد قوله.

ويشار إلى أن الهباش لم يكن أول من يظهر على الإعلام الإسرائيلي من القيادات الفلسطينية، فقد سبقه إلى ذلك وزير الأسرى أشرف العجرمي في لقائه على القناة الثانية العام الماضي، وقد أدرجته نقابة الصحفيين الفلسطينيين في وقته ضمن القائمة السياسية السوداء بسبب ظهوره على الشاشات الإسرائيلية.

وفي السياق ذاته، أعرب أمين سر نقابة الصحفيين الفلسطينيين بالضفة الغربية، حسام عز الدين، عن تأكيده بأن "النقابة ضد التطبيع مع الاحتلال ومؤسساته بأي شكل من الأشكال كون هذه القناعة تنبع من الوازع الوطني والإنساني"، على حد توصيفه.

وحول رأي النقابة باللقاءات الصحفية التي يجريها مسؤولون فلسطينيون مع الإعلام الإسرائيلي، أشار عز الدين، في حديثه لـ"عربي21"، إلى ضرورة أن "تتم دراسة هذا الملف بين النخب والشخصيات الفلسطينية لإيجاد درجة معقولة من التوافق، كون هذا الملف هو محل جدال دائم من قبل الإعلام الفلسطيني، فهناك من يعارض بشكل تام، وفريق آخر يرى أنه لا مانع من أخذ الموقف الإسرائيلي كما حصل مع مقابلة الهباش الأخيرة".