حول العالم

"الجوكر" يتلاعب بحياة أردنيين.."عربي21" تستمع لتجربة مدمنين

تحتوي مادة الجوكر على أعشاب مجهولة يضاف لها مواد كيماوية عالية السمية - أرشيفية
أمل (38 عاما)، أم أردنية لثلاثة أبناء، تحولت حياتها بين ليلة وضحاها إلى "جحيم" بعد أن وجدت نفسها مدمنة على مخدرات "الجوكر" (حشيش اصطناعي).
 
تروي أمل حكاية تعاطيها المخدرات لصحيفة "عربي21" بعد أن قررت "التوقف عن الإدمان والعلاج في المركز الوطني لتأهيل المدمنين في العاصمة الأردنية عمان ضمن برنامج يمتد لـ60 يوما يعقبها متابعة دورية".
 
البداية كما تقول أمل (اسم وهمي) عندما أدمنت على الحبوب المهدئة التي تتناولها دون وصفة طبية من الصيدلية؛ بسبب ألم المعدة الذي تعاني منه، إلا أن أحد مروجي المخدرات نصحها بتجربة نوع من الحشيش يدعى "الجوكر"، وهنا كانت "بداية رحلة الإدمان".
 
تحولت حياة أمل إلى "مشكلات وشقاق مع زوجها وأهلها، بعد أن أصبحت تعمل جاهدة لتوفير النقود وإنفاقها على الحشيش الاصطناعي، قبل أن ينصحها مقربون بالتوجه لمركز حكومي للعلاج من الإدمان".
 
زيارة إلى المركز الوطني لتأهيل المدمنين
 
"عربي21" زارت المركز الوطني لتأهيل المدمنين التابع لوزارة الصحة الأردنية، والتقت مدمنين قيد العلاج في المركز الذي يكفل مجانية وسرية العلاج للمتعاطي حسب القانون الأردني.
 
وتحدثت "عربي21" مع حالات تعاطي للمخدرات الاصطناعية، التي صنفتها دول على مستوى العالم من المواد المخدرة المحظورة ذات السمية العالية؛ بسبب استخدام مواد كيماوية كالأسمدة والمبيدات الحشرية.
 
وافتتح المركز في عام بالعاصمة عمان 2001، بكلفة مليوني دينار أردني (2.8 مليون دولار)، بعد أن بدأت الكميات المضبوطة من المخدرات وإعداد المراجعين من مسيئي استعمال ومدمني هذه المواد من قبل العيادات النفيسة بتزايد، بالإضافة إلى ارتفاع أعداد الوفيات من متعاطي الجرعات، وتبلغ سعة المركز 60 سريرا، منهم 10 للإناث.
 
يقوم المركز بعلاج المدمنين من خلال استضافتهم لمدة شهرين؛ لإزالة السمية، وتغطية الأعراض الانسحابية الجسدية والنفسية جراء الانقطاع عن هذه المواد"، ويضع بروتوكولات علاجيه تتضمن التأهيل الروحي والجسدي والنفسي والعائلي، من خلال اجتماعات مع العائلات، كما يتابع المركز المدمن بعد خروجه من المركز بشكل دوري.
 
"الجوكر خطر يحدق بالشباب"

وتنبهت الحكومة الأردنية لخطورة وانتشار مادة "الجوكر" بين فئة الشباب، وصنفتها من المواد المخدرة الممنوعة التي يحاكم مروجها أمام محكمة أمن الدولة.
 
وحسب مؤسسة الغذاء والدواء الأردنية، تحتوي مادة الجوكر على أعشاب مجهولة، يضاف لها مواد كيماوية عالية السمية، وينتج عنها تفاعلات تعطي تأثيرا مخدرا، وتروج في أكياس بلاستيكية صغيرة، وبأسعار مرتفعة مقارنة بتكلفتها المتدنية.
 
مادة خطرة "جدا جدا"

رئيس المركز الوطني لتأهيل المدمنين، جمال العناني، يصنف في حديث مع "عربي21" مادة الجوكر من المواد "السمية والخطرة جدا جدا"، مؤكدا أن "أكثر متعاطي المخدرات الفئات الشبابية من سن 12 عاما إلى 25 عاما، وبمعدل شخص واحد لكل ستة يتعاطون المادة يصبح مدمنا".
 
يقول العناني بسبب إدراج الحشيش والماريجوانا ضمن المواد الممنوعة، التي يحول من يتاجر بها إلى محكمة أمن الدولة، قام مروجو المخدرات بصنع الحشيش الصناعي، مستخدمين مواد كيماوية، على اعتبار أنها مواد غير مدرجة ضمن الممنوعات، وهي مواد لا يُعرف سميتها وآثارها الجانبية على المتعاطي".
 
ويقوم المروجون -حسب العناني- بتغيير المعادلة الكيماوية في كل مرة عند إنتاج الحشيش الصناعي، بحيث تكون هذه المعادلة غير مدرجة ضمن المواد الممنوعة".
 
