سياسة عربية

عنف بانتخابات المغرب قتل مواطن وتهديد لرئيس الحكومة (فيديو)

ابن كيران في آخر مهرجان خطابي له بملعب فاس الكبير ـ العدالة والتنمية
بلغت الحملة الانتخابية (فترة الدعاية) في المغرب مراحلها الأخيرة، ومن ثم شرعت الأحزاب في إخراج جميع أسلحتها، ولاحظ المراقبون ارتفاعا كبيرا في الاحتكام إلى العنف لحسم الخلافات بين المرشحين واللوائح الانتخابية.

الانتخابات الجماعية والجهوية (المحليات المحافظات)، التي تجري الجمعة 4 أيلول/ سبتمبر الجاري، بلغت مرحلة كسر العظم بين المتنافسين، ولم يعد الاصطفاف قائما فيها بين أحزاب الأغلبية الحكومية، في مقابل أحزاب المعارضة، بل تجاوز الصراع هذا التصنيف.

عشرات الحوادث التي توزعت بين القتل، والتهديد بالقتل، ومحاولة الاختطاف، وإحراق المنازل، والدهس بالسيارات، وأيضا استهداف أقارب المرشحين وأبنائهم، جعلت هذه الانتخابات تحظى باهتمام ومتابعة كبيرين.

في هذا التقرير يقدم "عربي21" صورة عن أكثر الحوادث التي إثارة أثناء الحملة الانتخابية الدائرة في المغرب.

ابن كيران.. حياتي في خطر

فاجأ عبد الإله ابن كيران، أمين عام حزب العدالة والتنمية، مناضلي حزبه ومئات من ساكنة مدينة تطوان (شمال المغرب)، الذي حجوا لمتابعة كلمته بمدينة تطوان ضمن فعاليات الحملة الانتخابية لانتخابات 4 أيلول/ سبتمبر، قائلا: "أقسم بالله أني أشعر بخطر على حياتي، ولكن هذا الشعب، يستحق أن نموت من أجله في سبيل الله، واليوم أقول والله يوقع اللي وقع، إلى عشنا غادي نفرحو بالإنجازات وإلى متنا كاين اللي غادي يكمل".

لم يتوقف ابن كيران عند هذا التصريح بل إنه على امتداد حملته الانتخابية، ظل يكرر في كل مهرجاناته الخطابية التي كان آخرها في مدينة فاس، التي كانت أكبر قلعة انتخابية لحزب الاستقلال المعارض، أن حياته في خطر لكنه لن يبخل عن المغرب والمغاربة بالعطاء ولو تكلف الأمر حياته.

حديث ابن كيران عن الخطر الذي يتهدد حياته، ليس وليد الحملة الانتخابية، لكنه اختار فرصة الانتخابات والمهرجانات الخطابية التي يؤطرها، إلى الحديث عن الصعوبات والتهديدات التي يتعرض لها كرئيس للحكومة وأمين عام لحزب العدالة والتنمية.

                         

القتل.. حرصا على المقعد

قتل ليلة الجمعة رجل مسن في عقده السابع، بعدما رفض الانضمام إلى صفوف حزب سياسي معارض، بعد أن اختار حزبا آخر للاشتغال معه بمناسبة الانتخابات الجماعية المقرر إجراؤها يوم 04 أيلول/ سبتمبر 2015.

الرجل المسن وفقا لمصادر "عربي21" يحظى بشعبية واسعة بدوار "بني سنانة" أحد ضواحي جرف الملحة التابعة لإقليم سيدي قاسم (شمال شرق العاصمة الرباط)، تلقى ضربات قاتلة في أماكن متفرقة من جسده وعلى وجهه".

وتابعت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن الضحية تغيرت ملامحه تماما وشلت حركة أطرافه، ليتم نقله من طرف المعتدين ذاتهم على متن سيارة وألقوه في طريق قريبة من منزله في لحظاته الأخيرة، وهو يصارع الموت، حيث كانت آخر كلماته التي رددها بعد أن هرع إليه أبناؤه "قتلوني بحديدة بحديدة".

واتهم أنصار حزب الحركة الشعبية (مشارك في الحكومة) الذي ينتمي إليه الضحية، أطرافا تنتمي إلى حزب الأصالة والمعاصرة (معارض) بالضلوع في عملية القتل، وذلك بقرينة التهديدات المستمرة التي كان يتلقاها هذا الأخير من طرف خصومه السياسيين سواء في السر أو العلن.

وبلغ التهديد درجة غير مسبوقة تقول المصادر، حيث قال له أحد منافسيه "بيننا وبينك السيف".

