مقالات مختارة

السودان: تراجع الآمال في مؤتمر الحوار!

1300x600
نعني بمؤتمر الحوار في هذا الحديث المؤتمر الذي دعا إليه السيد عمر البشير رئيس جمهورية السودان في السابع عشر من يناير من عام 2014، كل مكونات المجتمع السوداني السياسية والاجتماعية والثقافية للجلوس معا للتحاور، حول سبل تحقيق تراض وطني يخرج البلاد من أزماتها التي طالت وتعددت أوجهها، على أمل أن يحدث الحوار المأمول اختراقا حقيقيا في جدار المشكل السوداني.

وقدم نافذون في النظام الحاكم مؤشرات إيجابية كثيرة بشأن آفاق وحدود الحوار المنتظر، أقلها أنه حوار لا يستثني أحدا، فردا كان، أو حزبا أو كيانا. وتمدد نافذون آخرون أكثر في الحديث عن قبول النظام بترتيبات انتقالية في نظام الحكم في النهاية إلى تحول ديمقراطي كامل، ووضع دستور جديد، وإجراء انتخابات تعددية حقيقية، تجريها حكومة ديمقراطية منتخبة، وتشرف عليها مفوضية انتخابات محايدة.

وكان بديهيا أن تلمس هذه المؤشرات الإيجابية المتعددة، أوتارا حساسة في وجدان الشعب السوداني المجبول على الافتنان بحب الممارسة الديمقراطية، على ما كان فيها من قصور أحيانا في تجاربه الماضية. هذه المؤشرات الإيجابية حفزت جماعات عديدة من أفراد الشعب السوداني للإقبال بقلب مفتوح نحو طاولات الحوار، وهي تمني الأنفس بالخروج مرة واحدة وإلى الأبد من الدروب الدوارة، التي لم تفض بها إلى أي غاية بعد ستين عاما من الاستقلال. وهكذا زحم النظام القاعات الفسيحة بمحاورين جيء بهم من كل حدب وصوب. وكثيرون منهم لا في عير السياسة. ولا في نفيرها. فالكم هو المطلوب وليس الكيف.

ولكن، وبعد ما يقارب الثلاثة أشهر من النقاشات المستفيضة، كان المتحاورون على موعد مع تطور، كم تمنوا ألا يكون. لقد تراجع النظام وعلى حين غرة عن كل بشرياته التي قدمها لهم مع بداية الحوار.

ورفض في عناد تذكيره بحديثه ووعوده عن الفترة الانتقالية، وحديثه عن انتخابات جديدة، وحديثه عن حكومة وفاق قومية. باختصار كان كل ما عثر عليه المتحاورون في القاعات المكيفة هو نبيذ قديم في قنينة جديدة. وفهموا أن ما قيل لهم في البداية هو من بعض أحاديث الليل التي يمحوها النهار.. وجذب المتحاورون نفسا عميقا وهم يغالبون رهق الدهشة والانتظار الطويل.

عن صحيفة الشرق القطرية