مقالات مختارة

حلول الأزمات في المنطقة بيد أربع دول

1300x600
هل تدركون هذا؟ المنطقة بأسرها تُقاد إلى الحرب شيئا فشيئا.

تتخذ الحرب في سوريا حالا يستحيل معها التغلب عليها، حيث أصبحت جبهة الحرب مشتعلة على حساب القوى الإقليمية وحتى العالمية خاصة بعد تأزّم الوضع بين السعودية وإيران.

ليسمّوها حربا طائفية أو حرب صراع بين القوى أو حربا على الإرهاب أو ما شاءوا! فنحن جميعا على وشك أن نكون رهينة لعاصفة عاتية تزداد قوة يوما بعد يوم، إنها عاصفة ليست مقتصرة فقط على دول بعينها بل فخ وضع بإحكام ليشمل كل من يعيش على هذه الجغرافيا لمدة قرن كامل.

مقاومة مئة عام لمواجهة حصار مئة عام

حصار مئة عام "انتهى" وحسابات مائة عام "ما زالت مستمرة" بينما يجب علينا أن نستعد لخلاص المائة عام التي "تجذبنا إليها هذه الحسابات بشكل أسرع".

وتقوم -هذه الحسابات- بهدم بؤر المقاومة على الرغم من أن أكبر مؤسسي هذه اللعبة قاموا بتشكيلها. فها هي كل دولة في المنطقة، تنظر إلى الأزمة كل حسب مبرّراته حيث تعتقد هذه الدول أنها على صواب وتقوم باتخاذ المواقف بناء على هذه المبررات.

من هنا نحن -وبكل ما تعنيه الكلمة من معنى– نعمل على الدعوة إلى الكفاح من أجل الحصول على مائة عام من الخلاص، بينما نسعى إلى التحذير من المخاوف التي ستواجهنا خلال الأعوام القادمة.
ولو لم ندرك هذه المخاطر، فسنجد أنفسنا غدا أمام انتحار جماعي تندثر فيها كل الجغرافيا التي نعيش عليها.

نحن لسنا في مواجهة مع الإرهاب بل نحن في دوامة تلك العاصفة العاتية.

ما يحدث في جنوب شرقي تركيا ليس عمليات إرهابية بل إجابة على سؤال: ما الذي تجلبه الحرب في سوريا إلى الداخل التركي؟

يجب على العقل السياسي التركي أن يستنتج إمكانية حل مشاكل المنطقة من هذا المنطلق.

يجب أن نعرف أننا في مواجهة البعد الحقيقي لمشكلة الأكراد التي لطالما واجهنا فيها تدخلات متعددة الأطراف. نحن بحاجة إلى أن ندرك أن الأحداث التي تُفتعل في شمال سوريا ليست لوحدها التي تمثل مدخلا أو جبهة للاستعمار بل يجب كذلك الربط بين أحداث الأزمة يبن السعودية وإيران.

الدولة تدفع الكثير جراء ردود الأفعال السياسية كل يوم، وإذا استمر الحال كما هو عليه سنجد أنفسنا مجبرين على دفع فاتورة باهظة الثمن. لذلك، أولئك الذين يتلاعبون بالعقل السياسي يجب أن تؤخذ من أيديهم القوة التي تعكّر صفو أذهانهم. لأن الأزمة الإقليمية التي نعيشها أعمق وأوسع من قراءاتهم وتصوراتهم.

إن الأزمة التي تعيشها سوريا هي جزء من نفس خارطة العمليات التي نفّذت في المنطقة مثل عملية سيزر وسلوبي.

الحرب الطائفية خدعة ليس إلا!


الصراعات المستمرة في اليمن ما هي إلا امتداد لحرب إقليمية وجزء من الأزمة، والانقلاب العسكري في مصر هو تحضير لحرب في المنطقة والتحول، بالإضافة إلى أن التدخلات متعددة الأطراف تعتبر جزءا من الأزمة. فالتدخل الروسي في سوريا بمساعدة إيران، هو خير دليل على تدخل أطراف خارجية في المنطقة.

أخيرا افتعال الأزمة بين السعودية وإيران ضمنيا، يعتبر تحضيرا لحرب إقليمية وانفجار الحرب بينهما هو الوصول إلى ذروة المخطط حول هذه الأزمة. الحرب الطائفية والقتل على الهوية هو تمهيد لحرب شعواء لا تستثني أي دولة من دول المنطقة.

