مقالات مختارة

العلاقات مع إسرائيل

1300x600
تبدو تركيا تغرد خارج سياق سياساتها السابقة -سواء مع إسرائيل أو مع روسيا- لكن الحدث الأبرز الذي شهده هذا الأسبوع، تمثل في توقيع اتفاق تطبيع العلاقات الثنائية بين تركيا وإسرائيل.

بعد ست سنوات من حادثة سفينة مرمرة التي قتل فيها تسعة أتراك، والتي فتحت أمام تراجع العلاقات بين البلدين توصل الطرفان إلى اتفاق تاريخي.

تحقق شرطا تركيا الأولان وهما: الاعتذار والتعويض على الضحايا.

الاعتذار في الأساس حصل في 22 مايو 2013 على لسان رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو برعاية الرئيس الأمريكي باراك أوباما. أما التعويض فلم يكن في الأساس مشكلة كبيرة فالخلاف كان على الرقم الذي اتفق أخيرا أن يكون عشرين مليون دولار.

كان شرط رفع الحصار عن غزة الثالث والأخير في القائمة التركية -الاتفاق لم يترجم هذا المطلب- اكتفى الأتراك بـ"تخفيف المعاناة" عن غزة كما قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم، وإن اعتبر أن هذا خطوة على طريق رفع الحصار.

الاتفاق يسمح بمساعدات تركية متعددة لغزة، لكن عبر ميناء أشدود وبإشراف وتفتيش ورقابة إسرائيلية ومن ثم ينقلها الإسرائيليون إلى هناك. أما من الجانب الإسرائيلي فقد تضمن الاتفاق عودة السفراء وعدم ملاحقة الجنود الإسرائيليين المتورطين في قتل الأتراك، وتقييد عمل حركة حماس على الأراضي التركية. كذلك مد خط لتصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر تركيا وتوريد الغاز إلى تركيا.

اتفاق يتيح عودة إسرائيل إلى تركيا سوقا واسعة والاستفادة من التنسيق العسكري والاستخباراتي، ومواجهة الأعداء المشتركين مع اختلاف طبيعة هؤلاء الأعداء. اتفاق يعيد إسرائيل إلى دولة مسلمة كبيرة ومؤثرة في المنطقة.

وفي الوجه الآخر اتفاق يعيد إحياء جانب من الوضع الاقتصادي التركي ومنه قطاع السياحة.

لكن تركيا تأمل أن يكون الاتفاق خطوة على طريق تقديم إسرائيل الدعم الاستخباراتي والعسكري في الحرب التركية ضد حزب العمال الكردستاني في تركيا وحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا. وهو ما كانت فعلته في التسعينيات وانتهى إلى مشاركة إسرائيل في اعتقال زعيم حزب العمال عبدالله أوجلان في العام 1999.

كما أن تركيا تأمل أن يؤدي الاتفاق إلى تخفيف الضغوط الأمريكية على تركيا بشأن محاربة الإرهاب، كما تغيير موقف أمريكا من دعمها للأكراد السوريين. ولا شك سيكون للاتفاق تأثيرات إقليمية أبعد من حدود العلاقات الثنائية.

الجميع سينتظر ما إذا كان ذلك مقدمة لتشديد الضغوط التركية وإسرائيل على النظام في سوريا وحلفائه من إيران إلى حزب الله، وما إذا كان ذلك مدخلا إلى تحسين العلاقات بين تركيا ومصر، على اعتبار أن الموقف من غزة ومن حماس يثير حساسية مصر، ومصر لن تكون مرتاحة إلى اتفاق يعزز موقع تركيا في غزة وفي فلسطين، وإسرائيل لا يمكن إلا أن تأخذ في الاعتبار الموقف المصري، فهل كان ذلك جزءا غير مباشر من الاتفاق التركي - الإسرائيلي؟

لا تنفصل العلاقات التركية مع إسرائيل عن العلاقات بين تركيا وحلف شمال الأطلسي وكل المنظومة الغربية. بل إن اعتراف تركيا بإسرائيل في العام 1949 كان جزءا من قبول تركيا عضوا في المنظومة الغربية وحمايتها من الخطر الشيوعي وخطر الاتحاد السوفيتي حينها.

لذا نلاحظ أنه رغم كل التوتر في العلاقات بين أنقرة وتل أبيب في أكثر من حقبة سابقة وحالية، كانت العلاقات تحتفظ بالعلاقات الدبلوماسية، وتحافظ على زخم التعاون الاقتصادي والحد الأدنى من التنسيق الأمني والعسكري والاستخباراتي.

عن صحيفة الشرق القطرية