مقالات مختارة

لماذا يخشى الأردن سيناء الشرقية؟!

1300x600
كتب ماهر أبو طير: في تقييمات حساسة، فإن هناك خطرا محتملا من مناطق شرق سيناء على جنوب الأردن، وتحديدا منطقة العقبة وبعض المناطق القريبة، وذلك من جانب الجماعات المتشددة.

ذات التقييمات كانت تتحدث دوما عن خطر الجماعات المتشددة جنوب سوريا، وغرب العراق، وتتناول في عجالة ملف سيناء، خصوصا أن الاشتباكات في سيناء دوما تقع في مناطق بعيدة عن جنوب الأردن، وتحديدا في شمال سيناء.

غير أن الكلام البعيد غير معلن، إذ إن هناك مخاوف من هذه الجماعات، التي تريد إرباك مصر الرسمية، عبر طرق عدة أبرزها، تهديد دول الجوار، وتحديدا الأردن والسعودية، عبر التهريب للأسلحة أو رشقات الصواريخ، بالإضافة إلى مدينة أم الرشراش الفلسطينية، المسماة اليوم تحت الاحتلال "إيلات" والمقابلة للعقبة.

هناك مخاوف أردنية منطقية من تهريب السلاح بحرا إلى مناطق جنوب الأردن والعقبة، أو عبر نقاط غامضة جنوب فلسطين عبورا من سيناء، أو عبر طابا وإلى الأردن بحرا، كما أن المخاوف تتعلق بنقاط ضعف محتملة في الأمن المصري، جراء شدة المواجهات في سيناء، بحيث تخاف عمان من تركز المواجهات في مناطق شمال سيناء، ثم تعود وتنفجر فجأة شرق سيناء، وعبر بوابة طابا أو مناطق أخرى بما يؤدي إلى شبك عدة جبهات مع بعضها البعض.

خصوصا أن التنظيمات المتشددة تسعى لزيادة مساحة النيران في المنطقة، بحيث تربك مصر الرسمية أمام كل جوارها.

هذا يفرض بطبيعة الحال تنسيقا أردنيا مصريا على صعيد ملف الإرهاب، والأرجح أن منسوب التنسيق ارتفع خلال الفترة المقبلة، خصوصا، مع التقديرات التي تقول إن الجماعات المتشددة في سيناء ستعمد إلى سياسة نقل البؤر المتفجرة، بحيث تتسبب بتعب للأمن المصري إذا استطاعت إلى ذلك سبيلا.

المثير هنا في الجماعات المتشددة أنها لا توجه سلاحها إلى "إيلات" ولا إلى جنوب فلسطين، حيث الاحتلال الإسرائيلي، بقدر متعتها في استهداف الجيش المصري أو التهديد بإرباك دول الجوار، مثل الأردن والسعودية، لكننا أيضا ومن زاوية من يقولون إن هناك مبالغة في حجم الجماعات المتشددة في سيناء، لغايات سياسية من جانب القاهرة الرسمية، نقول إن التخفيف من هذه الأخطار أيضا لا يختلف عن تهمة المبالغة، ولا يعبر أيضا عن التعقيدات الاجتماعية والفصائلية والأمنية في سيناء.

الأردن الذي تتموضع قدراته وتتركز على شماله وشرقه لمواجهة أي أخطار محتملة من سوريا والعراق، قد يجد نفسه بعد قليل أمام جبهة جنوبية مصدرها سيناء، وهي جبهة ليست سهلة، وتستنزف الإمكانات.

وها هي تستدرج مصر بكل مشكلاتها إلى معركة كانت هي في غنى عنها في الأساس، في ظل بعثرة الأوراق والأولويات التي نراها.

أغرب الآراء التي قد تسمعها تقول إن ما يجري في سيناء هو مجرد لعبة من جانب القاهرة الرسمية للبطش بالمعارضة والجماعات الإسلامية، وبالتالي لا خطر حقيقيا على الأردن، لأن اللعبة مدارة جيدا، والكلام على ما فيه من كراهية للقاهرة الرسمية، إلا أنه بصراحة يعبر فقط عن خفة سياسية، لا تقرأ الواقع في سيناء، وهو واقع يؤكد كثيرون أنه بات منفلتا لاعتبارات كثيرة، اجتماعية وقبلية وفصائلية، فيما يستحيل اعتبار ملف سيناء مجرد فيلم مصري تم إخراجه لغايات محددة.

(عن صحيفة الدستور الأردنية 5 تموز/ يوليو 2015)