سياسة عربية

فزع أنصار السيسي من تسريع الثورة المضادة و"إعلام العار"

فزع أنصار السيسي من تسريع الثورة المضادة وإعلام العار - أرشيفية
أبدى عدد من الكتاب والإعلاميين المصريين، من أنصار الرئيس المصري بعد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، فزعهم الشديد مما اعتبروه "تطبيعا سريعا ومتصاعدا" مع نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، وإثارة الإعلام لقضايا الجنس والشذوذ وغيرها، مما يُطلق عليه وصف "إعلام العار".
 
وقال مراقبون إن فزع أنصار السيسي يرجع إلى الاستفزاز الكبير الذي تمثله عودة نظام مبارك، وإفشالها لمصداقية الرواية التي يتزعمها الانقلابيون في مصر، التي تقول إن ما حدث في 30 حزيران/ يونيو 2013 ثورة، لكن هذه العودة المباشرة لدولة مبارك، وإطلاق سراحه وأبنائه ورموز نظامه، والتصالح مع رجال أعماله، تعني أنها ما هي إلا ثورة مضادة، الأمر الذي يبدد ما تبقى من شرعية نظام السيسي المتآكلة.

وكان مبارك أطل على شاشة فضائية خاصة قبل أيام، متحدثا عن شعوره بالفخر والاعتزاز بما أداه من أدوار في الحرب والحكم، ومشيدا بحكمة السيسي. 

ونقلت تغطيات صحفية احتفالات عيد ميلاده السابع والثمانين بأغنية "تعيش وأنت الزعيم"، وتوسعت تغطيات أخرى في متابعة الأخبار الاجتماعية لأسرته بسرادق عزاء، وفي أحد المطاعم، وعند سفح الأهرامات. 

كما صدرت فتوى من مجلس الدولة بأحقية مبارك وأسرته في التمتع بميزات الرئيس السابق.

أما فزع الكتاب والإعلاميين من أنصار السيسي من تركيز الإعلام المصري على القضايا السطحية والتافهة، كقضايا الجنس، والشذوذ، والمتحولين جنسيا.. إلخ، فمرجعه -وفق مراقبين- إلى تسبب هذا الإعلام ليس فقط في انصراف الشعب عنه، وإنما انصرافه عن النظام كله.

التطبيع مع الماضي

هذا هو العنوان الذي كتب تحته عبد الله السناوي مقاله بجريدة الشروق، الأربعاء، متسائلا: "ما طبيعة نظام الحكم الحالي؟

وأجاب: هناك فرضيتان. الأولى، أنه يدعم التطبيع مع الماضي، وسياساته، ووجوهه. ولهذه الفرضية منطقها، فالسياسات الاقتصادية الحالية تكاد تكون نصا منقولا بحذافيره عن ما كانت تتبناه لجنة السياسات التي كان يترأسها جمال مبارك.

وهنا حذر السناوي -كما لاحظت "عربي21"- من أن الترويج للماضي يضفى على العنف مشروعيته، وأن أخطر جريمة في حق هذا البلد أن يجري تصوير "يونيو" على أنها "ثورة مضادة"، وهذه مسؤولية نظام الحكم الحالي أمام التاريخ، حسبما قال.

وأضاف: أما الفرضية الثانية، فهي أنه لا صلة لنظام الحكم الحالي بكل ما يجري من احتفاء بالماضي، ومحاولة غسل سمعته، وهذه الفرضية تستند إلى معلومات شبه مؤكدة عن انزعاج الرئاسة من مثل هذه التغطيات.

وهنا قال السناوي: "الانزلاق إلى الماضي يعنى بالضبط حربا مفتوحة على المستقبل أخطر من رصاص الإرهاب وعبواته الناسفة"، مشددا على أن "القلق الاجتماعي إذا ما اقترب من لهب النار فإن المعادلات السياسية مرشحة لانقلاب كامل".

