ملفات وتقارير

"ملحمة سياسية" متوقعة بانتخابات مجلس الشورى الإيراني

يبدو موقف المحافظين ضعيفا أمام التيار الإصلاحي عقب إنجاز الاتفاق النووي - عربي21
تقدم أكثر من 12 ألف شخص لانتخابات مجلس الشورى الإيراني (البرلمان)، المقررة في 12 شباط/ فبراير 2016، وفق ما ذكرته وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية، وهو الرقم الذي يعد قياسيا منذ الثورة الإيرانية في 1979.

ومع اقتراب موعد الانتخابات، يخشى المحافظون على مستقبلهم السياسي، لاسيما بعد التوقيع "الناجح" على اتفاق نووي مع المجتمع الدولي، إذ سجل الرئيس الإيراني الإصلاحي حسن روحاني "انتصارات" على الصعيدين الدولي والمحلي على السواء، وفق ما يراه الإيرانيون.
 
وتقريبا في الموعد ذاته لإجراء الانتخابات البرلمانية في إيران، من المقرر وفقا للاتفاق النووي، أن يتم إلغاء العقوبات الدولية على طهران، بسبب برنامجها النووي المثير للجدل.
 
من جهته، وصف الرئيس الإيراني حسن روحاني، في وقت سابق، الانتخابات البرلمانية، بأنها "ملحمة سياسية"، ولذلك ما يبرره، ففي حال فوز الإصلاحيين بالانتخابات، وتمكن روحاني من تأمين إعادة انتخابه، فإن ذلك سيمنحهم فرصة للتحرر من نفوذ المحافظين حتى عام 2021 على الأقل.
 
الانتخابات بالأرقام
 
سجّل أكثر من 12 ألف مرشح لخوض الانتخابات التشريعية المقبلة في إيران. وهو الرقم الذي يعد قياسيا بالمقارنة مع الانتخابات السابقة، منذ الثورة الإيرانية عام 1979. ويمثل ارتفاعا بنسبة 70 في المئة، مقارنة بانتخابات عام 2012، وفق ما نشرته وسائل الإعلام الإيرنية.

وعند إغلاق باب التسجيلات الأربعاء الماضي، سجل عدد المرشحين لهذه الانتخابات لتجديد مقاعد البرلمان الـ290 ارتفاعا بـ 70 في المئة مقارنة مع الاقتراع التشريعي الأخير في 2012.

وتذهب التحاليل إلى صراع ومنافسة شديدين بين المحافظين والإصلاحيين.
 
وبحسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إيرنا"، فإن النساء يشكلن 11 في المئة من نسبة المرشحين، مقابل 8 في المئة خلال عملية تسجيل المرشحين في اقتراع 2012. بينما زاد عدد المرشحين الذين هم دون الخمسين من العمر من 67 في المئة إلى 73 في المئة.

إلا أن هذا العدد سيتراجع مع درس مجلس صيانة الدستور لهذه الترشيحات، وإلغاء قسم منها. وستنشر اللائحة النهائية للمرشحين في التاسع من شباط/ فبراير المقبل.
 
موقف قوي للتيار الإصلاحي
 
من المتوقع أن يسعى التيار الإصلاحي للترويج لإنجازاته التي يأتي في مقدمتها الاتفاق النووي، وما يعنيه للشارع الإيراني وعود بمكاسب اقتصادية، واستقرار، وتعزيز للبلاد ومكانتها.
 
ولكتم أنفاس الغضب قبل انفجارها، سارعت طهران إلى المصادقة على أحكام إعدام جديدة شملت نحو 30 معارضا، وفق ناشطين.
 
وتوصلت إيران ومجموعة (5+1) التي تضم الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن (وهي بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة والصين وروسيا) بالإضافة إلى ألمانيا، في منتصف تموز/ يوليو الماضي، إلى اتفاق نووي يهدف إلى منع طهران من تطوير أسلحة نووية.
 
وانتهت في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي مهلة الـ90 يوما التي أعقبت تبني مجلس الأمن قرارا يوافق فيه على الاتفاق.
 
وقد يتوافق توقيت تخفيف العقوبات مع الانتخابات التشريعية الإيرانية، ما سيعطي دفعا للإصلاحيين، الذين يرون بهذا الاتفاق إنجازا اقتصاديا يدعم تيارهم في انتخابات المجلسين الشورى وخبراء القيادة.

