سياسة عربية

كاتب لبناني: "إلى حزب الله.. يكفي نزفا"

الكاتب إبراهيم حيدر اعتبر أن مسلك حزب الله بسوريا يتنافى مع الوحدة اللبنانية - أرشيفية
وجه الكاتب اللبناني إبراهيم حيدر، تساؤلات إلى حزب الله في مقالة جديدة، نشرت السبت، قائلا: "إلى متى يستمر سقوط الشباب، وهل من أمل في العودة إلى الحاضنة اللبنانية؟ وإلى أن تظهر التسويات في الحرب السورية سنسأل، كيف سيرمم صورته؟".

وطالب حيدر في المقالة ذاتها، حزب الله بالتوقف قائلا: "كفى نزفا لما تبقى من وطنية لبنانية!".

وذكر الكاتب اللبناني حزب الله بأن المعطيات اختلفت، فبعدما كان يقاتل الحزب في ساحته ضد الاحتلال الإسرائيلي، هو اليوم في ساحة أخرى لا يعرف حدودها ولا تلاوينها ولا الدخلاء عليها، على الرغم من أنه يكابر بمعرفة كل الخريطة السورية. 

وأكد حيدر، أن الأولوية لدى "حزب الله" تبقى في سوريا، فيستمر في حشد مقاتليه ونخبة عناصره ودفعها إلى مختلف الجبهات المشتعلة في سوريا، ما يعني مزيدا من الغرق والاندفاع إلى مناطق أبعد، وفي المقابل خسائر وانعكاسات سلبية على لبنان واللبنانيين في مختلف المجالات.

وأضاف، والمشهد يبدو مختلفا في قتاله بسوريا، نقل "حزب الله" المقاومة من قوة على الحدود الجنوبية، مهمتها التحرير، إلى الحدود الشمالية وإلى طرف في الصراع السوري ذهب بعيدا إلى حد القطيعة والعداء مع فئات سورية وعربية أيضا، وإن كان عنوانه مقاتلة التكفيريين. وهذا القتال يجري تحت عناوين مختلفة، لكنه بالتأكيد لا يحظى بموافقة اللبنانيين، إذ يعتبر لدى كثيرين انخراطا في الصراع ضد جزء كبير من الشعب السوري.

وقال حيدر، إنه "يحق لنا السؤال عن مسوغات الحزب التي يوردها دفاعا عن استمرار مهمته القتالية في سوريا. وما هي الوظيفة والنتائج الإيجابية التي يحملها للبنان؟ هي لا تتشكل حول المهمات الوطنية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ما يعني أن استنهاض تضامن وطني أمام مواجهة عدوان إسرائيلي محتمل، تراجع أو بات غير ممكن بعدما ترنح لدى فئات لبنانية واسعة. وباستمرار انخراطه يحدث الحزب انشقاقاً وشرخا اجتماعيا داخليا كبيرا، في ضوء ما تمارسه القوى المذهبية الأهلية الأخرى من ردود، ما يهدد البنية اللبنانية وتماسكها.

وأضاف: "بالنسبة إلى جزء من اللبنانيين هذا مسلك يتنافى مع ضرورات الوحدة اللبنانية في مهمة الدفاع عن لبنان، وصون سيادته، واستكمال تحرير ما تبقى من أرضه. ويطرح بالنسبة إلى كثير من اللبنانيين علامات استفهام كبيرة عن إقحام البلد في أخطار تتمثل في انعكاسات ارتدادية على الداخل اللبناني، إلى تغذية الخلافات السياسية القائمة ومفاقمتها بعوامل توتر إضافية.

وشدد إبراهيم حيدر قائلا: "لا داعي لتذكير "حزب الله" أنه قاتل في الجنوب متسلحا بخصائص ساحته أو منزله إذا جاز التعبير، لكنه اليوم يفقد هذه الخاصية، وإن كان كثيرون يؤيدونه في معركته ضد التكفيريين، لكن الداخل اللبناني اليوم لم يعد كله ساحة للحزب، بعدما فقد جزءاً من "الغطاء المنزلي" الذي تمتع به واستند إليه لسنوات طويلة". 

