مقالات مختارة

"هاجل".. أسباب الاستقالة

1300x600
كتب ويليام رو: أعلن "تشاك هاجل" هذا الأسبوع أنه سيستقيل من منصب وزير الدفاع الأميركي، بعد أقل من عامين في هذا المنصب. وقبل ذلك، كان "هاجل" عضواً بارزاً في مجلس الشيوخ الأميركي، حيث خدم بامتياز لمدة 12 عاماً.

وقد اختاره أوباما "لشغل منصب وزير الدفاع على الرغم من أنه لم يكن عضواً في حزبه. ولكن كـ"جمهوري"، كان "هاجل" شديد الانتقاد لحزبه لمواقفه من السياسة الخارجية، ورأى فيه أوباما الرجل النزيه الذي تتشابه آراؤه معه.

كما كان "هاجل" يدعم تفضيل أوباما للدبلوماسية ورغبته في استخدام القوة فقط "عندما تقضي الحاجة". وكان ذلك سبباً في انتقاد بعض المتشددين من الحزب "الجمهوري"، أمثال "جون ماكين" له والتصويت ضده عند عرضه على مجلس الشيوخ ليشغل منصب وزير الدفاع في فبراير، 2013.

وفي حديث لي مع "هاجل" قبل ترشحه لهذا المنصب، أوضح ليس فقط انتقاده لاستخدام القوة من إدارة بوش، واعتقاده أن الإنفاق على الدفاع كان مفرطاً، ولكنه أيضاً أشار إلى رغبته في جلب سياسة عادلة ومتوازنة فيما يتعلق بالصراع العربي – الإسرائيلي.

وقد تكون كل هذه القضايا وراء معارضة زملائه في الحزب "الجمهوري" لاختياره في هذا المنصب. بيد أن أوباما أعجبته آراء "هاجل"، ووافقت عليه أغلبية محدودة في مجلس الشيوخ بنسبة 58 مقابل 41.

وعندما تولى منصبه عام 2013، بدأ بنفيذ سياسة أوباما بشأن استكمال الانسحاب الأميركي من أفغانستان، وتقليص موازنة الدفاع.

وقد كان "هاجل" فعالاً للغاية في العمل مع جميع مستويات الجيش الأميركي بسبب سجله في الجيش. فقد كان قائداً لفرقة مشاة، وخدم في فيتنام حيث أصيب مرتين. وكأول وزير دفاع أميركي بهذه المؤهلات، كان يتفهم جيداً ما يعني أن تكون جندياً في الخطوط الأمامية. وقد اتخذ خطوات لزيادة مدفوعات الرعاية الصحية وغيرها من المميزات للجيش. ووافق أيضاً على مبادلة معتقلين من «طالبان» بسجن جوانتنامو مع "باو بيرجدال"، الجندي الأميركي الذي كانت "طالبان" تحتجزه رهينةً.

إن خدمة "هاجل" السابقة، علاوة على هذه المبادرات أعطته مصداقية لدى القوات قائداً لهم.ولكن بعد توليه المنصب، واجهت الولايات المتحدة أزمة جديدة مع استيلاء "داعش" على أجزاء كبيرة من العراق وسوريا. وعندما أعلن أوباما أن سياسة الولايات المتحدة تتمثل في "إذلال وتدمير" "داعش"، اشتعلت المناقشات داخل إدارته حول أفضل وسيلة لتحقيق ذلك.

وأعطى أوباما تفويضاً بإرسال عدد محدود من أفراد الجيش الأميركي للعراق وشن ضربات جوية على سوريا، لكن بعض الشخصيات السياسية كانت تحث على استخدام أكثر عدوانية للقوة. ويبدو أن هاجل شعر بالقلق أن يندفع أوباما لاستخدام القوات دون تحديد مهمة أو طريق واضح لتحقيق النصر. وقد أعيد تشكيل حكومة بغداد، التي سمحت وحرضت على التمرد بسبب التمييز السافر ضد العراقيين السُنة، لكن الجهد اللازم للتعامل مع "داعش" ما زال غير مكتمل.

أما الوضع في سوريا فهو أكثر تعقيداً، حيث استفاد بشار الأسد من الهجمات على "داعش". أما الخبر السار، فهو أن دولاً عربية عديدة كانت تدعم الجهود الأميركية ضد "داعش". غير أن هاجل كان يخشى أن الحملة لا تزال تواجه عقبات خطيرة قد تجر الولايات المتحدة إلى حرب أوسع.

وفي واشنطن، كان هاجل على خلاف مع البيت الأبيض، بمن في ذلك مستشارة الأمن القومي سوزان رايس، فيما يتعلق بسياسة الشرق الأوسط. ويبدو أن الضغوط لإيجاد الصيغة الصحيحة للتعامل مع أحدث أزمات الشرق الأوسط، كانت كافية لإقناع هاجل أن الوقت قد حان للرحيل.

والآن، يواجه أوباما مهمة معقدة لإيجاد من يحل محل هاجل، خاصة بعد أن فاز الحزب الجمهوري المعارض بالسيطرة على مجلس الشيوخ، الذي لديه السلطة لتأكيد هذه التعيينات. أما السيناتور "ماكين"، الذي عارض هاجل، سواء رشح أوباما شخصاً آخر له الآراء نفسها، أو اختار شخصاً له نهج متشدد يفضله ماكين، فسيصبح رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، لذلك سيكون له صوت أقوى في عملية الموافقة عما كان من قبل في أثناء اختيار "هاجل" قبل عامين.

وتتوافق آراء أوباما حول موقفنا بالخارج مع أغلبية الشعب الأميركي. فبعد تجربة الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، يتشكك معظم الأميركيين من التدخل العسكري الأميركي واسع النطاق في الخارج.

(عن صحيفة الاتحاد الإماراتية 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2014)