بالأمس أمعنا النظر في خارطة إيران فوجدنا أن مطامعها في الخليج تشكّل تهديدا على دول الخليج العربي أو بالأصح على المملكة العربية السعودية. وبالتالي، فإن التحضير لحرب باردة سيؤول في نهاية المطاف إلى ضرب السعودية وإشعال حرب إسلامية داخلية تأكل الأخضر واليابس. 

وتطرّقنا إلى خطورة توجّهها لتحقيق مطامعها السياسية مستغلة نفوذها المذهبي وانعزالها عن دول المذهب السني والقيام بأعمال تثير حفيظتهم وتؤجّج الصراع. وبعد النظر إلى الواقع السوري وقراءة المطامع الإيرانية، وجدنا أنه من المستحيل أن لا تشعر دول الخليج العربي بالخطر الذي تشكّله إيران.

العمى الاستراتيجي للسعودية

السعودية ضحية للخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبته بيديها عبر دعمها للانقلاب في مصر، وسعيها نحو اجتثاث حركة الإخوان المسلمين الذين يشكّلون أقوى حركة سياسية في المنطقة تمتد من السودان حتى سوريا، وحكمت على نفسها بمواجهة المخاطر الإيرانية لوحدها، وهذا يعتبر عمى استراتيجيا وانتحارا في نفس الوقت بالنسبة للسياسة السعودية.

إذن، فالشيء الوحيد الذي يجب أن تقوم به السعودية هو أن تجدّد علاقتها بالإخوان المسلمين وأن لا تعتبرهم أخطر وأقوى قوة ديناميكية في المنطقة. كما عليها أن تساهم في حل الأزمة المصرية. حيث أن الإخوان لا يهددون المملكة بشيء كما تظن بل هي التي أصبحت هدفا لإيران في ظل غياب معادلة الإخوان المسلمين.

أربع دول يجب أن تلتقي في نقطة واحدة

المنطقة تتجه نحو معسكرين متشدّدين، هما محور إيران وروسيا والمحور السني للبلدان العربية الذي بدأ بالتشكّل بأي حال من الأحوال ليحضّر لصراع طويل عظيم. تركيا، مصر، السعودية وباكستان بإمكانها أن تخفف من هذه الأزمة، ولذلك يجب على السعودية أولا أن تجدّد علاقتها بالإخوان المسلمين وبناء عليه تستطيع أن تهدّئ الأزمة بين مصر والإخوان، بعدها مباشرة يجب تقليص حدة التوتر الحاصل بين تركيا ومصر.

تركيا والسعودية تستطيعان إيجاد حل سياسي في مصر يشمل محمد مرسي وقادة الإخوان في الداخل والعاملين في الحركة. ويمكن الدفع بقضيتهم إلى الأمام، ورفع عقوبة الإعدام والنظر في الأحكام مجددا، حيث سيصبح الإخوان المسلمون أحرارا ويجب أن يكونوا كذلك. حتى إنه من الممكن نقل محمد مرسي ورفاقه إلى تركيا وأنا واثق بأنه موضوع يمكن حلّه بين الرياض وأنقرة.

ليأت محمد مرسي إلى تركيا

كرّروا هذا: على الرياض أن لا تعتبر أن الإخوان يشكّلون خطرا بإمكانه تهديد أمنها واستقرارها، ويجب أن تضغط على النظام المصري ليخلّي سبيل الإخوان وقادتهم، وعلى تركيا أن تساهم في هذا، حتى إنه من الضروري استضافة القادة أمثال مرسي. وعلى باكستان أن تشارك أيضا في مثل هذه المساعي، هذه الفترة ليست بفترة تكوين كتلة لمواجهة إيران بل هي فترة تخفيف حدة التوتر بين دول المنطقة. وسترون أن هذه المساعي ستخفّف الأزمة بين إيران ودول المنطقة.

لو لم يحدث ما ذكرناه سابقا ستمتد الحرب في سوريا لتشمل كل دول المنطقة، وسيحتدم الصراع من جنوب شرقي تركيا حتى الخليج العربي ومن البحر الأحمر حتى شمال أفريقيا.

السعودية وحلفاؤها يتأهبون لمواجهة إيران، ولا يوجد خيار بديل عن العودة إلى العداوة والصراع، ستطفو على السطح حرب طائفية من باكستان حتى اليمن.

على إيران أن تنسحب من سوريا، ويجب نقل مرسي إلى تركيا، وخلاصة القول إن أربع دول تستطيع تحقيق ذلك إن أرادت، وتستطيع أن تنقذ المنطقة من صراع المائة عام..

(صحيفة يني شفق التركية)