قضايا وآراء

رد على رسالة د. عزام التميمي

1300x600
طالعت بالكثير من الدهشة مقال الأستاذ "عزام التميمي" ردا على دعوة المهندس "أبو العلا ماضي" للإخوان بأن يختاروا بين أن يكونوا جماعة دعوية أو حزبا سياسيا، ومثار دهشتي يكمن في كل ما احتواه المقال من محاولات تفنيد هذه الدعوة والرد عليها رغم الجهد الجهيد الذي بذله الأستاذ "عزام التميمي" لكى يبدو موضوعيا!!

فقد بدأ سيادته مقاله بالتشكيك في سبب خروج م/ أبو العلا من جماعة الإخوان لأنهم رفضوا رؤيته بأن يختاروا بين أن يكونوا جماعة دعوية أو حزبا سياسيا حيث بيّن سيادته أنه "يعرف" بأنّ خروج م/ أبو العلا لم يكن لهذا السبب؛ و"إنما" لخلاف على مشروع تأسيس حزب سياسي للإخوان!!! فكان كمن فسر الماء بعد الجهد بالماء!!!... أليست مطالبته لجماعة الإخوان بتأسيس حزب سياسي يكون مستقلا عن الجماعة هو عين تطبيق رؤيته بفصل الدعوي عن السياسي؟!

ثم يعود سيادته ويتساءل "ماذا أنجز م/ أبو العلا ورفاقه الذين انشقوا عن الإخوان عام 1995 أي بعد 20عاما؟ وأين هو الدليل الذي يثبت به صواب رؤيتهم وصحة منهجهم؟!".

اقرأ أيضا: رسالة إلى الأخ "أبو العلا ماضي"

وفي هذا الصدد أود أن ألفت نظر سيادته إلى ما يلي:

هل تبني مشروعا فكريا سياسيا حضاريا كمشروع حزب الوسط، والإصرار عليه رغم المحاولات الدؤوبة من الدولة ومن الإخوان للقضاء عليه حتى رأى النور بعد ستة عشر عاما وبسبب الثورة.. أليس هذا إنجازا وبإمكانيات أفراد وليست جماعة كبيرة راسخة عمرها ثمانون عاما؟! ألا تحمد تلك الإرادة الجبارة على تحقيق هذه الرؤية؟!

ثم أليس ما حدث من كوارث كبرى للإخوان والوطن أصدق دليل وأكبر برهان على صواب رؤيتهم وصحة منهجهم؟!

إذا لم تمتلكوا كإخوان القدرة على النقد الذاتي والمراجعة والتحليل لتدركوا أسباب هذه الكارثة فهذه كارثة في حد ذاتها، وأنكم بذلك لتثبتون صحة تحليل م/ أبو العلا ماضي للجماعة بأنها ناجحة دعويًا فاشلة سياسيًا.

ثم أليس الدين "النصيحة"!! فإذا كنتم غير قادرين على الرؤية والتحليل؛ أترفضون النصيحة المخلصة بدلا من تدارسها أليست تلك طامة كبرى!!

ثم أتلوموننا كحزب الوسط على "الصبر" وهو فضيلة كبرى، وتعتبرون في عدم وصولنا للحكم "فشل"!! ... ولكننا نعتبر النجاح الحقيقي هو الوقوع في مربع الحق ومساندته والدفاع عنه ولذلك كنا معكم ودافعنا عن الشرعية ودفعنا الثمن. النجاح الحقيقي هو الثبات على الحق ووضوح الرؤية والإخلاص للوطن، أما ثمرة النجاح فنحن لا نتعجلها وستأتي في وقتها الذي حدده الله الذي قال "وبشر الصابرين"..

ويعود سيادته ويتساءل "هل سمح العسكر ومن يدعمهم إقليميا ودوليا لأحد بأن يُمارس السياسة في مصر يا أبا العلا"! وهو تساؤل عجيب إذ أنَّ الماضي القريب جدا الذي نتذكره جميعا وعايشناه، ورغم أن العسكر ومن يدعمهم إقليميا ودوليا لم يسمحوا لأحد بممارسة السياسة؛ قام "أبا العلا" ومن معه من "المنشقين" عن الجماعة بممارسة السياسة رغم أنف العسكر من خلال المحاولات المستمرة والدؤوبة لتأسيس حزب الوسط، ومن خلال تأسيس حركة كفاية التي تأسست في بيت "أبا العلا"، ومن خلال تأسيس الحركة الوطنية للتغيير التي كتبت بيان تأسيسها عصام سلطان– فك الله أسره – ألم يكن كل هذا العمل "سياسة" ؟!

ألم تؤدي كل هذه الجهود التي تضافرت مع مختلف القوى السياسة التي كانت تسعى للتغيير هي إرهاصات الثورة ومن أسباب اشتعالها؟!

