قضايا وآراء

عن زوبعة المجلس الوطني

1300x600
تشهد ولا تزال الساحة الفلسطينية في الداخل والشتات، جدلا واسعا حول النية لعقد اجتماع طارئ للمجلس الوطني الفلسطيني.

ولا يخفى على المتابع أنّ هناك فريقين؛ الأول يقول إنّ الاجتماع يأتي بعد تقديم عباس استقالته من منصب رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وبحث تعيين رئيس جديد. 

فيما يقول الفريق الثاني إنّ الدعوة لعقده تكريس للانقسام ونسف لجهود المصالحة مع استبعاد حركتي حماس والجهاد. 

على أنّ الفريق الثالث الغائب الحاضر في نفس الوقت هو الفلسطيني نفسه، الذي لا يُسمع له صوت وسط هذا الجدل. ليس لأنه لا يريد أن يقول رأيه بقدر ما أنّه لا يكترث بما يُقال.  

بعيدا عن من يمثل من ومن يجتمع مع من، وبعيدا عن من يُصلح من ومن يصالح من. بالنسبة للفلسطيني أينما كان، مشكلته أكبر من انعقاد اجتماع بتوافق أو بشكل منفرد.   

فالفلسطيني في القدس منشغل الآن في كيفية حماية منزله وأرضه من الهدم أو المصادرة. وهناك آخر مرابط في الأقصى لمنع تقسيم أصبح في الأمر الواقع. اجتمع المجلس الموقر أم لم يجتمع فذاك أمر لا يغير من واقعه شيئا.  

وليس بعيدا عنه، يعيش الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة وسط حالة من القلق المستمر في البحث عن طرق لحماية عائلته من محارق المستوطنين أو من رصاص جيش الاحتلال قد يسكن في صدر أحد ابناءه. اجتمع المجلس الموقر أم لم يجتمع فذاك أمر لن يردع الاحتلال وقطعان المستوطنين من اعتداتهم عليه.  

أما الفلسطيني في الداخل، فحاله ليس أفضل. ينصب اهتمامه في حياته اليومية حول كيف يحمي نفسه من عنصرية بغيضة تمارس ضده كل يوم، اجتمع المجلس الموقر أم لم يجتمع فذلك لن يغير من معاناته شيئا. 

وللفلسطيني في غزة قصة أخرى، همّه الوحيد كيف يفك الحصار عنه وكيف يبني منزله الذي دُمر قبل عام خلال العدوان. انعقد المجلس الوطني أم لم ينعقد فذاك لن يزيل آلامه اليومية. 

أما اللاجئ الفلسطيني، فيعيش يوميا معاناة مركبة، في الأولى بعده عن وطنه، والثانية معاناته في البلد الذي يعيش فيه، لا تسوية لأموره لا حقوق يكتسبها، لا أمان يتمتع به. اجتمع المجلس الموقر أم لم يجتمع فذلك لن يعيده إلى فلسطين. 

ليست المشكلة في مجلس انعقد أو منظمة أُصلحت أو مصالحة تمت. فالمشكلة بالنسبة للفلسطينيين أكبر وأعقد من ذلك. 

ثمة سؤال يراود الفلسطيني يوميا: متى تنتهي المعاناة؟ هل للسياسيين الفلسطينيين إجابة عن ذلك؟

قد يقول قائل: إن تأسيس جسم شرعي موحد للشعب الفلسطيني هو البداية لإنهاء معاناته. أقول أنا: حين يأتي هذا الوقت نكتب من جديد.