مقالات مختارة

فلسطين والإعلام العربي

1300x600
كتب فايز رشيد: الإعلام قضية، هدف ورسالة. تختلف الأهداف بالطبع وفقا لطبيعة منطلقات الوسيلة الإعلامية، ولكن من أنبل الأهداف أن تكون الرسالة والهدف ممزوجين في تعبير بسيط، اسمه "الوطنية" الذي يتفرع منها تعبير "المقاتل"، كصفة توسم بها وسائل تحقيق الهدف، وفي حالتنا المعنية، الفضائيات. قال الرئيس عبدالناصر يوما " المقاومة الفلسطينية هي أنبل ظاهرة عربية" ومن النبل بمكان نقل دقائق صورة مقاومة شعبنا للسوبر فاشيين الجدد، هذا الإعلام المعني بذلك، يستحق أن يُطلق عليه "الإعلام المقاتل". 

قضية فلسطين تظل القضية المركزية للأمة العربية بأسرها، مهما حاول الصهاينة وأسيادهم من الإمبرياليين الجدد، إلهاء الشعوب العربية عنها، بالمحاولات الحثيثة الجارية لتغييب مظهر الصراع الأساسي والتناقض الرئيسي بين الأمة العربية من جهة، وبين العدو الصهيوني من جهة أخرى!. التغييب يكون من خلال افتعال وتسييد أشكال جديدة من الصراع في المنطقة، ولم يجدوا سوى صراعات إثنية ومذهبية طائفية مقيتة، لغمر وجه المنطقة بها، فهذه تستجيب لمقولة قديمة صهيونية ، أكّد عليها بن جوريون عند إقامة دولة الكيان في فلسطين، وكذلك وزراء خارجيته موشيه شاريت ، جولدا مائير، إيجال يلون (الذي كان أول من اقترح حكما ذاتيا للفلسطينيين عام 1961)، وإقامة دويلة صديقة للكيان في جنوب لبنان عام 1958، مرورا بكل رؤساء الحكومات ووزراء خارجية الكيان والقادة الآخرين من الصهاينة، مفادها: أن لا استقرار لـ"إسرائيل " في المنطقة، إلا من خلال الحرص على ابتكار صراعات عربية – عربية وأخرى محلية على مستوى الدولة العربية الواحدة، وهذا ما سيعمل على ضمان أمن إسرائيل واستقرارها في المنطقة. تطور المخطط الصهيو – أمريكي- الغربي إلى حلقة جديدة : تفتيت الدول العربية القائمة إلى دويلات عددها 42 دويلة. هذا يضمن للكيان أيضا إزاحة أية قوة عسكرية قد تشكل تهديدا مستقبليا لإسرائيل.( اقرؤا " مذكرات ديان" وكتابه :أنا وكمب ديفيد"، مذكرات قادة إسرائيل وهم كثيرون، كتب روجيه جارودي، إسرائيل شاحاك، كتاب نتنياهو "مكان تحت الشمس"، مخطط برنارد لويس وغيرها).
 
هناك فرق كبير بين إعلام يكشف حقيقة أعداء الأمة ويتابع أولا بأول، وصمود ومقاومة أبنائها في مختلف ساحات الصراع وبالأخص مقاومة الشعب الفلسطيني وبين إعلام لا مبال بقضية أمته!... المقاومة الفلسطينية هي رأس جسر كل مقاومة عربية للغزوة الصهيونية، هذه الطليعة العربية التي امتزجت دماؤها بالمقاومة ضد كل الغزاة على مدى قرون زمنية، وآخر هذه المقاومات المستمرة عبر التاريخ، مقاومتنا الأخيرة والممتدة عبر قرن زمني للعصابات الإرهابية الصهيونية منذ بداية مشروعه، ومن ثم مقاومة الكيان منذ إنشائه وحتى اللحظة الراهنة، والمستمرة أبدا حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني من النهر إلى البحر. أن تغوص في هذه الحقائق يعني :أنك حريص على كشف حقيقة العدو كمقدمة أولى للانتصار عليه، ذلك وفقا لقاعدة هنيبعل، وهي أول قانون عسكري مُسجّل في التاريخ.

صحيح أن هناك مقدسات بالنسبة إلى الوسيلة الإعلامية كشعارات مثل: تحرير فلسطين، مصلحة الشعوب العربية التي غالبا هي فقيرة ومغلوبة على أمرها، الالتزام الأخلاقي بالمعنى العام بعيدا عن التشهير بأحد أو بظاهرة. النقد البنّاء الذي يهدف إلى شفاء المريض وليس للإجهاز عليه. ما دون ذلك... فليس محرّما على الوسيلة الإعلامية نقده ! وبالطبع لكل وسيلة مقدساتها.. بالتالي... في الحصيلة... تصبح كل المواضيع مطروحة. 

وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة هي المصدر الأهم (ربما؟) بين مصادر التوجيه والتثقيف في أي مجتمع، وهي ذات تأثير كبير في جماهير المتلقين المختلفين، المتباينين في اهتماماتهم وتوجهاتهم ومستوياتهم الفكرية والأكاديمية والاجتماعية. وهذا ما يكسبها أهميتها في عملية بناء المجتمعات، ويمكن الزعم بأنها أحد العناصر الأساسية في المساهِمة في تشكيل الوعي المجتمعي ، وحتى في تحديد جزء كبير من سماته الرئيسية، لذا فإن الضابط الذي يُستخدم على أساسه تقييم الوسيلة الإعلامية هو ضابط الانسجام مع متطلبات الهوية. كل التحية للإعلام العربي الملتزم.


(عن الشرق القطرية)