ملفات وتقارير

لوموند: بنكيران .. ما هو سر نجاح الإسلاميين المغاربة؟

أعاد ملك المغرب تكليف بنكيران لرئاسة الحكومة - أ ف ب
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن الدور الأساسي الذي يلعبه أمين عام حزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، لضمان نجاح حزبه في الانتخابات التشريعية؛ إذ أن هذا الفوز منحه صفة الحزب الإسلامي الوحيد الذي حافظت عليه صناديق الاقتراع بعد ثورات الربيع العربي.
 
وقالت الصحيفة في تقريرها، الذي ترجمته "عربي21"، إن بنكيران يحب البساطة، ويحافظ على هذا النمط، بغض النظر عن المنصب الذي يحتله في البلاد. وكدليل على ذلك، رفض بنكيران عندما تقلّد منصب رئيس الوزراء في سنة 2011، الانتقال للعيش في المنزل الفاخر الذي تخصصه الدولة لرئيس الحكومة، وهو ما أصبح حديث الساعة آنذاك.
 
وأضافت الصحيفة أنه حينما بلغ الثانية والستين من عمره، حقق بنكيران نصرا ثانيا لصالح حزبه، حزب العدالة والتنمية، الذي حافظ بفضل النتيجة التي حققها في الانتخابات التشريعية على ريادته في المشهد السياسي في المغرب منذ سنة 2011.
 
وتبيّن أن بنكيران شخصية بارزة في الحياة السياسية المغربية، وله قاعدة جماهيرية كبيرة، في بلد تنعدم فيه الثقة في القادة السياسيين.
 
وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من أن البعض يتهمه بالشعبوية، والبعض الآخر يسخر من لباسه غير اللائق بمنصبه، إلا أن الجميع -أعداء وأصدقاء- يعترفون بحنكته وكفاءته السياسية، ويجتمعون حول كونه العنصر الضامن لنجاح حزب العدالة والتنمية في المغرب، وحجر الأساس داخله.
 
وأضافت الصحيفة أن الوسط الذي عاش فيه بنكيران هو الذي ساعده على التمرس في عالم السياسة، وأكسبه كثيرا من الخبرة؛ فأمه كانت ناشطة في حزب الاستقلال، وكان يعيش في حي "العكاري" الشعبي في فترة ما بعد الاستقلال، التي عرفت خلالها البلاد جملة من الاضطرابات.
 
كما أنه عندما كان طالبا، احتك بحركة "الشبيبة الاشتراكية"، ليلتحق فيما بعد بحركة "الشبيبة الإسلامية". لكن الأمر تعقد إثر وفاة النقابي اليساري عمر بنجلون، واتهام الشبيبة الإسلامية بالوقوف وراء هذه العملية.
 
وبسبب القمع الذي لحق عملية اغتيال بنجلون، قرر بنكيران في بداية الثمانينات التخلي عن أعمال العنف، والخروج من مخبئه. وفي مرحلة لاحقة، قرر القيادي، بعد أن سجن عدة مرات، قطع علاقته برئيس حركة الشبيبة الإسلامية، عبد الكريم مطيع.
 
وقالت الصحيفة إن الملك الحسن الثاني كان لا يعارض دمج الإسلاميين في اللعبة السياسية. وفي تلك الفترة، قاد بنكيران مناقشات مع الضابط محمد خلطي؛ من أجل دمج عناصر من حركة الشبيبة الإسلامية داخل الحركة الشعبية الديمقراطية الدستورية، التي أصبحت منذ سنة 1998 تحمل اسم حزب العدالة والتنمية. وبعد مرور أربع سنوات، فاز حزب العدالة والتنمية بحوالي 42 مقعدا في البرلمان.
 
وفيما يتعلّق باندماج عناصر من حركة الشبيبة الإسلامية داخل الحزب الملكي، صرّح المراقب السياسي، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، بأن "هذه العناصر كانت على دراية بأسس السياسة المغربية وأهم توجهاتها، بدءا من النظام الملكي، ووصولا إلى قضية الصحراء الغربية".
 
وأشارت الصحيفة إلى أن بنكيران يتميز بشخصية براغماتية لها دهاء سياسي كبير. كما أن له قدرة عالية على فهم نوعية العلاقات بين مختلف القوى في البلاد. وبالإضافة إلى ذلك، مثّل تعيينه على رأس حزب العدالة والتنمية، خلال مؤتمر سنة 2008، مفاجأة للجميع.
 
وفي هذا السياق، صرّح عضو الأمانة العامة الوطنية، عبد العالي حامي الدين، بأنه "تم تعيين عبد الإله بنكيران أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية؛ لأن الحزب كان يبحث عن شخصية مناضلة".
 
كما قال الصحفي، عمر بروكسي، إن "حزب العدالة والتنمية تأسس بشكل جماعي؛ حيث تعلم قادته على مرّ السنين كيفية إدارة الاختلافات فيما بينهم، وهو ما مثّل إحدى نقاط القوة التي أصبح يتميّز بها هذا الحزب".
 
وتجدر الإشارة إلى أن بنكيران يتمتّع بكاريزما عالية، ولا يخلو حديثه من النكات، كما أنه كثيرا ما يستعمل اللغة العامية في خطاباته، الأمر الذي أكسبه كثيرا من الشهرة.
 
وأشارت الصحيفة إلى أن بنكيران لا يكف عن إظهار ولائه للملك محمد الخامس والسلطة الملكية، لكنه يؤكد بكل حكمة أنه يتمتع بقدر عال من الاستقلالية. في المقابل، يتهمه خصومه السياسيون بأنه ما زال يحتفظ بأفكار الإخوان المسلمين، على الرغم من أنه صرح في عديد المناسبات بأنه يقوم فقط بما يعود بالنفع على الشعب المغربي.