سياسة عربية

ما هي أوراق الضغط المتبادلة في الصراع المصري السعودي؟

الإعلام المصري يقول إن طهران عرضت على القاهرة إمدادها بالنفط عوضا عن السعودية- أرشيفية
اشتعلت بشكل مفاجئ أزمة سياسية حادة بين مصر والسعودية، على خلفية تصويت القاهرة لصالح مشروع قرار روسي بوقف إطلاق النار في مدينة حلب السورية، وما تبعه من وقف السعودية لإمداد مصر بالبترول.
 
وخلال اليومين الماضيين شهدت العلاقات بين الجانبين توترا غير مسبوق، حيث دشن مصريون هاشتاغ "#مصر_لن_تركع"، أكد المشاركون فيه، وكلهم من مؤيدي النظام، أن السعودية تتآمر على مصر لتركيعها، واتهموا المملكة بدعم الإرهابيين بسوريا وتأجيج الصراع الطائفي بالشرق الأوسط!
 
في المقابل شن إعلاميون وسياسيون سعوديون هجوما مضادا على النظام المصري، وقالوا إنه حصل على مليارات الدولارات من المملكة لكنه عض اليد التي ساعدته. وأعلنت قناة "العربية" الاستغناء عن معظم موظفيها في مكتبها بالقاهرة، تماشيا مع التصعيد بين الدولتين.
 
ومع تزايد وتيرة الصراع بين البلدين، فقد استخدم كل منهما أوراقا متعددة للضغط على الآخر وتليين موقفه، وردت القاهرة سريعا على الضغط السعودي بعدة خطوات تصعيدية.
 
تقارب مع إيران

وفي الوقت الذي تتباعد فيه المسافات بين مصر والسعودية، فقد أظهرت القاهرة تقاربا واضحا مع إيران، التي تعد العدو اللدود للمملكة، في المجالات الاقتصادية والثقافية.
 
وقالت وسائل إعلام مصرية مؤيدة للنظام، إن طهران عرضت على القاهرة إمدادها بالنفط عوضا عن الشحنات السعودية المتوقفة. وقال الإعلامي "سيد علي"، إن إيران مستعدة لإرسال 10 ملايين حاج لزيارة المزارات الشيعية الموجودة في مصر سنويا.
 
وأعلنت وكالة "فارس" الإيرانية الحكومية الاثنين الماضي، عن عرض مصر فيلما سينمائيا من إنتاج الحرس الثوري الإيراني يروج لقائد فيلق القدس "قاسم سليماني" في دور عرض بالقاهرة والإسكندرية.
 
ومناورات مع روسيا

وتزامن التوتر بين مصر والسعودية، مع تعاون عسكري بين القاهرة وموسكو، حيث ستبدأ السبت المقبل مناورة عسكرية كبرى بين الجيشين المصري والروسي في مدينة العلمين على البحر المتوسط تحمل اسم "حماة الصداقة"، في ظل خلاف شديد بين الرياض وموسكو حول الملف السوري.
 
وسيشهد هذا التدريب اشتراك وحدات من النخبة ووحدات المظلات وإسقاط لمدرعات من طائرات، في تأكيد على زيادة التعاون المصري مع روسيا التي استوردت منها معدات حربية ومحطة للطاقة النووية.
 
مقاطعة العمرة

ودشنت وسائل الإعلام المصرية المقربة من النظام حملة لمقاطعة العمرة دعما للاقتصاد المصري، بحجة توفير نحو ستة مليارات دولار للبلاد في ظل نقص العملة الصعبة، واعتراضا على رسوم التأشيرة التي فرضتها السعودية وقدرها 2000 ريال على كل حاج أو معتمر يؤدى المناسك للمرة الثانية.
 
وأعلن الاتحاد العام للغرف السياحية المصرية يوم الأربعاء، أن قرار مقاطعة رحلات العمرة لمدة عام واحد، أصبح ملزما لجميع شركات السياحة في البلاد.
 
ودخلت دار الإفتاء المصرية على الخط، حيث أعلنت أن تأجيل العمرة سيكون أكثر ثوابا إذا كان في أدائها ما يضر بمصلحة البلاد.
 
وقف تسليم تيران وصنافير

وتلكأت الحكومة المصرية في تسليم جزيرتي تيران وصنافير المصريتين للسعودية، وتذرعت بحكم قضائي صدر مؤخرا يرفض التنازل عنهما للمملكة.

