ملفات وتقارير

لماذا تمت تصفية سمير القنطار تحديدا؟

استهداف القنطار يعود لرمزيته كدرزي وأسير سابق - أرشيفية
أثار اغتيال القيادي في حزب الله سمير القنطار، تساؤلات حول الأسباب التي دفعت إسرائيل لاستهدافه تحديدا، من بين عدد كبير من قادة الحزب الموجودين في سوريا، فيما يرى خبراء ومحللون أن الأمر يعود لرمزيته كدرزي وأسير سابق، إضافة إلى أنه من صف القيادات الذي يمكن لحزب الله أن يمتنع عن الرد على اغتيالهم، بعكس الصف الأول من القادة.

وينحدر القنطار (54 عاما) من بلدة "عبية" ذات الغالبية الدرزية جنوب شرقي بيروت، وهو معتقل لبناني سابق لدى الاحتلال لنحو ثلاثين عاما، ويلقب بـ"عميد الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية"، حيث كان يقضي عقوبة بالسجن المؤبد بعد اتهامه بقتل ثلاثة إسرائيليين في نهاريا (شمال الأراضي المحتلة) عام 1979، قبل أن يفرج عنه في إطار صفقة تبادل مع حزب الله عام 2008.

وعلى الرغم من تواجد عدد كبير من قيادات حزب الله في سوريا، فإن استهداف القنطار تحديدا يطرح تساؤلات حول أسباب هذا الاستهداف، فلماذا اختارت "إسرائيل" القنطار تحديدا؟

درزي في جرمانا 

يمثل انتماء القنطار للطائفة الدرزية أحد الأسباب التي يمكن أن تفسر استهدافه من قبل الاحتلال "الإسرائيلي"، دون غيره من قيادات حزب الله. 

وعلى هذا الصعيد، يرى المحلل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" روني بن يشاي، أن انتماء القنطار للطائفة الدرزية يمثل حالة غير معهودة من العداء بين هذه الطائفة و"إسرائيل"، إذ يتمتع الاحتلال بهدوء كبير في المناطق المحتلة التي يسكنها دروز فلسطينيون أو سوريون.

وأضاف بن يشاي في مقال نشره الاثنين، أن إسرائيل "تحاول أن توجد في الجولان منطقة صديقة لها نسبيا، ولذلك فقد ألحق سمير القنطار ورفاقه ضررا استراتيجيا بالمشروع الإسرائيلي، حين تسبب بإيجاد شرخ أو على الأقل زعزع علاقات إسرائيل مع الطائفة الدرزية في إسرائيل وسوريا ولبنان أيضا".

وقتل مع القنطار في بلدة "جرمانا" ذات الأغلبية الدرزية، جنوب دمشق، فرحان شعلان، وقادة ميدانيون آخرون، كانوا يؤسسون فصيلا مسلحا يسمى "المقاومة الوطنية السورية في الجولان" الناشطة في مناطق الدوز، والتي تسعى لتجنيد الدروز لصالحها، بإسناد من حزب الله وفيلق القدس ومخابرات النظام السوري، بحسب قول المحلل العسكري الإسرائيلي بصحيفة "معاريف" العبرية يوسي ميلمان، الاثنين. 

تصفية حسابات 

وردا على سؤال لـ"عربي21" حول أسباب استهداف القنطار تحديدا من بين قادة حزب الله، قال الخبير في الشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر، إن اغتيال القنطار يأتي في إطار "تصفية الحساب مع كل من قتل الإسرائيليين في السابق"، لافتا إلى أن "هذه العملية هي جزء من سياسية إسرائيلية قديمة جديدة".
 
وأضاف أبو عامر أن "دولة الاحتلال تعلم جيدا أن الإفراج عن القنطار من خلال صفقة تبادل مع حزب الله كان رغما عنها"، مشيرا إلى أن الاحتلال لديه "حسابات مفتوحة مع كل من قتل إسرائيليا في السابق؛ وهذا بالضرورة قد يشمل أسرى فلسطينيين محررين في صفقات تبادل سابقة". 

تحطيم الرمز

من جهته، يرى رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى، الأسير المحرر عبد الناصر فروانة، أن الاغتيال ينطلق من رمزية القنطار كـ"عميد للأسرى اللبنانيين المحررين"، مشيرا إلى أن تحديد القنطار بالعملية هو محاولة لتحطيم لهذه الرمزية، مؤكدا أن "عملية اغتيال القنطار تحمل في طياتها رسالة لكل الأسرى المحررين؛ ممن شاركوا في مقاومة الاحتلال؛ مفادها أن الحساب قادم مهما طال الزمن". 

وأضاف فروانة في تصريحات لـ"عربي21"، أن "ما يقوم به الاحتلال هو مؤشر خطير. فحتى في حال إبرام صفقات التبادل برعاية دولية، فإن الاحتلال يصر على الانتقام من هؤلاء الأسرى برغم السنوات الطويلة التي أمضوها في سجونه".

استبعاد الرد

وإضافة إلى رغبة إسرائيل بالانتقام وتحطيم رمزية الأسرى، يرى محللون أن استهداف القنطار بالتحديد قد يكون مرتبطا باستبعاد "إسرائيل" لإمكانية الرد على اغتيال قائد مثير للجدل ولا ينتمي للصف الأول من قيادات حزب الله، مثل القنطار. 

وفي هذا الإطار، أوضح المحلل العسكري الإسرائيلي أليكس فيشمان، في افتتاحية "يديعوت أحرونوت" الاثنين، أن مكانة قنطار في حزب الله مختلفة جوهريا، فبالرغم من أنه أصبح رمزا لمواصلة الأسرى الذين تحرروا من السجن الإسرائيلي للكفاح، فإن حزب الله رفع عنه رعايته قبل نحو سنة، فيما واصل عمله بشكل مستقل بتوجيه من ضباط الحرس الثوري في دمشق.

ولكن ليس حزب الله وحده الذي أدار للقنطار الظهر، بحسب فيشمان، الذي أكد أن نظام دمشق أيضا يرى في استمرار نشاطه في سوريا خطرا على مصالح الأسد، "إذ إن من شأنه أن يجر إسرائيل إلى مواجهة مباشرة مع سوريا".

ويرى فيشمان أن هناك عاملين يضمنان عدم رد حزب الله على اغتيال القنطار: أولهما وجود تحفظات من حزب الله ودمشق على نشاطاته، والثاني يتمثل بالتواجد الروسي في سوريا، حيث إن فتح مواجهة بين إسرائيل وحزب الله لا يخدم مصالح موسكو في سوريا، بحسب قوله.

من جهته، اتفق عدنان أبو عامر مع وجهة النظر القائلة بأن عملية الاغتيال لن يكون لها تبعات كبيرة في المنطقة، مشيرا إلى أن "الاحتلال لديه قناعة كبيرة بأن حزب الله اللبناني، لن يرد عليها في هذه المرحلة".