وأشار حيدر إلى أن حزب الله يتورط اليوم أكثر في الداخل السوري وفي ساحات أخرى، حتى أنه يشارك في حصار قرى سورية فيها مدنيين وينخرط شبابه بقوة التزاما بقرار حاسم سياسي وشرعي، محلي وإقليمي، بالمشاركة في القتال في سوريا، وكأن "حزب الله "وهو ينخرط في الحرب السورية طرفا إلى جانب النظام، يخوض أيضاً معركته الداخلية اللبنانية، فلم يترك "شأنا لبنانيا داخليا إلا وجيّره لضرورات معركته السورية والإقليمية، إلى انخراطه في إطلاق مواقف ضد دول عربية وخليجية، وهو وإن كان يبرر مواقفه ويسوّغها لأهداف تنسجم مع سياسته والتوجهات الإيرانية، إلا أن عودته الضيقة المحصورة بالقوة الشيعية وانخراطه في الصراع الشيعي السني، بالرغم من رفضه الاتهامات الموجهة إليه، رفع بذلك كل التضامن والإجماع الذي تكتل يوما حوله في معركته ضد الاحتلال الإسرائيلي.

واعتبر الكاتب اللبناني أن حزب الله يقدم خيارات التدخل والانخراط والتورط في الداخل السوري، على ما عداها من ملفات أخرى. لكنه اليوم وبعد أكثر من أربع سنوات على انغماسه في الوحول السورية، يقف على مسافة شاسعة من اللبنانيين الذين لا يريدون التورط والمشاركة في حرب يذهب ضحيتها يوميا مدنيون، وإن كان تبرير الحزب، قتال التكفيريين. واللبنانيون الذين يرفضون تدخل "حزب الله" في سوريا، كانوا يوما من أشد المدافعين عن مقاومته للاحتلال الإسرائيلي، يتساءلون عن جدوى هذا الانخراط الذي يكبد الحزب خسائر كبيرة، وشباب يسقطون يوميا، وهي أسئلة تظهر إلى العلن أيضا داخل الطائفة الشيعية وبين جمهوره القريب، عن جدواها.

وكشف إبراهيم حيدر أن الكلفة وفاتورتها اليوم مرتفعتان جدا إذا قورنت بمواجهة العدوان الإسرائيلي لـ33 يوما في 2006، فجدوى الانخراط في الحرب السورية مختلفة، خصوصا وأن "حزب الله" دفع قسماً من مقاتلي النخبة لديه في السنتين الأخيرتين إلى الجبهة السورية، وأفرغ مناطق جنوبية منها ليغطي مناطق شاسعة في سوريا مع مقاتلين آخرين من جنسيات مختلفة، وهذا ظهر بأعداد القياديين الذين سقطوا خلال العامين 2015 و2016، حيث فقد الحزب عددا كبيرا منهم يصل إلى نحو 55 قياديا وهو عدد لم يخسره الحزب خلال سنوات طويلة من مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، قبل التحرير عام 2000، ويفوق بأضعاف ما خسره خلال عدوان تموز 2006.

وتشير مصادر محلية وخارجية أيضا إلى أن عدد شباب "حزب الله" الذين سقطوا في سوريا منذ أن انخرط الحزب في القتال هناك يتجاوز 1500 شاب، فيما انتشار آلاف المقاتلين من النخبة والمتطوعين والأنصار يرتب كلفة كبيرة وتجهيزات ومتابعة وتأمينات لوجستية وغيرها مما تتطلبها عملية القتال، بالإضافة إلى الاستنفار في القرى القريبة من الحدود السورية، وعمليات التبديل. ولا تزال قرى كثيرة لبنانية تفرغ من شبابها الذين يقاتلون في سوريا.