مقالات مختارة

السعودية.. حين هزمت التحديات

1300x600
كتب تركي الدخيل: يمر اليوم الوطني على السعودية في ظرف قد يكون هو الأشرس بالمنطقة في العصر الحديث.

عواصم تسقط واحتجاجات واضطرابات في أنحاء المنطقة، زلازال بشرية تزحف نحو الميادين والشوارع، ومع ذلك استطاعت السعودية أن تنأى بنفسها عن كل هذه الكوارث المحيطة.

سوريا وليبيا ومصر واليمن وتونس، كلها عاشت الظروف العصيبة في زمن عصيب، بيد أن السعودية تتذكر في هذا اليوم الوطني أنها تجاوزت الأمواج الهادرة، والزلازل المدمرة، والهياج الجماهيري الغوغائي الحاشد، لتكون ضمن إطارها التنموي، وضمن إرادة نهضتها التي أرادت لنفسها ومجتمعها بعيداً عن التأزيم والتعقيد والاضطراب والمساومات.

خلال أكثر من مائة عام منذ فتح الرياض، نواة انطلاق توحيد المملكة، مرت السعودية بتحديات كبيرة، منها حرب الملك عبدالعزيز على «إخوان من طاع الله»، الذين كانوا عصبة جيشه، لكنهم لم يستطيعوا أن يستوعبوا الظرف السياسي من جهة، كما أنهم تشددوا في الدين من جهة ثانية، وفي الحديث: «ولن يُشاد الدين أحدٌ إلا غلبه»، ومروراً بفتنة جهيمان العتيبي في الحرم المكي والجماعة السلفية المحتسبة، عندما احتلوا الحرم المكي الشريف فجر اليوم الأول من محرم الحرام مطلع عام 1400 للهجرة (1979 ميلادي)، بغية تأسيس دولة إسلامية، إذ السعودية بنظرهم لا تطبق الدين، لأنها تسمح بعرض النساء يغنين في التلفاز، وتضع الصور المحرمة على عملاتها، «ولن يُشاد الدين أحدٌ إلا غلبه».. ثم الاضطرابات في القطيف، حيث حاول بعض الشباب الشيعي تأسيس دولة شيعية مستقلة على غرار ما حدث في إيران على يد الخميني، "ولن يُشاد الدين أحدٌ إلا غلبه"..

أعقبت ذلك، فتنة غزو صدام حسين للكويت، وتطرف البعض الذين زعموا أن القوات الأجنبية، خاصة الأميركية التي ساهمت في تحرير الكويت جنباً إلى جنب مع القوات السعودية والخليجية والعربية، ستتخذ من السعودية مقراً لها ولن تخرج منها، في احتلال جديد، "ولن يُشاد الدين أحدٌ إلا غلبه"..
لكن الأميركان خرجوا، وبقي الوطن! دون أن نستثني الإرهابين، السني والشيعي، اللذين ضربا السعودية شرقاً وغرباً.

إرهاب شيعي، ضرب الأنفاق وفجر في الحرم، وفي الخبر.. وإرهاب سني، فجر في المجمعات السكنية والدوائر الحكومية، وقد قُتل في الحالتين الأبرياء، والهدف كان زعزعة الأمن، ثم لا ننسى جنون «الإخوان المسلمين» الحاليين، هذه الجماعة التي جرّمتها السعودية ضمن القانون.
لكن السعودية تجاوزت تحديات الإرهابين السني والشيعي معاً، في القطيف والرياض والقصيم، وكل المناطق التي ترعرعت بها «القاعدة»، و«حزب الله الحجاز»، وغيرهما من التنظيمات الإرهابية.
تجاوزت البلاد المصاعب، وبقي الوطن.

واليوم تساهم السعودية في ضرب «داعش»، وخلاياها في الداخل من خلال القبض على المجرمين وإجهاض المخططات التخريبية قبل تنفيذها وضرب التنظيمات في أوكارها في سوريا والعراق.
وستمضي الظواهر، وتبقى السعودية، التي تحتفل بيومها الوطني الرابع والثمانين.
حفظ الله السعودية من كل مكروه، وأعانها على أن تكون أقوى وأفضل.