ملفات وتقارير

باحث أمريكي. كيف يتحول سلفي إلى العنف وآخر إلى رافض له؟

عنصر من تنظيم الدولة في دابق
يتساءل الباحث من معهد واشنطن يعقوب أوليدورت عن سر التيار السلفي، وكيف يمكن أن يكون هناك سلفي "عنيف" وسلفي آخر يحرم العنف.

ويرى أوليدورت في تقرير نشره معهد واشنطن للداراسات، أنه رغم أن معظم السلفيين في العالم لا ينتهجون العنف، إلا أن هناك الكثير من الجوانب المشتركة بينهم عندما يتعلق الأمر بالرؤية الدينية التي يتبناها تنظيم «الدولة الإسلامية» (سُنّية، أصولية، حَرْفية، مناهضة للشيعة، مناهضة للصوفية).

يحاول أوليدورت الإجابة على التساؤل الذي طرحه من خلال دراسته لمفهوم السلفية، فهو يرى أن السلفية هي توجه ديني وقانوني سني في تعريف ماهية الإسلام. فهي ليست برنامجا سياسيا معاصرا مثل النوع الذي تتبناه جماعة «الإخوان المسلمين». 

وحسب التقرير، فقد ظهرت السلفية كحركة على مدار القرن العشرين في أوجه كثيرة كرد على التقدم الذي أحرزه إسلاميون مثل الإخوان المسلمين.
 
كان الهدف بالنسبة للسلفيين إعادة تعليم إخوانهم المسلمين وفقا لما يعتقدون أن النبي محمد وأصحابه الأوائل قد مارسوه، وهو هدف يمكنه أن يتحقق، فقط بالرجوع - دون تدخل أطراف ثانية - إلى القرآن وأقوال النبي محمد في الأحاديث التي ثبت أنها صحيحة.

ويعتقد أوليدورت أن انعدام رؤية سياسية عالمية متماسكة من الجانب السلفي، وكذلك انعدام رؤية دينية متماسكة من «الإخوان» قد أدى إلى نتيجتين في أعقاب أحداث "الربيع العربي" عام 2011. وتتعلق النتيجة الأولى بانهيار الحكومات القائمة، وهو ما يعني أن السياق السياسي الذي كان «الإخوان المسلمون» يستجيبون له طوال أغلب فترات وجودهم قد انهار، وبالتالي انهارت أهمية رسائلهم. وعلى العكس من ذلك، كان أمام السلفيين فرص جديدة للدخول في المجال السياسي؛ إما لتحقيق ما يهواه أتباعهم أو الامتناع إذا كان ذلك مناسبا لهم.

ويخلص أوليدورت إلى أن ما يجعل شخصا ما سلفيا عنيفا (أو جهاديا سلفيا) بدلا من سلفي غير عنيف، يعتمد على كيفية إجابة السلفيين على سؤال أساسي: ما الذي يجعل شخصا ما مسلما؟ إن السلفيين الذين لا ينتهجون العنف ينظرون إلى المسلمين الذين لا يتبنون نظرتهم السلفية للعالم، على أنهم نتاج عدد من العوامل (الجهل، سوء التعليم، والكسل). أما السلفيون الذين ينظرون إلى المسلمين الذين لا يتبنون نظرتهم السلفية للعالم، على أنها تعبير عن الرفض المتعمد من قبل الفرد للإسلام ، فإنهم يبررون بذلك إخراجهم من دائرة الإسلام (التكفير) ويسمح بانتهاج العنف ضدهم.

أما النتيجة الثانية التي ترتبت على "الربيع العربي"، وفق أوليدورت، فتتعلق بتطور الأحداث التي وقعت منذ ذلك الحين، ولا سيما في العراق وسوريا - وهما موطنان لأعداد كبيرة من السكان السنة والشيعة. وكان هناك باختصار بُعد طائفي يبرر اختلاف الجماعات في انتماءاتها السياسية. وبينما مضت الأحداث في مسارها الدموي، أصبح البعد الطائفي لبعض الجماعات السنية الواقع الذي يعرّف التطورات السياسية ويفسرها. وفي مثل هذه البيئة نشأت المليشيات السلفية مثل «جبهة النصرة» و «أحرار الشام» وكانت رسالتها استعادة سوريا السنية مع الخلاص من الجماعات الإسلامية الأخرى التي رسخت أقدامها هناك.

ويمضي التقرير بالقول إن تنظيم «الدولة الإسلامية» انحرف عن هذه المليشيات السلفية في سوريا، وكذلك عن الجماعات السلفية والسلفية الجهادية الأخرى بعدة صور بارزة. أولها أنه أقل اهتماما بسوريا من أجل سوريا فقط، من أجل إقناع أتباعه بأنه يقع في نطاق الأحداث الواردة في أحاديث نهاية العالم، وبالتالي تبرز صورة عنه باعتباره راعي نهاية العالم. الأمر الثاني هو مطالبة تنظيم «الدولة الإسلامية» بالخلافة، ما سبب هزة كبيرة في مجتمع المسلمين بشكل عام، وتوترا وتنافسا مع تنظيم «القاعدة» والسلفيين الجهاديين الآخرين بشكل خاص، بسبب مطالباته بقيادة وتحديد شكل المجتمعات المسلمة. وبالطبع تركيزه على استخدام ونشر وسائله العنيفة.