مقالات مختارة

إسرائيل بين القدس ومكة!!

1300x600
كتب ماهر أبو طير: تشتد الاقتحامات الإسرائيلية ضد المسجد الأقصى، تركيعا وإذلالا لنا واحدا تلو الآخر، لكنها تشتد أكثر والمسلمون في مكة وجبل عرفات. 

لا يهم إسرائيل أي ميقات مقدس، فسياستها تجاه الأقصى متواصلة طوال العام، وهي ترى أيضا أن المسلمين أنفسهم لا يحترمون أي ميقات مقدس، فنقتتل في رمضان وفي الأشهر الحرم، وتسيل دماء الأبرياء منا، فلماذا يكون مطلوبا من الاحتلال التوقف عن سياساته، من أجل ميقات مقدس؟! 

على العكس ربما، تمعن إسرائيل في إهانة المواقيت المقدسة، وإهانة أكثر من مليار مسلم، فأبشع نوبات قصفها كانت تاريخيا في رمضان، وهي هذه الأيام تشتد نوبات جنونها واقتحاماتها للأقصى، في عز تجمهر المسلمين في مؤتمرهم الديني السنوي، بما يعنيه الحج من دلالات عميقة، فهي لا تخشى عددا ولا فعلا. 

لكنك من ناحية دينية وفي صميم مغزى الحج، وتجمع المسلمين من كل الدنيا، تقرأ اقتحامات الأقصى بطريقة مختلفة، فإسرائيل أيضا، لا تبالي بهذه الأمة، وهي أيضا تريد من ناحية سياسية تهويد المدينة التي تقول عنها إنها عاصمتها، فيما مسجد قبة الصخرة مثلا بقبته اللامعة، وجمالية مشهده، وطغيان صورته على كل المدينة، يؤكد أن المدينة إسلامية، ولا ظهور لكل الرمزيات اليهودية التي تصنعها إسرائيل من حول الحرم القدسي. 

وهكذا يتطابق المتدينون اليهود في حاجتهم لهيكل سليمان، مع العلمانيين الإسرائيليين الذين لا يريدون علوا لموقع يعاكس كل دلالات السياسة والسياحة والثقافة التي تريدها إسرائيل للمدينة المحتلة. 

بين القدس ومكة رابط عميق، فمن مكة أسرى الرسول إلى القدس، ومن القدس عرج إلى السماء، وفي عز نبض مكة في الحجاج في توقيت مقدس، تريد إسرائيل قطع الرابط بين الموقعين، فتقول لكل المسلمين إن لكم موقعكم ولنا موقعنا، فلا تأبه لكل هذه الحشود، ليس لافتراض الخشية من توجهها برا لتحرير فلسطين، ولكن للمغزى من مشهد المسلمين في موقع واحد، ووحدة تكوينهم.

(عن صحيفة الدستور الأردنية 23 أيلول/ سبتمبر 2015)