مقالات مختارة

نتنياهو يعلن إفلاسه السياسي

1300x600
كتبت رندة حيدر : الأزمة السياسية التي تعصف بالحكومة الإسرائيلية، هي أكبر دليل على الإفلاس السياسي الذي وصل إليه زعيم حزب الليكود حالياً. والخطوة المسرحية لنتنياهو بإقالة وزيرين من حكومته، لا تخفي ضخامة المأزق الذي وصل إليه ائتلافه الحكومي الهجين، بعد أكثر من سنة على تشكيله، كما هي دليل واضح على استحالة التوفيق في هذا الوقت الحرج بين أجندة حزب اليمين القومي، الذي يتزعمه نتنياهو والأحزاب الوسطية المشاركة في الحكومة.

وفي الواقع هناك أسباب عدة لانهيار الحكومة الإسرائيلية، مثل: فشل المفاوضات مع الفلسطينيين وجمود العملية السلمية، والحرب على قطاع غزة، وتدهور الوضع الأمني في القدس وتفاقم المواجهات بين اليهود والفلسطينيين، وتزايد حملات التحريض. لكن هذا كله لا يخفي إخفاق نتنياهو في قيادة حكومة يختلف أعضاؤها في ما بينهم على كل شيء.

وعلى الرغم من استطلاعات الرأي التي تدل حالياً على فوز محتمل لنتنياهو، فإن الانتخابات المقبلة في إسرائيل ستكون مصيرية، ومن شأنها أن تترك بصماتها على مستقبل الإسرائيليين والفلسطينيين في آن واحد، حتى لو فاز فيها نتنياهو. وذلك لأن عودة نتنياهو إلى الحكم هذه المرة ستكون مختلفة عن الدورتين السابقتين. فهو لن يعود زعيماً لحزب الليكود في مواقفه الوسطية أو الأقرب إلى يمين الوسط، كما عبر عنها في خطابه المشهور في جامعة بار- إيلان سنة 2009، حين اعترف بحل الدولتين لشعبين، بل سيعود زعيماً لليكود في صيغته الصقرية التي تبلورت بصورة خاصة في السنة الأخيرة.

الليكود الجديد سيكون ممثلاً لمواقف اليمين القومي المتطرف الرافض لأي تنازلات تقدم للفلسطينيين، والمؤيد بشدة لتوسيع المستوطنات، والمتمسك بالهوية اليهودية على حساب حقوق الأقلية العربية.

كما أن الانتخابات المقبلة ستكون مصيرية أيضاً بالنسبة لمستقبل معسكر أحزاب الوسط واليسار في إسرائيل، وخصوصاً في ضوء حملات التحريض التي يشنها اليمين القومي عليه، والتراجع الواضح في شعبية هذه الأحزاب وسط الجمهور الإسرائيلي. وفي الواقع،فإن معسكر اليسار في إسرائيل هو اليوم أمام تحد كبير كي يثبت قدرته على البقاء على الخريطة الحزبية، وكذلك الأحزاب الوسطية التي تبنت في الانتخابات السابقة برنامجاً انتخابياً اقتصادياً اجتماعياً، وتجنبت طرح المسائل السياسية الجوهرية مثل التسوية السياسية مع الفلسطينيين، في محاولة لجذب الناخبين.

وإذا لم يكن بالإمكان بعد اليوم الحديث عن معسكر سلام في إسرائيل فاعل ومؤثر، فإن الكثير من المؤشرات يدل على أن الانتخابات المقبلة قد تحمل بداية نهاية أحزاب الوسط، مما يفتح الباب واسعاً أمام تقدم أحزاب اليمين القومي وسيطرتها المطلقة على رسم سياسة إسرائيل المقبلة.



(صحيفة النهار اللبنانية)