مقالات مختارة

حرب كروية جزائرية فرنسية

1300x600
موجة غضب شديدة اجتاحت الشارع الكروي الفرنسي مؤخرا، بعد أن اختار مهاجم نادي ليل الفرنسي ياسين بن زية اللعب لصالح المنتخب الجزائري لكرة القدم، بعدما تقمص ألوان المنتخبات الشابة الفرنسية لسنوات.. حدث جعل المسؤولين عن الكرة في فرنسا وأغلب الفاعلين في هذا البلد يدقون ناقوس الخطر، مطالبين أعلى الهيئات الحكومية بالتدخل لوقف نزيف اختيار اللاعبين لبلد أجدادهم، وكم هم كثير الذين رفضوا تقمص ألوان القميص الفرنسي ليلعبوا للمنتخب الجزائري، الذي أعطاهم الفرصة في المشاركة في كأسين للعالم والمكانة للتألق دوليا، وهو ما أغضب كل الفرنسيين، خاصة وسائل الإعلام وبعض المحللين في مختلف القنوات التلفزيونية، إلى درجة أن البعض منهم حمل الأندية الفرنسية ومسؤوليها عدم غرس "الروح الفرنسية" في نفوس أبناء الجزائر، الذين أصبحوا يختارون "الخضر" على حساب المنتخب الفرنسي.

هذه الحرب"الخفية"، التي لن يتمكن الفرنسيون من الفوز بها؛ لأن حب الوطن واختيار القلب لن تؤثر عليه لا الشعارات ولا الأموال، خاصة إن كان اللاعب قد علم من عائلته ومحيطه بـ"التاريخ الأسود" للاحتلال الفرنسي لوطننا لأكثر من 130 سنة، والصفعة القوية التي وجهها "الفحل" فيغولي، التي حث فيها اللاعبين الشبان الفرانكو- جزائريين للالتحاق بالمنتخب الجزائري، مطالبا إياهم بعدم نسيان التاريخ بين فرنسا والجزائر، والأمور الخطيرة التي حدثت لأجدادنا التي تجبرنا على اختيار المنتخب الجزائري؛ لأن "أجدادنا" عانوا كثيرا حتى يتم قبولهم في المجتمع الفرنسي.

عندما أتذكر فريق جبهة التحرير الوطني، الذي ترك لاعبوه حياة الترف التي كانوا يعيشونها بفرنسا للالتحاق بالنضال الكروي، أعلم وأتأكد أن الجيل الحالي من اللاعبين فهم رسالة الأفالانيين جيدا، وأصبح يتمرد بطريقته على المحيط الفرنسي، دون أن يتمكن الأخير من تغيير القوانين التي ناضل من أجلها الرئيس روراوة مطولا ومررها في البهاماس رغم أنف الأوروبيين، وأدخل بها اللاعب عنتر يحيى التاريخ لأنه كان أول اللاعبين من مزدوجي الجنسية الذي لعب للمنتخب الفرنسي واختار الجزائر.

الصفعة الأخرى التي من المنتظر أن تزلزل الشارع الكروي الفرنسي، هي اختيار وناس أدم لاعب بوردو الألوان الوطنية، وهو الذي أعطى موافقته سرا للمسؤولين الكرويين الجزائريين، الذين طالبوه بالتريث قليلا إلى غاية بداية السنة القادمة ليكون جاهزا للمشاركة في مونديال روسيا.. اللاعب، وفي سرية تامة، استخرج كل وثائقه من بطاقة التعريف إلى جواز السفر، لكنه أرجأ الإعلان عن ذلك حتى لا يتم "معاقبته" مثل بن زية، الذي أصبح يعاني منذ أن أعلن اختياره الرسمي واللعب للجزائر.

أتفاجأ عندما أسمع بعض أشباه المحللين يطلقون النار على هؤلاء مزدوجي الجنسية وينتقدونهم شر انتقاد، رغم أنه منذ مجيء هؤلاء إلى "الخضر"، وصلت الكرة الجزائرية إلى العالمية، وأصبحنا نواجه أبطال العالم وأبطال إفريقيا دون عقدة أو مركب نقص، في وقت كنا نقصى في عقر دارنا بلاعبين أنجبتهم كرتنا المسكينة التي ما تزال لم تستفق من السبات العميق.

عن صحيفة الشروق الجزائرية