سياسة عربية

رفض قبطي لدعوات الكنائس بدعم السيسي في أمريكا

ناشد موقعوا الرسالة الكنائس المصرية بضرورة الابتعاد عن السياسية- أرشيفية
أثارت دعوات الكنائس المصرية، خاصة الكنيستين "القبطية ‏الأرثوذكسية" ‏و"الإنجيلية"، لحشد المصريين المسيحيين بأمريكا لدعم رئيس الانقلاب عبد الفتاح ‏السيسي أثناء ‏حضوره اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، جدلا بين ‏مؤيدين ‏لدعوات الكنائس من منطلق الحرص على مساندة السيسي، ‏ومعارضين لها من منطلق اختلاف مع سياسات وأداء النظام الحالي، ‏وآخرين ‏رافضين لتدخل المؤسسات الدينية في السياسية.
 
وأعلن ما يقرب من مائتي قبطي - في رسالة مفتوحة وجهوها لنظام السيسي والكنائس والمجتمع المدني- رفضهم دعوات الكنائس لتنظيم مظاهرات داعمة للسيسي في أمريكا، مناشدين الكنائس المصرية بضرورة الابتعاد عن السياسة والاكتفاء فقط بالدور ‏الروحي ‏والديني المنوط بها.
 
وقالوا: "كان لابد لنا أن نطرح رؤيتنا حول تلك الأزمة ‏وتداعياتها ‏المستقبلية في إطار إيماننا بواجبنا تجاه المجتمع المصري بصفة عامة ‏والمواطنين ‏المصريين المسيحيين بصفة خاصة". ‏

وأضافوا: "نرى منذ خطاب 3 تموز/ يوليو 2013 أن النظام الجديد ‏استحسن الزج بالكنائس ‏المصرية في المعادلة السياسية كممثلين -وحيدين- عن عموم ‏المواطنين المسيحيين، ‏وتجلى ذلك في تشكيل لجنة الخمسين لتعديل دستور 2012؛ حيث ظهرت ‏الكنائس ‏الثلاث كممثلين عن عموم مسيحيي مصر".
 
وذكروا أنه أنتج دستورا يضم مواد تعزز من ‏سطوة ‏المؤسسات الدينية على المواطنين خاصة المسيحيين، من خلال المادة الثالثة، ‏وفي‏ أحد أهم الملفات الشائكة وهو "الأحوال الشخصية"، والذي أثار جدلا واسعا في ‏العقدين الأخيرين على الأقل.

وأضافوا: "لا يصح أن نقبل أن تقوم الكنيسة سواء بناء على عمل طوعي منها أو بطلب ‏من ‏النظام أن تتعامل مع المواطنين المصريين المسيحيين بمنطق الشحن والتعبئة". ‏

وأكدوا إيمانهم بحرية الرأي والتعبير للجميع في إطار سياسي مدني غير ‏موجه ‏من قبل مؤسسات دينية؛ مشددين على رفضهم أن تتصدر الكنائس المصرية ‏مشهد ‏الحشد والتعبئة لمظاهرات سواء داعمة أو مناهضة للسيسي؛ وهو أمر يمثل ‏خروجا ‏عن القواعد الديمقراطية وإقحام للدين في السياسة. ‏

واستطردوا قائلين: "رغم العلاقة الدافئة بين النظام القائم والكنائس المصرية، ظل بسطاء ‏المواطنين ‏المسيحيين، وخاصة في القرى والنجوع ومحافظات الجنوب، يعانون من ‏العنف ‏الطائفي والتمييز".

وتابعوا: "لم تختلف سياسات النظام الحالي في التعاطي مع أحداث العنف الطائفي المختلفة ‏التي ‏تمس مواطنين مسيحيين عن سابقيه، ولم تختلف نتائجها ومردودها عنهم، ‏فظلت ‏منازل ومتاجر المواطنين المسيحيين عرضة لهجمات المتطرفين، وظلت ‏أزمات بناء ‏الكنائس حاضرة وبقوة، كما استمرت سياسات إفلات مرتكبي تلك الجرائم ‏من العقاب ‏واللجوء إلى جلسات الصلح العرفية بدلا من إعمال القانون". ‏

وأوضحوا أن العلاقة بين النظام الحالي والكنائس انعكست على مشروع قانون بناء وترميم ‏الكنائس، ‏فتم قصر جولات مناقشة مشروع القانون على ممثلي الكنائس والحكومة ولم ‏يتم طرح ‏القانون لحوار مجتمعي؛ بل سعى النظام لتمرير القانون عبر "البرلمان" ‏دون الاكتراث ‏لكثير من التحفظات من قبل الرأي العام؛ الأمر الذي نتج عنه تقنين ‏للسياسات التي وصفوها بالبائدة ‏التي عانى منها المواطنون المسيحيون في مصر. ‏

وحذر الموقعون على الرسالة (من بينهم نشطاء وصحفيون وسياسيون وحقوقيون أقباط) من خطورة استمرار الزج بالمؤسسات الدينية بشكل عام، والكنائس ‏بشكل ‏خاص، في المعادلة السياسية وسط مجتمع يعاني من أزمة طائفية بالأساس. ‏

وحملوا نظام السيسي والكنائس "تبعات ذلك على بسطاء المواطنين المسيحيين الأقباط؛ فلم ‏يعد ‏من الخفي ما يعانيه المواطنين المسيحيين من أزمات جراء دخول الكنائس ‏كطرف ‏بالمعادلة السياسية، حتى لا يتحمل المواطنين المسيحيين خاصة في الصعيد ‏تبعات المواقف السياسية التي يتخذها قيادات الكنيسة".‏

وأكدوا دور المجتمع المدني، أحزابا، ومؤسسات ونقابات، وجمعيات، في ‏تصحيح ‏الخلل الذي دام لعقودٍ بإعادة دمج المواطنين المسيحيين في إطار معادلة ‏ديمقراطية ‏تقوم بالأساس على مبادئ المواطنة والمساواة، بحيث يعبر المواطنون ‏المسيحيون ‏أنفسهم عن همومهم ويشاركون في طرح حلول ورؤى لمعالجة الأزمات ‏التي تواجههم ‏في إطار مجتمعي وبالمشاركة مع أقرانهم من المواطنين. ‏

ودعوا المجتمع المدني ليقوم بدوره المنوط به في التعاطي مع هموم ‏ومشكلات ‏المواطنين المسيحيين في إطار مدني ديمقراطي، مؤكدين أنه "لا يمكن ‏الوصول لحلول ‏حقيقية لتلك الأزمة إلا بمشاركة مجتمعية متكاملة وبوضع هموم ‏ومشكلات المسيحيين ‏من تهميش وتمييز وعنف طائفي، على قائمة أولويات الأحزاب ‏والمنظمات والنقابات". ‏