ملفات وتقارير

مصر.. نقص حاد بالمحاليل الطبية وأنباء عن احتكار الجيش لها

حجم استهلاك السوق المصري من المحاليل الطبية يصل إلى 120 مليون عبوة سنويا
تعاني مصر من نقص حاد في المحاليل الطبية، منذ شهور طويلة، إلا أن الأزمة تفاقمت في الأيام الأخيرة الأمر الذي بات يهدد حياة ملايين المرضى، حيث ارتفعت أسعار المحاليل لأكثر من خمسة أضعاف وسط أنباء حول احتكار الجيش لها على غرار حليب الأطفال.
 
وكانت الحكومة قد سحبت العام الماضي بشكل مفاجئ وغير مبرر، بحسب مراقبين، ترخيص أكبر مصنع في البلاد لإنتاج المحاليل الطبية، وتعمدت المماطلة في السماح له بالإنتاج مجددا، ما ضاعف من معاناة مرضى الغسيل الكلوي والرعاية المركزة، وتسبب في إغلاق أقسام العمليات ببعض المستشفيات.
 
الجيش يعطش السوق
 
ومع تفاقم الأزمة، تزايدت المخاوف من احتكار الجيش لإنتاج هذه العقاقير الحيوية والتحكم في أسعارها، حيث نشرت حركة تطلق على نفسها اسم "ضباط من أجل الثورة"، عبر صفحتها على "فيس بوك" بيانا بعنوان "الجيش والسبوبة وتخريب مصر" قالت فيه، إن مساعد وزير الصحة، وهو لواء سابق بالجيش، سحب توكيلات استيراد ألبان الأطفال من مستوردي القطاع الخاص والشركات الحكومية معا، ومنح استيراده للجيش بشكل احتكاري، وتعمد تعطيش السوق قبل طرح عبوات الجيش بسعر 30 جنيها بدلا من 18.
 
وأوضح أن الشركة التابعة للجيش التي تولت توزيع الألبان هي "فارما اوفر سيز" يديرها "أحمد جزارين" زوج "عزة مميش" شقيقة الفريق "مهاب مميش" رئيس هيئة قناة السويس.
 
وتابع البيان أن الأمر ذاته يحدث الآن مع قطاع المحاليل الطبية، حيث أصدر اللواء مساعد وزير الصحة أوامره بغلق "المتحدون فارما"، ومنذ أيام أعلن المتحدث باسم وزارة الصحة أن الجيش سيتدخل لحل الأزمة عبر توريد المحاليل الطبية للمستشفيات.
 
وفي مداخلة هاتفية مع قناة "مكملين"، قال "محمد فتحي"، العضو السابق بمجلس نقابة الصيادلة، إن الجيش يقوم بصنع أزمة كبيرة في المحاليل الطبية بالمستشفيات، تمهيدا لتدخله وضخ كميات كبيرة بسعر 20 للعبوة، بدلا من 4 جنيهات في الوقت الحالي.
 
واتهم "فتحي" الجيش بتعطيش السوق والمتاجرة بسلعة تتعلق بحياة المواطنين، مستغلا الاحتياج ونقص الإنتاج لكي يتدخل ويضع السعر الخرافي.
 
وقال "محيي عبيد" نقيب الصيادلة، إنه تمت الموافقة على تخصيص قطعة أرض مجانا بمحافظة سوهاج لإنشاء مصنع للمحاليل الطبية، كاشفا أنه سيتم إنشاؤه قريبا لسد احتياجات السوق المحلى، دون أن يوضح الجهة المالكة لهذا المصنع.
 
إغلاق تعسفي لأكبر مصنع منتج
 
وقال عصام عبد الحميد، عضو مجلس نقابة الصيادلة، إن السوق يعاني من نقص حاد يصل إلى نحو 50% بسبب إغلاق مصنع "المتحدون فارما"، في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بعد تسمم ووفاة عدد من الأطفال بمحافظة بني سويف، نتيجة تناول محاليل طبية منتهية الصلاحية من إنتاج الشركة.
 
وأضاف عبد الحميد أن قرار وزارة الصحة بإغلاق المصنع كان تعسفيا، حيث تم تحميلها المسؤولية عن إعطاء الأطفال دواء منتهي الصلاحية، ما تسبب في وفاتهم، وهو أمر لا علاقة للشركة به بل هو خطأ الطاقم الطبي، الذي لم يراجع صلاحية الأدوية مسبقا، مؤكدا أنه لا يوجد دليل حتى الآن على أن وفاة الأطفال كان بسبب المحاليل، خاصة أن المصنع المغلق قام بتوريد آلاف العبوات إلى العديد من المستشفيات، ولو كانت هناك مشكلة في إنتاجه، لتوفي آلاف المرضى وليس اثنين فقط.
 
وبحسب بيانات وزارة الصحة، فإن حجم استهلاك السوق المحلي من المحاليل الطبية يصل إلى 120 مليون عبوة سنويا، توفر منها "المتحدون فارما" 50 مليون عبوة، ومنذ إغلاق المصنع دخلت مصر في أزمة حادة.
 
وقال عبدالله محفوظ، رئيس مجلس إدارة الشركة، في تصريحات صحفية، إن "المتحدون فارما" انتهت من إعادة تأهيل المصنع وفقا للاشتراطات التي فرضتها وزارة الصحة للسماح لها بالعودة للإنتاج، موضحا أن هذه الاشتراطات لم تكن سوى زيادة أعداد مكيفات الهواء وإدخال بعض التعديلات على أرض المصنع وإعادة طلائه!.
 
وأكد أسامة رستم، نائب رئيس غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات المصرية، أن المصنع نفذ اشتراطات وزارة الصحة كافة لإعادة فتحه، إلا أن الحكومة تماطل حتى الآن في السماح له بإعادة الإنتاج.
 
وأكد رستم في تصريحات صحفية أن وزارة الصحة أغلقت المصنع بالكامل بسبب وفاة الأطفال، على الرغم من أن الأزمة كانت تتعلق بخط إنتاج واحد فقط وليس المصنع بأكمله، وطالب وزارة الصحة بسرعة الموافقة على إعادة تشغيل المصنع الذى ينتج 50% من الاستهلاك المحلي، ولا يمكن الاستغناء عنه أو تعويض هذا النقص باللجوء للاستيراد؛ بسبب تكلفتها الباهظة في ظل أزمة نقص الدولار.
 
من جانبها تتهم الحكومة الشركات المنتجة للمحاليل الطبية بافتعال الأزمة وببيع إنتاجها في السوق السوداء، بحثا عن تحقيق مزيد من الأرباح.
 
ونقلت صحيفة "اليوم السابع" عن مصادر حكومية قولها إن الإنتاج المحلي يفوق الاستهلاك، لكن بعض الشركات تقوم بتخزين المحاليل لبيعها في السوق السوداء بدلا من توريدها للمستشفيات لتحقيق أرباح مضاعفة.