ملفات وتقارير

كيف يبدو نظام السيسي بعد عام على تسلمه الرئاسة في مصر؟

السيسي
بعد مرور عام على تسلم عبد الفتاح السيسي الرئاسة في مصر، تبرز تساؤلات حول متانة نظامه، حيث يهدد تصارع المصالح الضيقة للقوى المتحالفة في زيادة عدم الاستقرار للنظام السياسي المصري الذي يعاني من عدم قدرته على استمرار فرض سيطرته لصالحه، بحسب مراقبين وسياسيين.

النظام الحالي.. استثنائي وانتقالي

ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة، إن "مؤسسات الدولة في جوهرها ما زالت هي مؤسسات (الرئيس المخلوع حسني) مبارك، ولم يحدث تغيير جذري عليها، بالرغم من مرور ثورتين" حسب تعبيره.

وأضاف لـ"عربي21": "النظام الحالي هو نظام استثنائي، في مرحلة انتقالية، مشابه للمراحل السابقة منذ ثورة 25 يناير، لم تكتمل منذ حكم المجلس العسكري وحتى الآن".

وتابع: "كان من المفترض إقامة نظام سياسي متكامل إبان فترة حكم المجلس العسكري، إلا أن السياسيين والثوار فشلوا في التوافق حول وضع رؤية موحدة لنظام متكامل".

ورأى أن مصر عادت لنقطة الصفر أكثر من مرة منذ ثورة يناير، مشيرا إلى أن "غياب البرلمان يجعل من النظام نظاما غير مكتمل الأركان، كما أن شعارات 25 يناير التي رفعها الشباب لم تتحق حتى الآن".

صراع الأجنحة في الداخل والخارج

من جهته، يرى رئيس المكتب التنفيذي لحزب البديل الحضاري، حسام عقل، أن مصر فيبها أكثر من كيان مواز للسلطة.

وقال لـ"عربي21": "لسنا إزاء كيان واحد يحكمه نسق فكري واستراتيجي واحد يتسم بالهرمونية (تناغم) بين مكوناته، فهناك ما يسمى بصراع الأجنحة، وهو أمر خرج علنا للنور".

واستدل على ذلك "بحوادث التسريبات التي لاحقت النظام من ناحية، والأدوار الغامضة التي يقوم بها المرشح الرئاسي السابق الفريق أحمد شفيق الهارب إلى الإمارات، مع خيوطه وامتداداته داخل أجهزة الدولة المصرية، وما أثير حول دور الفريق سامي عنان رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق المثير لريبة النظام الحالي، والمتوجس من مثل تلك الشخصيات"، وفق رأيه.

وأشار عقل إلى أن العلاقات مع رأس المال غير مستقرة، وأن الصدام معه ومع الدولة العميقة كلفته باهظة، "فكثيرا ما شن أصحاب المال حملات شديدة الضراوة في الإعلام والصحافة ضد النظام أو إحدى مؤسساته بعد أن تلاشت تجليات 30 يونيو و3 يوليو"، حسب تعبيره.

وأكد أن "الشيخوخة المبكرة زحفت لملامح النظام، بعد أن حدثت شروخ لتحالفات 30 يونيو المتناغمة في ذلك الوقت، ولكن بمرور الوقت، ونتيجة تضارب المصالح، وغياب التوافق، تحولت الشروخ إلى صدوع كبيرة، ما يعجل بصدام أكبر"، معبرا عن اعتقاده بأن "النظام أكثر هشاشة مما يتصور المراقبون".

المؤسسة العسكرية تهيمن على المشهد

أما العضو السابق في مجلس الشورى، عبد الرحمن هريدي، فيرى أن "الوضع الحالي للنظام منفصل عن الواقع المنطقي، وبرغم أنه نظام مستبد، إلا أن هناك اختلافا داخل أجهزة الدولة مع السلطة السياسية، ولا يوجد تناغم حقيقي بينهم، إنما مصالح مؤقتة، وليست أهدافا مشتركة".

وقال لـ"عربي21": "سياسة البلاد محصورة فقط داخل المؤسسة العسكرية، فالمشاريع الكبرى هي حكر عليها وحدها، ما يجعل السيسي في أزمة حقيقية مع رجال الأعمال طفت على السطح مؤخرا، وتحولت إلى مواجهات علنية".

ولفت هريدي إلى أن "لوبي رجال الأعمال قد يعمل ضد النظام إذا ما تعارضت سياسته مع مصالحه، وبالتالي لن يمكن للنظام العمل دونهم أو دون شروطهم، ولا يمكنهم فرض شروطهم دون تقديم المقابل"، وفق تقديره.

ووصف هريدي النظام بـ"الهش من الداخل رغم صلابته من الخارج، بفضل قبضته الأمنية التي تسلط على كل صوت يشبه صوت ثورة يناير في مطالبه". وأضاف: "لا يمكن اعتبار القضاء والشرطة والجيش في معزل عن تقاطع المصالح، برغم ولائهم له (النظام) بما يتفق مع مصالحهم واستعدادهم لتقديم الولاء لغيره".

صراعات خلف الأبواب

بدوره؛ أكد عضو المكتب السياسي لحزب مصر القوية، محمد القصاص، أن الدولة لا تعمل وفق رؤية وهدف واحد وكيان واحد، بالرغم من تشابه الأطراف المستفيدة في العمل على مصالحها الخاصة.

وقال لـ"عربي21": "الدولة المصرية تتقاسمها أجنحة وهيئات متضاربة، سياسيا وعسكريا وماليا، والدولة العميقة على رأس تلك الأجنحة، ولا تميل لأحد بسهولة، وليس هناك ما يؤكد وجود توافق وتناغم بين جميع تلك القوى".

وأشار إلى وجود "صراعات خلف الأبواب المغلقة، لا يمكن التكهن بطبيعتها وأطرافها، ولكنها تؤكد وجود رغبة قوية في تقاسم القوة، والنفوذ، والمال، بما يملك كل فصيل من مقومات". ورأى أن "ما ظهر للعلن غيض من فيض".