مقالات مختارة

اللوبي الخليجي

1300x600
كتبت خولة الكريع: مع الهجمات الإعلامية الممنهجة ضد بلادنا الحبيبة، ظهرت أصوات تتحدث عن أهمية إنشاء لوبي سعودي، داخل أمريكا، للدفاع عن مواقف المملكة، وإظهار الصورة الصحيحة عنها التي يحاول الإعلام الغربي تشويهها في الآونة الأخيرة.

اللوبي هو عبارة عن هيئة أو جماعة منظمة تدافع عن قضايا، أو مواقف، أو مصالح معينة محددة، وتؤدي دورا مهما وضاغطا على القرارات السياسية لدولة «ما».

ولعل اللوبي اليهودي في أمريكا يعتبر من أشهر اللوبيات أو جماعات الضغط التي عرفتها أمريكا، إذ إنه تم عام 1918 تأسيس المؤتمر اليهودي الأمريكي، وهي جماعة ضغط، عرفت في ما بعد باللوبي المؤيد لإسرائيل، والداعم لسياساتها في الأروقة السياسية الأمريكية، ويطلق عليه اختصاراً «أيباك».
نجاح جماعة الضغط «اللوبي» اليهودية في توجيه القرار الأمريكي لمصالحها، وتأثيرها الواضح في السياسيين الأمريكيين، سواء في الكونغرس أم مجلس النواب، أم حتى في البيت الأبيض، جعل الكثير من الدول تعمل على استنساخ الفكرة ودعم فكرة تأسيس لوبيات؛ لخدمة سياساتها ومواقفها في القضايا الدولية عند الدولة الأهم أمريكا.

لذا تجد في الأروقة السياسية الأمريكية جماعات ضغط عدة، كل واحدة منها لها هدف وتوجه، ولم تعد جماعات خاصة بالدول، بل ستجد لوبيات تلقى دعما من الشركات الكبرى، مثل مصانع التبغ، والسلاح، والشركات المصنعة للدواء، وغيرها، التي لها حضور وصوت قوي، وتدعم الحملات الانتخابية للبعض من المرشحين الأمريكيين سواء للكونغرس أم خلال السباق الرئاسي.

هذه الظاهرة، اللوبيات، آخذة في التزايد، ودارسو العلوم السياسية توقفوا عندها مليا، ولكنها تحتاج إلى مزيد من البحث في عمقها وسبب تأثيرها الذي بات واضحا ولا تخطئه العين، ففي أحيان يتجاوز المصلحة القومية الأمريكية، وقد تكون على حساب الشعب الأمريكي نفسه، وهنا المفارقة الجسيمة الفعلية.

على مستوى منطقتنا نشط لوبي يمثل مصالح إيران، وكان له تأثير دافع نحو الاتفاق الأمريكي النووي، هذا اللوبي خرج على الساحة الأمريكية منذ مطلع التسعينيات، وبدأ العمل منذ عهد رفسنجاني، واستمر ووجد زخما أكبر في عهد خاتمي. واليوم، يقوم بدور حيوي ومهم منذ وصول روحاني إلى سدة الرئاسة عام 2013، بل إن روحاني خلال زيارته لأمريكا طالب بشكل واضح الجالية الإيرانية، طبعا المؤيدة لنظام الملالي، بعمل وطني في أمريكا من خلال لوبيات تكون نشطة وتعمل على التأثير في السياسة الأمريكية، لمصلحة النظام في طهران.
وهو ما حدث أو ما يتم العمل عليه حتى اليوم، ستجد الأصوات الإيرانية في مراكز عدة للبحوث، والبعض من الوسائل الإعلامية، ولكن الأهم أنك ستجد لها أصواتا بين صناع القرار نفسه.

ولا ننسى التغلغل من خلال المصالح الاقتصادية بواسطة شركات أمريكية كبرى لها نفوذ بين عدد من
السياسيين، بل البعض من هذه الشركات قدمت هبات وتبرعات لبعض المرشحين، سواء في الكونغرس أم مجلس النواب، أم حتى الإدارة الأمريكية الحالية، وأنا أشير تحديدا للشركات النفطية وتجار السلاح. من دون شك ستمرر البعض من الخطط والأجندة لتحقق مصالحها في المكسب المالي بالتعاون مع إيران، لذا فإن المطلعين لم يستغربوا كل هذا الاندفاع الأمريكي نحو توقيع الاتفاق النووي، ورفع العقوبات بكل هذا التسارع.

نستطيع القول إن إيران استغلت الأمريكيين من أصول إيرانية، وهم بحسب مركز كارينغي للدراسات، أكثر من 3 ملايين نسمة، وتقدر ثروتهم بنحو 400 بليون دولار، لتنفيذ أجندتها الخارجية، لذا يمكن فهم الصمت والسلبية الأمريكية تجاه الممارسات الإيرانية والانتهازية الواضحة، وعملها لزعزعة استقرار بلاد عربية عدة، بل وتورطها في عمليات إرهابية.

وإذا قدر وتم تعداد المشاريع العربية والاستثمارات الخليجية تحديدا في أمريكا، فإنها ستتجاوز بمراحل الـ400 بليون دولار، لذا لا مساواة بين الزخم الإيراني الاقتصادي أو الثقافي ولا المالي بالعالم العربي والخليجي تحديدا، وهذه واحدة من أهم أدوات التأثير في السياسة الأمريكية، وما علينا إلا العمل وفقها ووضع الخطط التي تحقق مصالحنا، فالساسة الأمريكيون لا يفهمون إلا لغة الأرقام والمصالح الاقتصادية والمالية، ومتى ما شعروا بأنها مهددة، أو هناك خطط للتوجه لقوى أخرى في العالم، فإن الرسالة ستصل إليهم بوضوح وتعود البوصلة إلى الاتجاه الصحيح، وأعتقد بأن هذا أفضل لوبي نقيمه في ربوع واشنطن.

(عن الحياة اللندنية)