صحافة دولية

ديلي ميل: كيف لقن تنظيم الدولة فكره لجيل جديد؟

ديلي ميل: تنظيم الدولة يقوم بغسل أدمغة الأطفال - أرشيفية
يقول المحلل جيمس هاركن في تقرير نشرته صحيفة "ديلي ميل" إن صورة ذلك الطفل، الذي لا يقدر سنه بأكثر من 6 سنوات، والذي ظهر في فيديو لتنظيم الدولة يرتدي بزة عسكرية، كانت من أكثر الصور الموجهة للغرب بشاعة، فبعد أن يظهر الفيديو إعدام خمسة رجال متهمين بالتجسس لصالح بريطانيا، ينتقل مباشرة إلى الطفل. ومع أن الفيديو في غاية البشاعة، فإن استخدام التنظيم للأطفال ليس شيئا جديدا.
 
ويستدرك التقرير بأن ما لم يعرفه الغرب عن بسط تنظيم الدولة سيطرته على المدن السورية عام 2013، بأنه لم يبدأ عسكريا، ولكن التنظيم احتل المدارس بكل بساطة.

وتشير الصحيفة إلى أن التنظيم أرسل مبعوثيه إلى المدارس في حلب، حيث استخدموا المال وقوة الحجة لإقناع الموظفين بتعليم الطلاب التفسير المتطرف للقرآن، وكانت تلك هي اللبنة الأولى في بناء التنظيم.

ويذكر الكاتب أنه في الوقت ذاته قام التنظيم بإنشاء ملاجئ أيتام، فسوريا كانت قد امتلأت بالأيتام، والناس هناك لا يستطيعون إطعام أطفالهم، ناهيك عن إطعام الأيتام، فعندما اقترح التنظيم رعاية هؤلاء الأيتام كان مقترحا مرحبا به.

ويلفت التقرير إلى أن تنظيم الدولة لا يهمه الأطفال من وجهة نظر إنسانية، ولكنه يراهم جيله الجديد، الذي سيكبر ولم يعرف سوى دعاية التنظيم، وما لقنه إياه.

وتنقل الصحيفة عن ثائر سوري، شهد احتلال المدارس عن كثب، قوله: "المجتمع السوري ينتج نوعا جديدا من المتطرفين، وهذا النوع يصعب التكهن بما سيفعل. هذه تجربة جديدة، وعندما يذهب بعضهم إلى أوروبا وأمريكا ويفجرون أنفسهم، لا تسألوا لماذا".

ويشير هاركن إلى أن بعض تلك المدارس تستخدم معسكرات تدريب، وليس من الصعب في أي وقت أن تغري الأطفال باللعب بالبنادق، ويستغل مدربوهم هذا الأمر. ويقول الكاتب: "في عام 2014 كنت أول صحافي غربي يلتقي بفتيين كرديين عمرهما 14 و16 عاما، كانا قد هربا من معسكر تدريب، حيث كانا محتجزين مع 184 فتى آخر. وقالا إن المدرسين ليسوا سوريين، ويتعاملون أحيانا بوحشية، ويضربون الطلاب، ولكن الأكل كان أفضل مما تستطيع عائلاتهم أن توفره لهم".

ويكشف التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن أن الجهاديين يقومون بتقسيم الأطفال إلى مجموعات مؤلفة من خمسة، ويعينون على كل مجموعة مسؤولا، بطريقة تشبه التسلسل الهرمي للجيش، ما يخلق نوعا من الانضباط.

وتورد الصحيفة أن أهالي الأطفال الأكراد كانوا قلقين؛ بسبب التغيرات التي طرأت على أطفالهم لدى العودة من تلك المخيمات، وكثير منهم يعتقدون أن أطفالهم قد تقبلوا بعض تلك المعتقدات، ولكن وفي بعض الحالات كان من الصعب عليهم منع أبنائهم من الذهاب؛ لأن الجهاديين يدفعون لهم رواتب تعتمد بقية العائلة على العيش منها. 