                

حرب "المعارضة"

بلغت حمى الانتخابات درجة عالية من الحرارة بمدينة سيدي قاسم، حيث هاجم أنصار لحزب الأصالة والمعاصرة (المعارض) مقرا انتخابيا لحزب الاستقلال (المعارض) باستعمال الأسلحة البيضاء والعصي.

الهجوم المباغت لأنصار الأصالة والمعاصرة عرف استعمال مختلف الأسلحة البيضاء والعصي أدى إلى جرح عدد من أعضاء الحملة الانتخابية لحزب الاستقلال، نقل على إثرها الجرحى إلى المستشفى الإقليمي، وسلمت لهم شواهد طبية، كما تم تسجيل سرقة مبالغ مالية، فيما تم تسجيل شكايات لدى المصالح الأمنية ضد المعتدين.

وحمل مدير الحملة الانتخابية لحزب الاستقلال بسيدي قاسم المسؤولية للسلطات المحلية داعيا إياها عدم نهج الحياد السلبي الذي يؤثر على مسار المنافسة الشريفة، في الوقت الذي يغض فيه الطرف عن البلطجية الذين عاثوا فسادا ويعتدون على أمن المواطنين ماديا ومعنويا.

                  

تطوان.. رسالة عبر رأس الولد

تعرض عثمان إدعمار نجل وكيل لائحة حزب العدالة و التنمية بتطوان محمد إدعمار لاعتداء في الرأس والأذن بواسطة أداة حادة من مجهولين في حي الولاية مما خلف نزيفا حادا في الرأس والأذن أدى إلى نقله للمستشفى وتقطيب الجروح بعدة غرز.
الاعتداء الذي تعرض له نجل وكيل لائحة حزب العدالة والتنمية، كان في واضحة النهار، كما أنه لم يتعرض لأي عملية سرقة، مما اعتبرته حملة العدالة والتنمية رسالة سياسية تستهدف مرشح الحزب عبر رأس ابنه.

               

 نسف مهرجان "البام"

داخل قاعة عمومية جمع حزب الأصالة والمعاصرة، المعروف اختصارا بـ"البام"، أكثر من 10 آلاف مناصر، حسب رواية الحزب، في مهرجان خطابي ترأسه الأمين العام للحزب مصطفى بكوري، وكل قيادة الصف الأول للحزب ليعرض خطته لتسيير مدينة الدار البيضاء، أكبر مدن المغرب.

وبعد أن انطلقت فقرات المهرجان، قام عشرات المشاركين بالقفز على منصة المهرجان، مطالبين بتأدية مستحقاتهم المالية، لأنهم لم يتقاضوا حقوقهم المالية من مشغليهم.

لم تنجح المفاوضات بين قيادة الحزب، وبين العمال "المياومين" في الحملة الانتخابية لحزب الأصالة والمعاصرة، حيث أصر الحضور على انتزاع مستحقاتهم المالية، قبل استمرار المهرجان الانتخابي.

ولم تنجح قيادات الحزب في تهدئة الحاضرين، ما دفعها إلى الانسحاب ومغادرة مكان التجمع الانتخابي.

               
                 
                           

 العنف تناقص


قال عبد الرحيم العلام، الباحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية، إن "أحداث العنف ذات الطبيعة الانتخابية تناقصت في المغرب إذا ما قورنت بالفترات الانتخابية السابقة".

وتابع عبد الرحيم العلام في تصريح لـ"عربي21رغم الحوادث ذات الطبيعة الخطيرة التي جرت خلال الانتخابات الجماعية، فلا يمكن مقارنتها بما كان يجري في الفترات السابقة، مثلا حرب القبائل فيما بينها، وحصار الدواوير ومنعها من قضاء مصالحها من قبل قبائل أخرى".

وأوضح العلام على أن العنف في التاريخ السياسي المغربي يمكن تقسيمه إلى ثلاثة أقسام، الأول عنف بين الأحزاب والمرشحين المتنافسين انتخابيا، وربما حتى داخل الحزب الواحد، وهذا النوع من العنف تضاءل بشكل كبير".

القسم الثاني بحسب العلام، هو "العنف الذي تمارسه الدولة سواء ضد بعض الأحزاب المشاركة، أو ضد المقاطعين للعملية الانتخابية، فالدولة لم تعد تدفع الناس إلى التصويت على حزب ضد حزب، أو كما في السابق حيث كانت السلطات المحلية تمنع المعارضة من التعبئة للانتخابات وتصادر منشوراتها الانتخابية".

وتابع "الشق الثاني هو عنف الدولة ضد المقاطعين، حيث تراجع العنف بحقهم لسبب موضوعي هو غياب جماعة والإحسان (إسلامية) عن الترويج للمقاطعة، في مقابل حضور رمزي لحزب النهج الديمقراطي (يساري)".