 اقرأ أيضا:
 ما أهمية انتخابات مجلس الخبراء بإيران.. ومن أبرز مرشحيها؟  

المعركة الإعلامية
 
ويتم استخدام وسائل الإعلام الممولة من المحافظين في المعركة ضد الإصلاحيين، في انتخابات مجلس الشورى الإيراني.
 
وإحدى تلك الوسائل الإعلامية محطة "آي.أر.آي.بي" التلفزيونية التي تمولها الدولة، ويديرها المحافظون. وهذه المحطة إما أنها تتجاهل الإصلاحيين أو أنها لا تبث سوى تقارير تنتقدهم، وفق متابعين .
 
ويشكو مرشح المعارضة الرئيس محمد رضا عارف من أن محطة "آي.أر.آي.بي" لا يمكن أن تكون "أكثر تحيزا" مما هي عليه الآن، واصفا تقارير المحطة بأنها تمثل "أعلى مستوى من التمييز السياسي".
 
ولأول مرة في تاريخها البالغ 36 عاما، حظرت المحطة بث مقابلة مع وزير خارجية البلاد محمد جواد ظريف.
 
وتسببت هذه الخطوة في إثارة ردود أفعال ساخنة على وسائل التواصل الاجتماعي والصحف والمواقع الإيرانية الإصلاحية.
 
وكانت صحيفة "شرق" الإيرانية أبرزت على صدر صفحتها الأولى عنوان "بطاقة حمراء لظريف".
 
بينما كتبت صحيفة "اعتماد" اليومية في صفحتها الأولى: "لقد أصبح ظريف من المحرمات"، ووصفت الصحف أن ما قامت به القناة غير مقبول.
 
التيارات السياسية الفاعلة في إيرن
 
يشار إلى أن التيارات السياسية الفاعلة في إيران أربعة، أبرزها التيار المحافظ (الأصولي) والتيار الإصلاحي، إلى جانب كل من التيار المعتدل (الوسط)، والمعارضة التي قامت في عام 2009 باحتجاجات شعبية واسعة في إيران بسبب ما تم تناقله من تزوير للانتخابات لصالح المرشح الأصولي الرئيس أحمدي نجاد ضد المرشح المعارض مير حسين موسوي، وحكم على قائدي الحركة الخضراء، مهدي كروبي وموسوي، في 2009 بالإقامة الجبرية، ولا زالا تحت الإقامة الجبرية.
 
ويرى بعض المحللين أن الحركة الخضراء تنتمي للتيار الإصلاحي، خصوصا أن الرئيس السابق خاتمي أعلن تأييده لحركة الاحتجاجات، إلا أن العديد من الباحثين يعدها تيارا بعينه، بعيدا عن التيار الإصلاحي، وزعيمها حسين موسوي أحد قادة اليسار في الثمانينيات.
 
والتيار الأصولي أو المحافظ، يلتزم بولاية الفقية المطلقة، ويطالب بتدخل أكبر لرجال الدين في السياسة، ويقاوم بشدة أي تيارات أخرى، ويتخذ التيار موقفا مناهضا من الولايات المتحدة، ويؤمن بوجود مؤامرة عالمية لإسقاط الثورة الإسلامية، ويبدو في الوقت الراهن في مأزق أمام تقدم التيار الإصلاحي الذي أنجز الاتفاق النووي مع دول (5+1).
 
أما التيار الإصلاحي، فيلتزم أيضا بولاية الفقيه، إلا أنه ينادي بدور أقل لرجال الدين في النظام السياسي، وتحديد صلاحيات الولي الفقيه واختياره بانتخابات شعبية، ويعدّ الامتداد لتيار اليسار في ثمانينيات القرن الماضي إبان الثورة الإيرانية، ويضم داخله روافد عدة، ويضم هذا التيار أكثر من 20 حزبا وجمعية سياسية.
 
وبالنسبة للتيار المعتدل، يعدّ ممثله الأهم أكبر هاشمي رفسنجاني، الرجل الثاني بعد المرشد الأعلى الحالي. ويعدّ رفسنجاني أحد أعمدة النظام في إيران، وهو في الوقت ذاته وجه إيران المعتدل إقليميّا ودوليّا، وفق ما يصفه كثيرون.