ملفات وتقارير

حراك موسكو في سوريا لإنقاذ ما تبقى من نفوذها بالشرق الأوسط

تحرك نشط لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في الفترة الماضية - أ ف ب
أرجع الخبير والمستشرق الروسي، ألكسندر شوميلين، تحرك موسكو للبحث عن حل سياسي للأزمة السورية المشتعلة منذ أكثر من أربعة أعوام، لثلاثة أسباب، بينها دخول تركيا في حرب حقيقية ضد تنظيم الدولة، وعزمها على إقامة منطقة آمنة شمال سوريا.

وقال شوميلين، في تحليله للحراك الدبلوماسي النشط الذي تقوم به روسيا في الآونة الأخيرة: "إن موسكو وجدت نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما التحرك بحثا عن حل سياسي للأزمة السورية يحفظ لها بعضا من نفوذها ووجودها في الشرق الأوسط، أو أن تسير الأمور في اتجاه لا يتناسب مع مصالحها، ويخرجها من حلبة الصراع"، معتبرا أن أسبابا ثلاثة قادت موسكو إلى الاقتناع بضرورة التحرك العاجل.
   
أما السبب الأول، بحسب الخبير الروسي، فكان "الاتفاق الذي وقعته إيران في تموز/ يوليو الماضي مع المجموعة الدولية، والذي وضع حدا لأزمة طال أمدها، وهو ما يعني أن الغرب الذي نجح في الوصول إلى تفاهم مع طهران بشأن ملفها النووي، سيحاول الوصول معها لتفاهم بشأن الملف السوري أيضا، وهو ما قد تحبذه طهران إن ارتأت في ذلك مصلحة لها".

واعتبر شوميلين أن السبب الثاني، يعود إلى الوضع الميداني السيئ في سوريا، والخسائر العسكرية الكبيرة التي مني به جيش الأسد خلال الشهور الأخيرة الماضية، فيما أنحى السبب الثالث إلى "دخول تركيا التي تحركت بشكل حازم، في حرب حقيقية ضد تنظيم الدولة، وإعلانها صراحة عزمها على إقامة منظقة عازلة شمال سوريا".

وتابع قائلا: "بناء على الأسباب السابقة، فقد وجدت موسكو ضرورة التحرك دبلوماسيا، لإنقاذ نفوذها الآخذ بالتراجع خلال الفترة الأخيرة، بسبب سياساتها المعادية لهبات شعوب المنطقة ضد حكامها، ودعمها الكامل لأنظمة شمولية ميزتها الوحيدة أنها ورقة تستعملها موسكو في وجه الغرب الذي يناصبها العداء"، على حد تعبيره.

 وأضاف الخبير قائلا: "لقد قررت روسيا الحفاظ على اتصالاتها مع أطياف المعارضة السورية، معلنة (وإن كان بشكل مستتر وغير معلن) أنها لا تتمسك ببشار الأسد كشخص، وأنها تدعم سوريا حرصا على الدولة والشعب السوري".

وكانت موسكو قد استقبلت في الآونة الأخير وفود أربعة من أطياف المعارضة السورية، حيث زارها وفد الائتلاف الوطني السوري لقوى المعارضة والثورة برئاسة خالد خوجة، ووفد لجنة التنسيق المنبثقة عن مؤتمر "القاهرة -2" برئاسة هيثم مناع، حيث التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الوفدين كلا على حده، وبحث معهما سبل التسوية السياسية للأزمة السورية، وتشكيل تحالف لمواجهة خطر تنظيم الدولة.

واللافت أن الوفدين خرجا بانطباعات متباينة حيال موقف موسكو، ففي حين أكد خالد خوجة، أنه "لمس تغييرا في الموقف الروسي، الذي لم يعد متمسكا كما في السابق ببقاء الأسد في السلطة"، كان انطباع مناع "أنه لا جديد لدى موسكو لتطرحه، وإنما تحاول الحفاظ على اتصالاتها مع أطراف المعارضة السورية، بحثا لنفسها عن وزن بدأت تفقده في المنطقة".

واستقبل الممثل الخاص للرئيس الروسي في الشرق الأوسط، نائب وزير الخارجية، ميخائيل بعذانوف، كل من قدري جميل، رئيس الجبهة الشعبية للتغيير والاستقلال في سوريا، وصالح مسلم، رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني، ولم تخرح تلك اللقاءات بجديد يذكر.

وبعد أن التقى وزير الخارجية الروسي مطلع آب/ أغسطس الجاري، وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، في قطر، بحضور وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، فقد زار الجبير موسكو قبل أيام، ومن المنتظر أن يزورها خلال أيام وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، كما أنه يزور العاصمة الروسية خلال الأسابيع القادمة كل من أمير دولة قطر الشيخ تميم بن خليفة بن حمد آل ثاني، ورئيس الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي. 

ويرى شوميلين "أن كل الزيارات، تبدو وكأن موسكو تسعى لحشد التأييد لمقترح الرئيس بوتين، بتشكيل تحالف إقليمي يضم تركيا والسعودية ولأردن ونظام الأسد، من أجل التصدي لتنظيم الدولة"، لافتا إلى أن "الدبلوماسية الروسية منيت بخيبة أمل كبيرة، حين أعلن الجبير في مؤتمره الصحفي المشترك في موسكو مع لافروف، أنه لا علم للرياض بأية مقترحات روسية لتشكيل تحالف من أي نوع، وأن المملكة عضو مؤسس في التحالف الدولي ضد داعش، وأن قواتها الجوية تشارك بفعالية في عمليات التحالف العسكرية".