قضايا وآراء

رمضان شهر الخير.. فهل أنت مستعد؟!

1300x600
كل عام وكلنا بخير وإلى خير، بالأمس القريب ذرفت عيون الصالحين على فراق رمضان، وها هي اليوم تستقبله بدموع الفرح، تناديه: مرحبا أيها الشهر الكريم، أهلا بطلعتك الميمونة، أيها الضيف العظيم مرحبا بوجهك السعيد، أيها الطبيب الحكيم هنيئا بزيارتك المباركة، ويا أيتها الأيام قفي بنا، فقد أرهقتنا مفاتنك، وخدعتنا بهارجك، وغرنا غرورك، وشغلنا حتى عن علاج أنفسنا وتغذية أرواحنا، وسلخت من عامنا أحد عشر شهرا كاملة، وطفحت أحداثك بمآسيك.

 كفى يا أيام، فقد أجعتنا من كثرة ما أكلنا، وأظمأْتنا من طغيان ما شربنا، وأرقتنا من طول ما نمنا، وأتعبتنا أضعاف ما استرحنا، قفي أيتها الأيام بأمر من خلقني وخلقك، فنحن أكرم على الله من أن يتركنا فريسة لخداعك وغرورك، وهو سبحانه أرحم بنا من أن يتركنا غرقى في شهواتك وأحداثك، ( إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ) [الحج : 65].
 
السماء تستعد لرمضان، فهل أنت مستعد؟

كل شيء يستعد لرمضان، وحتى السماء تستعد لاستقبال هذا الشهر الكريم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا كان أول ليلة من شهر رمضان، صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلِّقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة، فلم يغلَق منها باب، وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة).

 
أخي الحبيب، أمامك أيام ويبدأ شهر رمضان المبارك، فتجهَّزْ له، وكُنْ على استعداد، واعقِد نِية أكيدة على جَعل رمضانَ أيام تغيير للأحسن، ولا تنتظرْ وتقول: سأبدأُ مع أول يوم، ثُم تسوف وتُسوف؛ حتى تفاجأ بانقضاء رمضان، ولم تفزْ منه بشيء.

كن عمليا:

♦ اعْقِد نِية من أول ليلة على اغتنام كل لحظة في رمضان، دون كَلَل أو مَلَل.

♦ إظهار الفرحِ والسرور بقدومِ رمضانَ، فلطالَما أساءَ كثيرون في استقباله، فاشْمَأزتْ نفوسهم، فأحْسنوا استقباله، كما تستقبلون ضيفا عزيزا عليكم، وحري بكم وهو أكرم ضيوف العام.

♦ تهْيئة الجو للطاعات، فطلقوا الـ"فيسبوك" و"تويتر" والمسلسلات والأفلام الهابطة الناشرة للرذيلة.

♦ توثيق العلاقة بالقرآن، فهو رسالة الله التي أنْزَلها إلى البشريَّة، وهَدِيَّة من ربِّكم، فاقْبَلوا هديته، وحافظوا عليها ولا تضيعوها.

♦ تجديد صلة الرحم، وحسنوا علاقاتكم الاجتماعية.

♦ إتقان أعمالكم، وعدم الكسل بحُجة الصيام، فرمضان يدفع نحو العملِ لا إلى الفتور والكسل.

♦ استشعار خيرية الأمة، فتأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر.

♦ الأخوة الأخوة، اللهَ الله في أُخوتِكم، فحافِظوا عليها، ووثقوا علاقتكم ببعضكم، وكونوا كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

جدد العهد مع الله، كتب الله علينا أن نعصي ونذنب، وكتب علينا الخطأَ والنسيان، لأنه وحده -جل شأنه - الذي لا يغفل ولا يخطئ ولا يسهو، لكن المولى سبحانه وتعالى كما كتب علينا الذنب، فقد أوجب علينا التوبةَ، فإن أذنب الفرد، عاد إلى ربه تائبا مُسْتغفرا نادما.

يقول الله تعالى: (‏وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: 31].

فالله تعالى أمرَ بالتوبة وجَعَلَها واجبة علينا، بل جَعَلَ أصحابَها من المفلحين، أما مَن أذْنَبَ ولم يتبْ، فهو ظالمٌ؛ مصداقا لقوله سبحانه وتعالى: (وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [الحجرات: 11].

وإنْ ظلَّ على ذنبِه، ونَسِي الله، ونَسِي التوبةَ إليه، فجزاؤه: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ) [الحشر: 19]؛ أي: أنساه مصالِحَه، وما ينجيه من عذابه، وما يُدْخِله في جنته.

وللتوبة شروط حتى تكون كاملة نصوحا:

1- ترك الذنْب والندم عليه؛ يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((الندمُ توبة)).

2- العزم على عدم العودة إلى المعصية، وكُنْ قويًّا فى ذلك، ولا يوسوس لك الشيطان فتعود إليه.

3- رد المظالم إلى أهلها؛ فإنْ أخذتَ ما ليس لك، فردَّه إلى أصحابه.

انتبه!

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((وإنَّ الرجلَ ليُحْرَم الرزقَ بالذنب يصيبه))، فإن شعرت بزوال البركةِ في الرزق، فراجِعْ نفسَك، وفَتِّشْ عن قلبك، وعن الذنوب التي تُمَارس في بيتك، واسْتَغْفِرِ اللهَ منها، وكُنْ دائمَ التوبة والاستغفار؛ فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستغفرُ في اليوم مائةَ مرة.

كن عمليا:

يقول النبي - صلى الله عليه وسلم: ((مَا مِن عبدٍ يذنبُ ذنبًا فيتوضَّأ، فيُحْسِن الطهورَ، ثم يقوم فيصلًّي ركعتين، ثم يستغفر اللهَ من ذلك الذنبِ، إلا غفرَ اللهُ له)).