كتاب عربي 21

هل من جديد في السياسة الخارجية التركية؟

1300x600
قال نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كورتولموش في بداية الشهر الحالي إنّ هناك حاجة لإجراء تغييرات في السياسة الخارجية التركية، مشيراً إلى أنه سيتم اتخاذ خطوات جديدة فيما يخص سوريا، والعراق، وروسيا، والاتحاد الأوروبي، وإسرائيل، ومؤكداً في الوقت نفسه أنَ هناك مناخاً من التغييرات التي تتم بشكل سريع في السياسة الخارجية.

وفي هذا السياق قال كورتولموش: "بات من الضروري جدا إجراء تغييرات في بعض التطبيقات التي كنا نقوم بها في السابق، إن العالم بأسره دخل في مرحلة صراع كبيرة، نحن وإن أردنا لا نملك القوة الكافية لحل المشاكل جميعها، ما علينا القيام به هو تخفيف الصراع في مناطق النزاع المحيطة بتركيا، على تركيا أن تخفف على الأقل الجانب الخاص بها، والمتعلق فيها من النزاعات التي تشكل فيها طرفا".

هذه التصريحات توحي بأنّ هناك خطّة جديدة ما لإعادة تفعيل السياسية الخارجية التركية، لكن في حقيقة الأمر لا شيء جديد في هذه التصريحات حتى الآن، وكل ما قيل عن تفاصيلها لاحقا إنما يتّصل بحكومة رئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو، إذ من المعروف أنه كان يحاول إيجاد بعض التوازنات إزاء المواقف الأخرى الأكثر تشدداً لاسيما في العلاقة مع أوروبا ومصر وإسرائيل.

وباستثناء بعض الخطوات التي من المتوقع اتخاذها لاحقا على صعيد إحداث بعض التغييرات والتنقلات داخل وزارة الخارجية، فإن كورتولموش لم يأت بجديد عندما أشار إلى بعض الملفات الإقليمية. فالجهود لإعادة العلاقة مع إسرائيل لم تنطلق الآن وإنما في عهد الحكومة السابقة، ومن المعروف أن تقدما قد تحقق في هذا المجال لكن المفاوضات كانت قد توقّفت مع المشاكل التي طرات بين الحكومة والرئاسة التركية الشهر الماضي.

أما في الملف الروسي، فإن الموقف التركي المطالب بضرورة إعادة العلاقات إلى ما كانت عليه هو موقف نابع منذ اللحظة الأولى للتصادم الذي حصل، إذ لطالما طلب الجانب التركي أيضا إجراء مقابلة مباشرة بين أردوغان وبوتين لحل الموضوع وسط رفض الجانب الروسي لهذا الأمر.

وفيما يتعلق بالملف العراقي، فإن موقف الحكومة التركية الثابت هو محاولة دعم تحسين العلاقة بين الحكومة المركزية وإقليم شمال العراق، وليس في هذا أيضا أي جديد أيضاً، علماً أن الجانب التركي كان يعتبر أ لى وقت قريب بأنّ ماحلوة التقرّب من الحكومة العراقية قد تحررها من الارتهان الايراني، لكن محاولات عتق الحكومة العراقية من التبعية لإيران لم تنجح.

وفيما يتعلق بالملف السوري لم نر إلى الآن أي تحوّل إيجابي في طريقة إدارة أو وضع تصوّر استراتيجي لطريقة التعاطي مع هذا الملف. وعلى الرغم من أنه من المنتظر أن تحصل بعض التنقلات المرتبطة بالوضع الداخلي لوزارة الخارجية إلا أنه ليس هناك شيء منتظر.

خلاصة القول أن ليس هناك أي تحوّل على صعيد ما قاله نائب رئيس الوزراء التركي والناطق باسم الحكومة مع ملاحظة تزايد منسوب التصريحات الصادرة عن مسؤوليين رسميين مؤخرا دون أن تحمل معها أي جديد أو دون أن يكون لها وقع فعلي على الأرض، وهذه ظاهرة ليست صحيّة من وجهة نظري على الإطلاق.