قضايا وآراء

أسباب تأييد الجمهور العربي لتنظيم الدولة "داعش"

1300x600
في تصويت قام به موقع الجزيرة نت عن انتصارات التنظيم في الرمادي وتدمر حيث طرح السؤال التالي: هل تؤيد انتصارات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا؟

تجاوز عدد المشاركين بالتصويت 24 ألف شخص، من أعطى تأييده للتنظيم نسبة كبيرة تجاوزت 81%، كان على إثرها حوار ساخن في برنامج الاتجاه المعاكس تابعته؛ فوجدته سجالا دون وضع الإصبع على المطلوب وإظهار الحقائق للناس؛ فقمت بكتابة هذا المقال لتعريف الناس بأبرز الأسباب الحقيقية التي جعلت العرب يؤيدون تنظيم الدولة "داعش".

إجهاض الربيع العربي والثورات المضادة

إن عمليات الارتداد والثورات المضادة على ثورات الربيع العربي التي قادتها دول خليجية وبمباركة دولية في مصر وتونس واليمن وليبيا كان لها الدور الكبير في بث شعور لدى الشباب العربي بشكل عام، أن السياق الثوري السلمي والعقلية المتحضرة وصناديق الاقتراع النزيهة ليس لها مكان في الدول العربية، فالإطاحة برئيس شرعي منتخب في مصر بانقلاب عسكري ومباركة دولية دفعت الكثير من الشباب التعاطف مع الخيار المسلح الذي يجسده على الأرض تنظيم الدولة، وعمليات الإعدام والقتل والتصفية السياسية في دول الربيع العربي جعلت الإسلام الوسطي والسلمية خيار يثقل كاهل الشباب وهم يَرَوْن ثوراتهم تُقتل بدم بارد وصمت عالمي؛ فكان إعلام تنظيم الدولة يصل إليهم ويداعب تلك الأحاسيس بالظلم، وأنه جاء ليرد لهم تلك الحقوق ولكن بالسيف وليس بصندوق الاقتراع أو الميدان؛ فأصبح هناك تعاطف بسبب فشل التجربة الأولى.

النفوذ الإيراني وفشل عاصفة الحزم

مما لا شك فيه أن إيران لديها مشاريع في الخليج العربي واليمن والعراق وسوريا ولبنان وهناك الملايين من العرب في تلك البلدان قد تأثروا بشكل كبير من تلك المشاريع ولديهم حالة من الإحباط كون لا يوجد هناك أي رادع حقيقي لذلك النفوذ الإيراني المفزع والمخيف.

إن انطلاق عاصفة الحزم كان عليه الكثير من الآمال في إيقاف ذلك التدخل، ولكن توقف العمليات دون نتيجة حقيقية زاد الطين بلة وترسخت القناعات أكثر أن حكام تلك الدول لديهم سقف مرسوم لا يمكنهم تجاوزه بأي شكل من الأشكال؛ مما دفع تلك الملايين للتعاطف مجددًا مع تنظيم الدولة الذي سوق نفسه أنه الوحيد القادر على الوقوف بوجه المشروع الإيراني بالمنطقة وحماية أهل السنة.

التزاوج مع البعث العراقي

احتلال العراق عام 2003 من قِبل الأمريكيين دفع قيادات حزب البعث العليا والوسطية لمغادرة العراق إلى دول عربية كسوريا والأردن ومصر والإمارات وبقيت هذه القيادات مرتبطة بتنظيم حزب البعث وتروج له إلى يومنا هذا، وارتباط حزب البعث في العراق بتنظيم الدولة جعل الامتداد البعثي العراقي يروج للتنظيم في البلدان التي يسكن فيها خاصة إذا عرفنا أن لديهم نفوذ مالي وتنظيمي في تلك البلدان لعلاقاتهم مع ساستها ومشاريعهم التجارية التي بدأوها قبل حوالي 12 سنة والتي تشكل جزء مهم من اقتصادات وأسواق تلك الدول مما رفع رصيد التنظيم وجعل السياق العام يتعاطف معه أكثر.

مواجهة المشروع الأمريكي

الخطاب الأمريكي المتعالي على الشعوب الذي يبثه الساسة الأمريكيون والتدخل في تفاصيل دولنا العربية؛ دفع شريحة كبيرة من الناس إلى معاداة المشروع الأمريكي بالمطلق وتأييد أي جماعة أو مشروع يطرح نفسه أنه معادٍ للمشروع الأمريكي، ولأن التنظيم هو امتداد للقاعدة (المشروع المعادي لأمريكا على طول الخط) فإن التنظيم وجد نفسه يتلقى التعاطف من هذه الشريحة وقام بإذكاء ذلك الأمر خاصة بعد التحالف الأخير الذي تقوده أمريكا ضده.

فشل الدعوات السلمية

إن دعوات السلمية والحراك الشعبي غير المسلح في كل من العراق وسوريا الذي دام لسنوات انتهى بنتيجة قمعية استخدمها المالكي ضد المظاهرات بالعراق فأحرق الخيام وقتل المتظاهرين، وكان قبله بشار يقتل ويبيد نشطاء الحراك السلمي؛ مما دفع شعوب تلك الدول إلى تبني الخيار المسلح، ورغم أنهم يختلفون مع تنظيم الدولة جملةً وتفصيلاً، فإن التنظيم فرض نفسه بالقوة على تلك المناطق وتصدر المشهد وتجاوز مرحلة القبول والرفض من الأهالي وسوق نفسه للناس أنه المدافع عن مناطقهم ضد القمع الذي مارسته حكومة بغداد ودمشق.

التعتيم الإعلامي

الجرائم التي ارتكبها التنظيم بشعة حد الجنون ومجنونة حد عدم التصديق، وما يحدث اليوم في ساحات الرقة والموصل من جلد للمواطنين وتقطيع للأطراف والرؤوس والضغط على الناس بشكل كبير جدًا من كتيبة نسوية تقوم بعض النساء التي لا ترتدين ما فرضه التنظيم إلى جلد من لم يقم بإطالة اللحية إلى قتل كل مخالف بحجة الردة وشق الصف، وغيرها من الجرائم التي لم تظهر للناس بسبب التعتيم الإعلامي الذي يمارسه التنظيم وجمهورية الرعب التي زرعها في نفوس من يقبعون تحت حكمه، كان الإعلام الوحيد ما يبثه التنظيم من تشويه للحقائق وبعض الذين نقلوا الحقيقة، وكان ثمن تلك الحقيقة دفع للأرواح أو مصادرة للممتلكات لذلك حافظ التنظيم على بث الصورة التي يريد وخلق دعم وجمهور بتلك الطريقة.

النجاح في التسويق الشبكي

إن الجيش الإعلامي والتقنية الكبيرة التي يستخدمها التنظيم في بث نشاطه وإرسال رسائل للعالم والجمهور بشكل متواز بيّن أنه قوي ويجلب الحقوق للناس بالسيف وبيّن أنه مظلوم ويقتل ويهاجم دون وجه حق، فنجاح التنظيم بذلك هو نجاح حقيقي.

كل تلك الأسباب جعلت رصيد التنظيم يَصْب في صالح نتيجته التي أراد بها كسب التعاطف، ذلك التعاطف يدر عليه الأموال والرجال الذين يقاتل بهم وسيستمر ذلك التعاطف باستمرار تلك الأسباب.