مقالات مختارة

خامنئي في فيينا يدعو لتخصيب الأسد

1300x600
كتب أحمد عياش: لم يقل الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في الليلة العاشرة من محرّم كلاما عابرا عندما أعلن أن "من يترك القتال منا في سوريا كمن يترك الإمام الحسين ليلة عاشوراء". فهو في أدبيات نصرالله يرتقي إلى مرتبة التكليف الشرعي من المرشد الإيراني الذي يجب أن يطاع بلا أدنى تردد.

فكان لا بد لنصرالله الذي فاخر في آخر إطلالته في انتسابه إلى "حزب ولاية الفقيه" أن "يخاطر" مرتين في الظهور العلني أمام أنصاره في الضاحية الجنوبية لبيروت؛ لكيّ يبلّغ جمهوره القلق من استمرار سقوط الضحايا في الحرب السورية أن ما يهم هو تلبية نداء خامنئي.

في فيينا، التي شهدت حدث مشاركة إيران للمرة الأولى في المؤتمر الدولي حول سوريا، كان صوت المرشد واضحا عبر مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية والإفريقية حسين أمير عبد اللهيان، الذي شدد على أن "تجاوز الأسد ممنوع وخط أحمر".

وقد أبرزت وسائل إعلام المرشد كلام اللهيان على رغم أن وزير الخارجية محمد جواد ظريف هو الذي يترأس وفد بلاده إلى المؤتمر. وفي هذا السياق كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن ظريف أبلغ مرارا محاوريه الأمريكيين أن الشأن السوري، يتعلق بـ"القيادة العسكرية الإيرانية وليس بوزارة الخارجية"، أي أن فيينا النووية التي كانت بعهدة الرئيس روحاني غير فيينا السورية التي تعود إلى خامنئي.

المعلومات التي يمتلكها المتابعون للزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس النظام السوري بشار الأسد لموسكو، والتي كانت بداية للتطورات الديبلوماسية الدولية حاليا، تفيد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أخذ تعهدا من الأسد بتسهيل الحركة السياسية لإيجاد حل للحرب السورية، لكنه فشل في الحصول على تنازل من الأسد يتضمن التنحي عن منصبه في أية مرحلة مقبلة. ويقول أصحاب هذه المعلومات: "لقد بدا بوتين مستسلما أمام عناد الأسد في البقاء في منصبه، تاركا للظروف أن تقرر مصيره لاحقا".

في ميدان الحرب، يقول الخبراء في الشأن الروسي أن جيش نظام الأسد قد انتهى. وهذا الأمر دفع المرشد الإيراني إلى إعلان التعبئة للحفاظ على ما تبقى من سيطرة للأسد على سوريا. ويعترف الخبراء بأن تدخل موسكو العسكري في سوريا كان اضطرارا وليس خيارا، بعدما لاحت علامات انهيار الأسد. فكان قرار الكرملين نجدة الأسد بسلاح الجو الذي هو بديل عن تكرار التجربة الفاشلة في أفغانستان.

لكن أمر الأرض متروك بعهدة الإمام خامنئي على رغم تقدير الخبراء بأن إيران ستدفع أثمانا باهظة على غرار الأثمان الروسية في أفغانستان، والأثمان الأمريكية في فيتنام. وهذا ما لم يعد خافيا من خلال تساقط جنرالات الحرس الثوري، في صورة لم يسبق لها مثيل منذ زمن بعيد في تاريخ الجمهورية الإسلامية، وآخرهم الجنرالان كميل قريباني وحسن أحمدي. لكن خامنئي يعتبر سقوط الأسد نهاية لمشروعه؛ ولهذا يواصل تخصيب الأسد.

(عن صحيفة النهار اللبنانية، 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2015)