مقالات مختارة

كلام بان كي مون

1300x600
قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن الملك سلمان حقق في عشرة أيام ما لم يحققه أي حاكم في مائة يوم. و«المائة يوم الأولى» تقليد غربي تجري في نهايتها جردة حساب لما تحقق وما لا يزال. وفي المقارنة الحسنة النية هفوة هيكلية. فالرئيس المُنتخب في الغرب رجل يأتي من الخارج، وكل ما يقوم به جديد، أما الملك سلمان بن عبد العزيز فقد كان جزءا من القيادة منذ عقود. وما اتخذه من قرارات وخطوات كان معدا ومدروسا، لأن الدول رؤية أولا. وكان واضحا من التغييرات السياسية الأولى أن الملك يريد توجيه رسائل فورية في كل الاتجاهات ولن يترك للغموض أو التردد مكانا، فيما تُحفر البراكين تحت المنطقة برمَّتِها.

وأبرز ما اتضح هذا «الوضوح» في زيارتَي الرئيسين السيسي وإردوغان، عندما عبَّر كل من الضيفين عن موقف مختلف من سوريا، وعبَّرت السعودية عن موقفها، من دون أن تلزم القمتين بموقف موحد. الدبلوماسية عمل متحرك ورؤية متجددة وقيم ثابتة. وما رآه بان كي مون كان عملا لافتا على المستوى الدولي، لم يفاجئ متابعي سيرة رجل الدولة والإدارة، الذي في ظله انتقلت العاصمة من بلدة متوسطة إلى حجم بلد كبير.

لم يتغير أسلوب الملك سلمان في الحكم والإدارة والحياة. لا شيء للصدف. لا شيء للإهمال. لا شيء للتأويل. لا شيء للغموض. يجب أن يعرف جميع الأفرقاء في أي موقع أنت، فلا تترك حليفك يخطئ، ولا تترك من ليس بحليف، يتمادى في الخطأ.

أراد بان كي مون، الواقف على شرفة الدبلوماسية الدولية، أن يعبر عن تقديره ويدلي بشهادته، فاختار الناحية الأكثر بروزا في المتغيرات. لكننا أمام مجرد بداية في عمق أبعد وأفق متجدد. والزعماء القادمون إلى الرياض للوقوف على رؤيتها لما هو أدق مرحلة في التاريخ المعاصر، سوف يجدون رجل دولة لا يتغير: لا لين في الأولويات، ولا انغلاق في سبل حمايتها.

أبواب كثيرة كانت مغلقة، انفتحت الآن. إردوغان والسيسي في يوم واحد. أوباما في الرياض والأمير تميم في واشنطن. الحوثيون يحتلون العاصمة فتُعلن عدن عاصمة بديلة على الفور. الخلافات لا تحل شيئا، لكن الصداقة لا تعني التنازل. تعني حفظ الكرامتين.



(نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط)