سياسة عربية

توقعات بغضبة شعبية غير مسبوقة على السيسي.. لماذا؟

محللون توقعوا بقاء السيسي لفترة رئاسية أخرى ما لم يتغير الوضع الحالي- أرشيفية
توقع عدد من خبراء الاقتصاد والمحللين السياسيين في مصر، غضبة شعبية في طول البلاد وعرضها على رئيس الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي، محذرين في الوقت ذاته من استمرار الوضع على ما هو عليه.

وشدد الخبراء على أن ارتفاع الأسعار "الغلاء" في مصر بات أكثر أعداء السيسي شراسة وضراوة، وغير قادر على كبح جماحه، ومنع انفضاض الناس من حوله.

السيسي في مرمى نيران الأسعار

وأكد عدد من مندوبي الشركات في مصر في أحاديث لـ"عربي21" انتشار موجة من الحنق والغضب على سياسيات السيسي التي وصفوها "بالفاشلة"، وغير "الواعية"، وأن الشكاوى طالت الشركات والتجار والمستهلكين على حد سواء، وبات لدى الجميع إحساس "بالانفجار" في أي وقت.

وقال إيهاب محمد أحد الموزعين الكبار لإحدى شركات المواد الغذائية، لـ"عربي21" إن "الشارع لم يعد على لسانه سوى ارتفاع الأسعار"، لافتا إلى وجود "غضب شعبي ترجمه العديد من التجار والمستهلكين بحملة سباب وشتائم لرأس النظام، والنظام نفسه".

وحذر من أن "استمرار شكاوى الناس دون إيجاد حلول مجدية ومفيدة، سيزيد من فساد بعض الشركات، ويساعد على الغش التجاري من جهة، واختفاء عدد كبير من السلع أو زيادة أسعارها".

الأمن في مواجهة الغلاء

وعن تداعيات تلك الأجواء القاتمة التي عبر عنها المواطنون بالرفض والامتعاض قلل المحلل السياسي المقيم في الولايات المتحدة، أحمد غانم، من قدرتها على إشعال ثورة جياع، وقال لـ"عربي21" لا يمكن أن تحدث "ثورة جياع" في مصر لأسباب كثيرة منها أن القبضة الأمنية الآن غير مسبوقة.

وتابع: بأنه إضافة للوضع العالمي الذي يتغاضى عن حقوق الإنسان في مقابل "الاستقرار" في الشرق الأوسط، ولوجود كوادر كثيرة من محركي الشارع المصري في المعتقلات أو خارج البلاد"، مضيفا سببا آخر وهو "ضعف المعارضة الشديد".

وأعرب عن اعتقاده في "أن السيسي سيستمر لفترة رئاسية أخرى على الأقل ما لم يتغير الوضع الحالي"، مشيرا إلى أن "تحويل الغضب الشعبي لثورة يتطلب عوامل كثيرة غير متوافرة حاليا، وحتى لو تبعه تحرك شعبي فيمكن إجهاضه إما بالقمع أو بالتضحية ببعض الوزراء".
 
الدولة تطحن المواطن

بدوره؛ حمل الخبير الاقتصادي، أسامة غيث، نظام السيسي المسؤولية عن موجة الغلاء، وقال لـ"عربي21": "السلطة التنفيذية في مصر وفقا للدستور يرأسها الرئيس ويعاونه رئيس الوزراء؛ فبالتالي تتحمل المسؤولية؛ لأنها اتخذت مجموعة من السياسات خلال الفترة الماضية أدت إلى رفع أسعار الخدمات والسلع".

وأضاف: "كما أنها أضافت تشريعات مثل قانون القيمة المضافة، الذي تسبب في رفع الأسعار، إلى جانب أن الحكومة توالي رفع أسعار تسعيرة الكهرباء والمياه والغاز، وغيرها من الخدمات"، منتقدا في الوقت نفسه "تحميل المواطن فاتورة عجز الموازنة العامة الموازنة بشكل مباشر وصريح".
 
وقال إن "القاعدة الاقتصادية العلمية البسيطة تقول إنه يجب توزيع الأعباء العامة على الجميع، ولكن للأسف لا يوجد تفكير متوازن في الدولة، فالفقراء ومعدومو الدخل، يتحملون عبء الإصلاح".

وعن تأثير ذلك على الشارع المصري، قال: "دعك من حديث القائد والملهم والمنقذ والبطل، فأي حاكم عندما يشعر الناس أنه لا يقدم حلولا عملية، وسريعة لمشاكلهم فإن ثقتهم في هذا الحاكم تهتز، والتفافهم حوله ينفض".

السيسي خارج الاتهام

على المستوى الإعلامي، أقر أستاذ الإعلام، سامي الشريف، بوجود غضب وقلق في الشارع المصري من ارتفاع الأسعار، ولكنه أشار إلى وجود مبالغات في تقدير حالتي الغضب والقلق، وقال لـ"عربي21": "هناك مبالغات في غير محلها بمحاولة تهويل الصورة، وإثارة بعض التكهنات، والمبالغة في ردود فعل الناس".

وأضاف: "من بعض تلك المبالغات، أن الأسعار قد تؤدي إلى ثورة جياع، أو ثورة غلابة"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن "الحكومة الفطنة الذكية يجب أن تتلمس ما تقوله وسائل الإعلام من مؤشرات وتبني سياستها على القضاء على المشكلات التي يواجهها المواطن العادي وإلا ستجد نفسها أمام مشكلة حقيقية".

وأكد أن "الدولة بكل مؤسساتها تتحمل المسؤولية؛ لأنها لم تستطع توفير مخزون جديد للدخل القومي إلا من خلال وضع أيديها في جيوب البسطاء". وقلل من أثر الغضب الشعبي من ارتفاع الأسعار، قائلا: "لم يصل الأمر إلى حد ما تنشره بعض المواقع الإلكترونية أن ما يحدث هو نهاية عهد السيسي".

ولكنه أعفى في الوقت نفسه "السيسي" من تحمل المسؤولية، قائلا: "يجب الفصل بين رئيس الدولة والحكومة، فالسيسي يقوم بجهد خارق، ويسير بخطوات واثقة وسريعة ولا تلاحقه الحكومة الحالية، وبالتالي هي ليست معبرة عن الناس أو رئيس الدولة".