قطع إمدادات البترول

وفي المقابل، فإن السعودية تستخدم العديد من أوراق الضغط السياسية والاقتصادية للتأثير على قرارات مصر، بدأتها بإعلان شركة أرامكو الحكومية، يوم الاثنين الماضي، عن وقف إمداد مصر بشحنات بترولية متفق عليها، بحسب اتفاق تجاري يسمح للقاهرة بالحصول على الوقود بتسهيلات كبيرة لخمس سنوات مقبلة.
 
ويشكل هذا القرار ضغطا كبيرا على مصر التي تعاني من نقص حاد في الدولار وزيادة المتأخرات المستحقة لشركات إنتاج النفط لأجنبية لدى الحكومة.
 
وقف الاستثمارات السعودية

وطالب سياسيون وإعلاميون سعوديون بوقف استثمارات المملكة في مصر، حيث تعد السعودية ثاني أكبر مستثمر في الاقتصاد المصري بحجم استثمارات يقدر بنحو ستة مليارات دولار.
 
وأشارت تقارير صحفية إلى إلغاء بعض الاستثمارات السعودية في مصر بالفعل، ضمن خطة المملكة لتقليص عجز الموازنة من بينها مشروعات عملاقة على ساحل البحر الأحمر.
 
تقارب مع تركيا

وفي اليوم التالي مباشرة لإعلان السعودية وقف إمداد مصر بالنفط، وقعت شركة "أرامكو" السعودية مذكرات تفاهم مع تركيا، الخصم الأكبر للنظام المصري، لتسهيل عمل الشركات التركية بالسوق السعودية.
 
وأعلنت الرياض استضافة اجتماع بين وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ووزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو يوم الخميس، لبحث تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بين الجانبين.
 
ترحيل العمالة المصرية

وبعد تصاعد الأزمة بين البلدين، أصبح مصير نحو مليوني مصري يعملون في السعودية، في مهب الريح، حيث أبدى عاملون في المملكة، خوفهم من أن تقوم الرياض بترحيلهم انتقاما من النظام المصري.
 
وكشفت وسائل إعلام سعودية أن المملكة تدرس حاليا، تقليل نسبة العمالة الوافدة إلى أراضيها في إطار محاربة البطالة، بترحيل من تتجاوز أعمارهم الـ40 عاما، وهو القرار الذي سيضر بشكل كبير بالعمالة المصرية.
 
ويقول مراقبون إن الاقتصاد المصري متدهور بشكل كبير ما يجعله غير قادر على تحمل المزيد من الضغوط التي سيشكلها مثل هذا القرار، حيث تعاني ارتفاعا في نسبة البطالة ونقصا في العملة الصعبة التي تمثل تحويلات المصريين في الخارج أهم مصادرها، وتعد السعودية أكبر دولة تستضيف المصريين.
 
منع اعتماد رحلات الطيران المصرية

وامتنعت السلطات السعودية عن اعتماد جداول خطوط الطيران التى أرسلتها شركات الطيران المصرية، لتشغيل رحلات بين المدن المصرية والسعودية خلال الموسم الشتوي المقبل، الذي يبدأ نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.
 
وأوضح يسري عبد الوهاب، رئيس اتحاد النقل الجوي المصري، في تصريحات صحفية، أن الشركات المصرية ستتكبد خسائر فادحة لأنها لن تتمكن من تسويق رحلاتها للسعودية قبل اعتماد "جداول الطيران" التي تحدد عدد الرحلات وتوقيتاتها.
 
تجميد المساعدات المالية

وتمثل الودائع السعودية في البنك المركزي المصري أداة ضغط قوية على الاقتصاد المصري، حيث ضخت المملكة مليارات الدولارات في شكل قروض وودائع واستثمارات منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013.
 
وترددت أنباء عن تمديد السعودية لوديعة بملياري دولار كانت مصر قد اتفقت عليها مع المملكة، لتساعدها في الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي قدره 12 مليار دولار.
 
وتواجه مصر صعوبات في إبرام الاتفاق مع صندوق النقد الذي اشترط حصول القاهرة أولا على ستة مليارات دولار كقروض وودائع، كانت السعودية المرشحة الأقوى لتوفيرها.