المخلوع: الدولة ما تزال في جيبي

كتب الدكتور محمود خليل، مقالا بجريدة الوطن الأربعاء، تحت العنوان السابق، قائلا: "إن هناك تحولات في المشهد في مصر منذ عام 2011، وحتى الآن، تؤكد جميعها حقيقة واحدة، هي أن المخلوع نجح في الالتفاف على المشهد بأكمله، وأن الدولة ما تزال في جيبه، وأن كل من حكم مصر بعد 11 فبراير 2011 كان يؤدي على أساس هذه الحقيقة، وأن الدولة التي في جيب مبارك قادرة على الجميع، وأنها نجحت في تركيع الجميع. 

وأضاف: "هذه حقيقة يصعب التفلت منها، لكن ثمة حقيقة أكبر يجهلها البعض، هي أن ثورة يناير أشبه بالعنقاء القادرة على بعث نفسها من جديد. فهي حية تُرزق، ولها قيامة جديدة، ويوم "الكنس" مقبل، ومفيش أكتر من المقشات"، وفق قوله.

قضايا مسكوت عنها

على مستوى الغضب من الإعلام، كتب سمير شحاتة بجريدة الأهرام، تحت العنوان السابق، الأربعاء، قائلا: لم يعد لعبارة "قضايا مسكوت عنها" وجود في الإعلام.. كله أصبح مباحا وبفجاجة، مثل الجنس والشذوذ والمتحولين الهاربين من أجسادهم لتعديله بالجنس الآخر، اللافت أن البرامج خلت من أي تفسيرات علمية واتسمت بالإثارة، وتغييب الوعي، وسذاجة الطرح.

وتساءل شحاتة -وفق ما لاحظت "عربي21"-: ما الرسالة التي أراد أحد البرامج التلفزيونية إيصالها للمشاهدين من تكرار حلقة عن الشذوذ، ومثلية فتاتين يسردن تجربتهن بلا ندم من مخالفتهن العقائد والتقاليد؟

واستطرد: الإثارة أم الاستنارة؟ حيث يفصل بينهما خيط رفيع. وهو ما وقعت فيه إحدى المذيعات، بحلقات قدمتها عن التحول الجنسي في لبنان، باعتبار اللبنانيات أكثر جرأة في الحديث عن التجربة، وإن أثارت مشاهد الملهى الليلي القرف.

إعلام العار: أوضاع مُخلةٌ بشرف المهنة

وكتب أنور الهواري، بجريدة المصري اليوم، الأربعاء، تحت العنوان السابق، قائلا: "من حيث المبدأ، شيء جميل أن ينتفض الناس ضد ما يسمونه إعلام العار، أرقامُ التوزيع تقول إن الصحافة المطبوعة تتراجع، ومثل ذلك، بل أكثر فيما يتعلق بالإعلام التلفزيوني، انصراف جماعي عن البرامج، توافق عام على أن هذا الإعلام لا يمثل الناس.

وتابع: نبهتني زميلةٌ عزيزةٌ إلى برنامجين، أحدهما عن المتحولين من جنس إلى جنس، وآخرهما عن زنى المحارم، كلاهُما بلغ ذروة الإسفاف والانحطاط.

واستطرد: "إعلامُ العار السياسي لم يبدأ من اليوم، ولا من قضايا الشرف الجنسي، لكنه بدأ من قضايا الشرف السياسي، وبلغ ذروته في انتخابات الرئاسة الأخيرة، ورغم أن المنافس كان وحيدا، لم نتورع عن استئصاله وإبادته بصورة تخلو من أي شرف، ولولا أنه رجل مسيس ومدرب على احتمال الأذى، لكان انسحب، وانتهت الانتخابات إلى استفتاء على مرشح وحيد.

وأضاف -فيما تنقله عنه "عربي21"-: "إعلام العار بنوعيه: مَن ينتهك الشرف السياسي، ومن ينتهك الشرف الجنسي، كلاهما المولود الشرعي لحقبة الانحطاط العام التي نعيشها".