قضايا وآراء

قيمة العالم بقوله الحق ومعايشته لهموم أمته !!

1300x600
دور العلماء في المجتمع جد مهم وخطير، فالعلماء هم ورثة الأنبياء، وهم المخولون بالقيام بكل المهام والمسؤوليات الملقاة على عاتق المرسلين، ومن آكد واجباتهم تثقيف المسلمين بأمور دينهم، وتعليمهم الكتاب والحكمة وتزكيتهم، وإخراجهم من ظلمات الجهل والوهم إلى رحاب المعرفة والعلم، وهم الذين يخشون الله تعالى حق خشيته، لأنهم يعرفون ما لله من صفات الكمال والجمال والجلال، ويعبدون الله على علم وبصيرة، والعالم الرباني هو الذي يعمل بما علم، وينتشر في أوساط المجتمع للدعوة والإرشاد، ويصدع بكلمة الحق ولا يخاف في الله لومة لائم، والعلماء على مر التاريخ والعصور كانوا يقفون مع المظلومين والمقهورين والمستضعفين عامة، ويشهرون سيف الحق في وجه الظلمة والفسقة من طغاة الحكام وجبابرة الولاة، ويتصدرون حركات التنوير والتغيير التي يهندسها المجتمع، ولم يسجل التاريخ الإسلامي عالماً ربانياً واحداً اصطف مع سلطان جائر، أو قام بتخذيل وتيئيس الشباب المسلم من جدوى التحرر والتغير والتطور، أو أصدر فتاوى ''جاهزة '' لتساير هوى ورغبة حاكم متسلط،أو لتضمن الحصول على رضاه ومرضاته، وهذه ليست دعوة للتصادم مع الأنظمة بالطبع، وإنما الحري بالعلماء أن يأخذوا بأزمّة شؤون الإصلاح والتغيير والتوجيه والتوعية، وكل ما من شأنه إسعاد المجتمع وتحقيق مصالح الدارين، والله عز وجل لم يخلد ذكر '' الصادقين '' من أهل العلم إلا لنصرتهم الحق وأهله، وتمسكهم بالكتاب والسنة، وعدم الحيد عنهما قيد أنملة، وصمودهم في وجه الضغوط والإغراءات وحملات التشويه والتشهير التي مارسها عليهم الطغاة من الولاة .

ومن مهام العلماء كذلك معالجة الأمراض والأوبئة الاجتماعية التي قد تتفشى في أوساط المجتمع، وإيجاد الحلول المناسبة لمشاكل الشباب، والإجابة على التساؤلات التي تؤرقهم وتقض مضجعهم، ومواجهة التيارات الفكرية المنحرفة التي تنشر ثقافة هدامة قائمة على التكفير والتفجير والتفسيق، وتتخذ من التبديع والترويع والتشريد والتحريق منطلقاً لها، ومقارعة من يدعو إلى ''تمييع'' ثوابت الدين وقطعيات الشريعة، أو يقدم صورة شوهاء عن العلماء العالمين، أو يسعى إلى تحويل الإسلام إلى إسلام مؤسسة راندا الأمريكية !!

حتى تتعافى ثقة الجماهير في العلماء التي اهتزت وتضررت في الأعوام الأخيرة، على العلماء وطلبة العلم أن ينزلوا من ''أبراجهم العاجية'' العالية، وأن يلتحموا بما يمور به المجتمع من هموم وأحزان ومستجدات ونوازل، وأن يكونوا على مستوى الأحداث، وعليهم أن يزيلوا ''الهالة'' التي أحاطوا بها أنفسهم كي يتسنى للشهير والغفير من أفراد المجتمع الوصول اليهم، وأخذ مشورتهم للمشاكل التي تعترض طريقهم، كما يجدر بالعلماء - أحياناً - أن يخرجوا من " صوامعهم " ودور عبادتهم حتى يطلعوا على حركة الحياة وتطورات المجتمع ليكون موقفهم مبنياً على فهم ودراية !!

في المقابل، يجب على أفراد المجتمع أن ينزلوا العلماء في المكانة اللائقة بهم، وأن يتصفوا بتبجيل العلماء وتوقيرهم وعدم الحط من قدرهم، وعلى الشباب أن يتخذوا من أهل العلم الملاذ الآمن من  أمواج البحر الهائج المتلاطم من الشبهات والشهوات، وأن يتخذوا منهم النبراس الذي يضيء لهم ظلمات دروب الحياة المتعرجة، كما أن عليهم أن يبتعدوا عن التهور والتعجل في إطلاق أوصاف "مؤسفة" بحق العلماء، حتى لا يسقطوا في " هوّات " سحيقة لا يعلم مدى قعرها إلا الله !!