ملفات وتقارير

لوموند: النظام الإيراني يعزز شعبيته بفضل تدخله في العراق

موشاجاري هو أول ضابط يقتل للحرس الثوري في العراق - أرشيفية
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا تعرضت فيه إلى العلاقة بين مشاركة عناصر الحرس الثوري وفيلق القدس في المعارك ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا، وزيادة شعبيتها في إيران، وأشارت فيه إلى أن شعور الشعب الإيراني بالخطر الذي يمثله هذا التنظيم الذي يتمدد في الجوار، أدى إلى تزايد الشعور القومي لديه ودعمه لسياسة النظام الحاكم، رغم أنه لا يزال يفضل الحلول السلمية إن كان ذلك ممكنا.
 
وقالت الصحيفة إن الضابط علي رضا موشاجاري هو "أول شهداء الحرس الثوري الايراني، وذلك بعد أن لقي حتفه في العراق وهو بصدد الدفاع عن الأماكن المقدسة لدى الشيعة التي يهددها تنظيم الدولة في العراق والشام"، ويقصد بذلك مدينتي كربلاء والنجف الشيعيتين. وأضافت أن الضابط تم دفنه في مقبرة "بهجة الزهراء" الواقعة في جنوب البلاد وأن كلمة "شهيد" المنقوشة باللون الأحمر على شاهد قبره تؤكد موته في سبيل الدفاع عن المقدسات، كما يصفها الشيعة.
 
ولفتت "لوموند" إلى أن المقبرة نفسها تضم "شهيدا" آخر سقط في العراق في نهاية شهر أيار/ مايو، وهو الضابط سعيد غرغلي الذي يرقد منذ بداية شهر تموز/ يوليو في المقبرة نفسها في قبر غير بعيد عن قبر أخيه حميد الذي توفي خلال الحرب العراقية الإيرانية التي امتدت بين 1980 و1988.
 
وأشارت إلى أن دفن أليزيرا موشاجاري في حزيران/ يونيو لم يصحبه أي بلاغ أو تصريح رسمي، على اعتبار أن إيران كانت لا تزال تنفي تدخلها العسكري في الأراضي العراقية آنذاك.

ولكن الوضع تغير، بحسب الصحيفة، حيث إن طهران أصبحت تدافع بشراسة عن تدخلها لمواجهة تنظيم الدولة، وأصبحت جميع مواقع الإنترنت تتحدث عن حيثيات استشهاد الضابط، وتذكر أنه لقي حتفه في سامراء شمال بغداد، حيث يقع مقام الإمامين علي الهادي وحسن العسكري.
 
واعتبرت الصحيفة أن "الأعمال الوحشية" التي يقوم بها تنظيم الدولة قد أحيت في نفوس الإيرانيين خوفا من انتشار العنف على أراضيهم وتكرار سيناريو حرب العراق، وخاصة أن الخطاب الرسمي يكثف من تحذيراته من خطر تعرض إيران لهجمات إرهابية أو غزو عسكري من تنظيم الدولة بهدف الاحتلال.
 
ونقلت الصحيفة عن قائد القوات المسلحة البرية الإيرانية، أحمد رضا بوردستان، قوله إن "عناصر تنظيم داعش قريبون من الحدود الإيرانية"؛ وأكد أن التنظيم حاول اختراق الأراضي الإيرانية من خلال مدينة جلولة، التي تقع على بعد 40 كيلومترا غربي البلاد.
 
ونقلت عن وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي، أن "إيران ستتدخل إذا ما اقترب تنظيم الدولة إلى مدى أربعين كيلومترا من الحدود وبدأ البحث عن طريقة للنفاذ".

وأشارت "لوموند" إلى أن الجيش الإيراني قام بتحضير خمس فرق بهدف التصدي للتنظيم المسلح، بالإضافة إلى نشر طائرات الاستطلاع.
 
وأفادت الصحيفة بأن شعبية النظام الحاكم قد تعززت بفضل هذا التدخل ضد تنظيم الدولة، وأن أكبر دليل على ذلك هو تنامي شعبية قاسم سليماني قائد فيلق القدس، والمكلف بتسيير مئات المقاتلين الشيعة الذين يساعدون القوات العراقية على محاربة التنظيم المسلح.
 
ونقلت عن باحثة علم اجتماع إيرانية، فضّلت عدم نشر اسمها، أن "القومية شعور قويّ لدى الإيرانيين، ولذلك فإن قاسم سليماني الذي يدافع عن الوطن ضد العدو هو حبيب الشعب وبطل حرب"، وأشارت إلى أن وسائل الإعلام الغربية أيضا تعتبر قاسم سليماني ذا استراتيجية ناجحة، حيث إنه لم يشارك في قمع المحتجين على إعادة انتخاب الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد في 2009، ما جعله يحظى بشعبية كبيرة.
 
وأضافت الباحثة أن جزءا كبيرا من الرأي العام الإيراني قد تحول ليقف في صف النظام الحاكم، بعد توقيع الاتفاق النووي في 14 تموز/ يوليو الماضي بين طهران ودول "خمسة زائد واحد"، وأكدت أن الآفاق التي تفتحها عملية رفع العقوبات الدولية ورفع التجميد عن السيولة قد ساهمت في وضع حد للانتقادات.
 
وفي الختام، فقد نقلت "لوموند" عن عالمة الاجتماع هذه أن "الذكريات المرة لحرب العراق وإيران بالإضافة إلى عدم استقرار المنطقة وفشل الربيع العربي، قد أقنعت الإيرانيين بأن الحل يكمن في العمل السياسي والمدني السلمي"، ما جعلهم يتخلون عن فكرة السعي وراء أي تغيير سياسي جذري في بلادهم.