قضايا وآراء

هل نحن أمام صياغة مفهوم جديد للأمة الإسلامية ؟!

1300x600
من المفاهيم الآخذة في التبلور على صعيد العالم الإسلامي ربما دون وعي كامل بها في هذا الإبان، (مفهوم الأمة الإسلامية )؛ فالملاحظ أن الأحداث الجسام والفتن العظام التي تهز العالم الإسلامي، يصحبها خطاب ديني من مصادر ومرجعيات دينية من ناحية ، ومن جماعات مغالية في الدين من جهة أخرى، ينحو منحى يُجزى بالفرق والمذاهب المخالفة والمبتدعة (الشيعة تحديدا ) إلى حافة دائرة الأمة الإسلامية . 

ويقابله خطاب تخويني خنوعي يُنعت به الطرف الذي يطرح نفسه، ممثلا رسميا للسنة في العالم الإسلامي للقوى الاستكبارية العالمية، يضخه وينميه الطرف المقابل (المركز والأفلاك الدائرة في مداره) الذي يقدم نفسه على أنه الممثل الرسمي للشيعة في العالم الإسلامي، يوشك تفاقم الخطابين - ممتزجا بالأحداث السياسية في باطنه المصلحي الضيق في الحقيقة لدى الأطراف المتهالكة في العالم الإسلامي- أن ينتهي إلى الشروع أو التقدم في المرحلة الأولى نحو صياغة مفهوم جديد للأمة الإسلامية، يقذف بتلك الفرق خارج الدائرة الكبرى التي توافق المسلمون على شموليتها لكل الفرق الإسلامية، عدا المغالية التي خرقت أجاميع المعلوم من الدين بالضرورة . 

وفي المقابل ترسيخ الصورة العمالية التواطؤية الخنوعية للقوى الكبرى الغرضة،  فتعقبه ردة الفعل المناسبة، بتجلي خطورة التمادي في  هذا المسلك والخطاب فيما يأتي ذكره :

- أن يتمركز اتجاه مذهبي سلفي في العالم الإسلامي يوطن نفسه وتوطنه أسباب القوة المادية المالية، وحتى المتربصة بالعالم الإسلامي ليكون المرجعية التي تُحدد (ما صدق الأمة الإسلامية ) ، وتصبح معه حينئذ كل مكونات الأمة المذهبية والعقائدية مؤهلة للطرح على طاولة المداولات، ليتقرر بشأنها القبول أو النفي من الدائرة  حسب المعايير التي ستتبلور من مقررات ذاك الخطاب .

-  أن يقابل من الفرق المستهدفة مرحلة فمرحلة بإحدى الخطوتين المحتملتين حسب الضرورة والمتغيرات : إما تولى كل فرقة قوية عددا وعدة ومرجعية شرعية في نظرها بالمواجهة بالمثل، موظفة ما لديها من نصوص تعدها مأثورة لديها، وقد لا تكون بالضرورة آيات قرآنية أو أحاديث نبوية شريفة معتمدة لديها، وإنما قد تكون تأويل نصوص من مرجعياتها الدينية تبلغ مرتبة العصمة الاجتهادية ، والمعتقد جاهز بطبيعة الحال تاريخيا ومذهبيا .

-  في حال تجمع فرق خارج الدائرة ، وشعورها بالحاجة لمواجهة المخاطر المترتبة عن الحرمان من الانتماء التاريخي للأمة، أن تُنشئ تكتلها الذي تواجه به القوة المقابلة، بعد أن تكون قد قامت بخطوتين رئيسيتين هما:- توفير نصوص وأدلة المواجهة، وتكييف النصوص المخالفة والتباين فيما بينها حسب حاجة التكتل .

- المشهد الجديد حينئذ يتكشف عن ( أمم إسلامية ) ، كل تدعي لنفسها الصفة ، وتطابق الموصوف مع حالها . 

-  ما دور المعامل الخارجي في هذا المآل المخوف ؟ سيكون للقوى الكبرى المتربصة بالعالم الإسلامي، لأهداف ودوافع استعمارية، ومصالح اقتصادية ، وتدافع عقدي ، وصراع وجودي أدوار حاسمة للتشجيع على هذا المسار الخطير، توظف لها كل إمكاناتها العلمية والتكنولوجية والفكرية، والسياسية والاقتصادية.  

وهكذا تكون الوصفة الاستعمارية الماكرة قد تناسبت مع مركب العالم الإسلامي العقائدي في آخر مطافها ومآلها، وانتهت به إلى ما يؤهله للبقاء دوما تحت رحمة التخطيطات والمشاريع العالمية الاستعمارية، وأطماعها التي لا تنتهى، فتكون مرافقة لوصفة التركيبة العرقية للعالم العربي التي يُتوقع لها أن تحقق مهامها المرصودة إزاء الأمة العربية.