ويبين هاركن أن مقاتلي تنظيم الدولة يعتقدون تماما بما يدعون إليه، ولديهم الاستعداد للموت لأجله، فمن الصعب المناقشة ضد التزامهم هذا. مشيرا إلى أن سن الأطفال في هذه المخيمات يبلغ من 7 إلى 15 عاما، وتخبر عائلاتهم بأنهم لن يرسلوا إلى الجبهة، ولكنهم يستخدمون في أدوار أكثر أمنا، مثل العمل على الحواجز والحراسة.  

ويقول الكاتب إن هذا ليس صحيحا، خاصة مع خسارة التنظيم لمساحات كان يسيطر عليها، وخسارته للكثير من الأفراد، كما يحصل الآن، ولذلك يتم ترفيع الأطفال، وإدخالهم في وجوه العمليات العسكرية كلها.

ويفيد التقرير بأن التنظيم يستخدم مراكز استراحة يسمي الواحد منها مقرا، ويأتي إليها الجهاديون لأخذ نصيب من الراحة، قبل الذهاب إلى المعارك، ويحضر الأطفال إلى هذه المراكز أيضا ليأخذوا نصيبا من الراحة كبقية المقاتلين.

ويقول هاركن: "تحدثت إلى ثائر في حلب، وقال لي إنه ليس من الغريب أن ترى جثث مراهقين بعد وقوع المعارك، فالتنظيم لا يرسل فقط البالغين لخوض المعارك، وهناك حالات موثقة لعمليات انتحارية، لم يزد عمر منفذها على 12 عاما".

ويستدرك الكاتب بأن "ما يزيد من الصدمة هو أن يكون من بين هؤلاء الأطفال أطفال أتوا من بريطانيا. ويصعب بالنسبة للكثير أن يفهموا لماذا يريد أي شخص، مهما كان مغررا به، أن يأخذ طفله إلى منطقة حرب، والأصعب من ذلك فهم لماذا يريد أن يترك بلدا ديمقراطيا من العالم الأول مثل بلدنا". 

وبحسب الصحيفة، فإنه لا يوجد رقم أكيد لعدد العائلات التي غادرت إلى سوريا، ولكن التقدير بأن هناك عدة عشرات من العائلات ذهبت إلى هناك. ومثال على تلك العائلات عائلة منان من لوتن، التي يبلغ عدد أفرادها 12 شخصا، والتي أكدت وصولها إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم الدولة في تموز/ يوليو الماضي، وطلبت من المسلمين الآخرين فعل الشيء ذاته.

وينوه التقرير إلى أنه يعتقد أيضا أن عائلة آصف مالك وسارة كيران وأطفالهما الأربعة، الذين تتراوح أعمارهم بين العام والسبعة أعوام، ذهبت إلى سوريا، بعد مغادرتها بيتها في بيركشاير في نيسان/ أبريل الماضي.

ويذكر هاركن أن "المتطوعين يشجعون القادمين على إحضار عائلاتهم معهم؛ لأن التنظيم يحاول بناء جيل من الأطفال بلا حدود، وليس لهم ولاء لبريطانيا ولا لسوريا، وهذا نوع جديد من الإنسان عديم الجنسية. وهذا يعيدنا إلى صورة سوريا الملأى بالأيتام. حيث يتم غسل أدمغتهم حتى يكونوا قادرين على القيام بأي فعل في المستقبل؛ لأجل خدمة القضية الإسلامية العالمية".

وتختم "ديلي ميل" تقريرها بالإشارة إلى أن تنظيم الدولة يعرف جيدا أثر وجود طفل يهدد بريطانيا في الفيديو الدعائي الذين نشره، والخوف الأساسي الذي يولده ذلك في قلوب الغربيين، ولذلك فإن تنظيم الدولة فعل ذلك.