إذا لم يكن كل ذلك سياسة فما هو تعريف السياسة عندكم دام فضلكم؟!

وبعد أن بين سيادته أنه من المبكر تقييم ماقامت به حركة النهضة في تونس في فصل الدعوي عن السياسي، فقد فاجأني الأستاذ "عزام" باقتراح طرحه على الأخ "أبو العلا ماضي" أن يترك الإخوان وشأنهم!! فمهمة حل أزمتهم سيضطلع بها أبناء الجماعة وبناتها كما فعلوا في المرات السابقة، على الرغم من أنَّ السطور التي تلت هذا الاقتراح أكد فيها سيادته أنَّ القضية لم تعد قضية الإخوان وإنما قضية وطن مصري!! ما هذا التناقض!! إذا كانت قضية وطن فلماذا يضطلع بحلها أبناء الجماعة وبناتها!! وليخرج منها "أبا العلا".. هل نفهم من هذا أنَّ الجماعة في غنى عن باقي أبناء وبنات الوطن؟! وهل حلت أبناء وبنات الجماعة أي أزمة أو نكبة ألمت بالجماعة أم أنَّ الجماعة قد ضربت من نفس الجحر مرتين وثلاث وعشرة!! طوال تاريخها ومنذ نشأتها وبنفس السبب ومن نفس المصدر!!

وهنا أود أن أطرح على الأستاذ "عزام التميمي" وجميع أبناء الجماعة المخلصين سؤالا دائما ما يُطرح في مراكز الفكر والبحث "think tanks"وهو "ماذا لو؟" ماذا لو لم تتجه الجماعة منذ نشأتها بالخلط بين العمل الدعوي والسياسي واكتفت بالعمل الدعوي فقط؟

هل كانت الجماعة ستصطدم بنظم الحكم المتعاقبة منذ نظام الملك فاروق ثم جمهوريات عبدالناصر والسادات ومبارك ثم أخيرا انقلاب السيسي؟

هل كانت ستوفر لهم حالة السلام في البعد عن الصراع مع السلطة المزيد من التركيز وعدم الخوف الغالبية العظمى من أبناء المجتمع من الانضمام "لجماعة محظورة" -من وجهة نظر السلطة- وما أثر ذلك على انتشاركم في هذا المجتمع؟ هل تخيلتم مدى تراكم القدرات البشرية والمادية الذي كانت ستكون عليه الجماعة دون التعرض لهذه النكبات؟

هل كانت هذه الأشكال الضالة المسماة بـ "المواطنون الشرفاء" لتظهر بهذه الكثافة من مجتمع مؤمن إيمانا صحيحا؟

هل كانت نظم الحكم الفاسدة الفاجرة تستطيع أن تسوق مجتمع مؤمن إيمانا صحيحا، وتزور في نتائج انتخابات، وتشتري الذمم والضمائر؟

أذكركم بمقولة الرسول الكريم لأحد أصحابه الذي كان يشتكي التعذيب والعنت "ولكنكم قوم تستعجلون"... ولكنكم قوم تستعجلون ولذلك لا تصلون!!

من هذا المنظور أرى أنَّ نصيحة "أبا العلا" لكم هي نصيحة مخلصة من قلب مخلص لرجل وطني كان سلوكه دائما مثالا وتطبيقا لشعار الوسط وسياسته.. "الوطن قبل الوسط".

من هذا المنظور أرى أنَّ نصيحة "أبا العلا" هي الحل الأكيد لكي تأتي لكم الدنيا ويأتي لكم الحكم دون أن تطلبوه... ولكنكم قوم تستعجلون.

من هذا المنظور أرى أنَّ نصيحة "أبا العلا" هي حجر الأساس لكي تصلوا إلى "العلا".

إخواننا الإخوان ليس هذا وقت التراشق والفرقة؛ ولكنه وقت الدرس والبحث.. وقت الوحدة والتلاحم.

إنه ليحزنني أن أرى فرق الفسدة والمفسدين وقد تجمعوا لأنهم يعلمون أنَّ في تفرقهم نهايتهم، وأن أرى فريق الثورة والعدل والحرية والكرامة وقد تشتت به السبل ولا يتحمل أحدهم النقد من أخيه على الرغم من أنَّ هذا النقد هو حجر الأساس لنتعلم من أخطائنا التي وقعنا فيها جميعا... أفيقوا يرحمكم الله، واعلموا من هو العدو ومن هو الصديق... أفيقوا وحولوا قدراتكم المهولة في إيذاء وتنفير كل من وقف معكم وأيدكم وساندكم إلى قدرة مهولة على الحشد والوحدة، وكفاكم أذى في أبناء وبنات الإخوان!!!