ويرى أن "تعاطي هذه الجوكر زاد في الفترة الأخيرة مع الترويج أن القانون لا يجرم تعاطيها، وهذا غير صحيح، وينتشر تعاطي هذه المادة في الفئة العمرية من سن 12 إلى 25 سنه، ويستغل المروجون عدم النضج لهؤلاء الشباب، بالإضافة لكثرة الضغوطات النفسية، والضغط  من قبل المروج لتجربتها بالمجان؛ ليصبح الشاب أحيانا من المرة الأولى مدمنا بسبب الاستعداد الشخصي مع الخاصية الكيميائية لهذه المواد".
 
"الجوكر قد يقود للجنون"

يؤكد العناني أن "إضافة المواد الكيماوية يأتي بغرض التمويه على إدارة مكافحة المخدرات، وتكمن خطورة "الجوكر" في احتوائه على مواد سريعة الذوبان بالدهون والنسيج الدماغي، ففي حال استنشاقها تذهب إلى الدماغ وتضرب هذا الجهاز، وقد تؤدي إلى الجنون المؤقت، وفي حال كان لدى المتعاطي استعداد لتقبلها قد تصبح جنونا دائما، والأخطر من ذلك أنها ممكن أن تذهب إلى مراكز التنفس بالدماغ، وتؤدي إلى شلل، حيث حصلت وفيات بسبب جرعات زائدة بسبب تعاطي هذه المادة".
 
أسماء براقة

ويطلق مروجو الحشيش الصناعي أسماء جميلة وبراقة كي تلاقي الرواج بين فئة الشباب، من هذه الأسماء "سبايس وجوكر و بووم ودريم"، ليجذبوا هؤلاء الشباب لشرائها وتعاطيها، ويروجوها على أنها قانونية.
 
تقول المتعاطية أمل إنها "كانت تشتري كيس الحشيش وزن أربعة غرامات بمبلغ 18 دولارا، إلا أنها تعرفت على المروج الأساسي، واستطاعت الحصول على الكيس بدولارين فقط".
 
وتؤكد أنها "كانت تحصل على النشوة من مادة الجوكر"، ومع استمرار تعاطي هذه المادة التي تدخن على شكل سجائر، أصبحت أمل "تصاب بحالات غيبوبة، وفقدان للذاكرة، وفقدان الاتصال بالواقع، والدخول في دوامة الأوهام، ولجأت لتناول حبوب منشطة مثل الكبتاجون لإيقاف مفعول الجوكر الذي يُدخل المتعاطي في النوم لمدة ساعات".
 
تصنيع محلي

وضبطت قوات الأمن العام في الأردن الأسبوع الماضي أشخاصا كانوا يملكون موادا خامة في إحدى الشقق كانوا يصنعون من خلالها الحشيش الصناعي، بينما ضبط مصنع لإنتاج الجوكر في مدينة إربد شمال المملكة.
 
يقول الناطق الإعلامي لمديرية الأمن العام المقدم عامر السرطاوي لصحيفة "عربي21" إن "الجهود مستمرة لضبط مادة الحشيش الاصطناعي وملاحقة مروجيها"، محذرا في الوقت ذاته "الشباب من أخطار هذه المادة التي تحتوي سموما قاتلة قد تؤي إلى الوفاة".
 
وتشير الأرقام الصادرة عن الجامعة الأردنية -أكبر جامعات الأردن- إلى أن عدد متعاطي المخدرات الذين تم ضبطهم في الجامعة بلغ 450 طالبا، بينما يقول طلاب جامعات لـ"عربي21" إن مادة الحشيش تروج بشكل كبير بين صفوف الطلبة بأسعار زهيدة، حيث يصل سعر ست سجائر من الحشيش الصناعي ثلاثة دنانير (4.5 دولار).
 
وتنص المادة الثامنة من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية على أن كل من "أنتج أو صنع أي مادة مخدرة أو مؤثرات عقلية" بقصد الاتجار بها، "يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة لا تقل عن خمس عشرة سنة، وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف دينار ولا تزيد على عشرين ألف دينار".
 
المخدرات الرقمية حقيقة أم وهم؟

أما بخصوص المخدرات الرقمية التي انتشر صيتها على شبكة الإنترنت، فيقول رئيس مركز تأهيل المدمنين جمال العناني إنها "مجرد كذبة وحيلة" من شركات على شبكة الإنترنت؛ كي تبيع منتجاتها من المقاطع الموسيقية، حيث تقدم هذه الشركات مقاطع صوتية على شكل ترددات، وعليما لا تأثير مخدرا أو منشطا لها.
 
يرى العناني أن المخدرات الرقمية "ادعاءات من قبل أشخاص يتاجرون بمعتقدات الشباب، ويسعون لسلب أموالهم، عن طريق الاشتراك بالمواقع الموجودة على شبكة الإنترنت".
 
ويتفق معه كل من الخبير والمعالج النفسي باسل الحمد، والناطق الإعلامي في مديرية الأمن العام المقدم عامر السرطاوي.
 
 وتقوم قنوات على اليوتيوب وشبكة الإنترنت بطرح منتجات موسيقية تحت أسماء (كوكائين وماريجوانا)، ولم يثبت حتى الآن وجود حالات إدمان أو تأثير للموسيقى على جسم الإنسان.