كتاب عربي 21

هل ستنقذنا الجزيرة أمريكا ؟

1300x600
حسنا، إنه رمضان، وأنتم لا تريدون قراءة أي موضوع يتحدث عن هدر المال العام أو عن الإعلام، فما بالك في موضوع يتحدث عن دور الإعلام في هدر المال العام!! لكن دعوني أصرخ في واد محاولا تبرئة ذمتي، فربما يكون هناك من يسمع، فهذا ليس المقال الأول عن ذات الموضوع، فقد سبق وأن كتبت مقالا بعنوان: أنقذوا الجزيرة أمريكا، واخترت أن يكون هذا المقال بعنوان: هل ستنقذنا الجزيرة أمريكا؟

كتب جيك شافير في وكالة رويتر بتاريخ 9 يوليو 2014 تقريرا مطولا ساخرا بعنوان: أيهما أكثر ندرة؟ وحيد القرن أم مشاهدي الجزيرة أمريكا؟ متحدثا عن دور القناة في وسط كم كثيف من وسائل الإعلام الأمريكية الأخرى، وأرجو ألا يخلط القارئ بين الجزيرة الإنجليزية والجزيرة أمريكا، فهو يتحدث عن الجزيرة أمريكا ونحن كذلك. 

دعوني في البداية أشرح كيف ظهرت الجزيرة أمريكا حتى يعلم القارئ تاريخها وكيف تم شراؤها
ولماذا؟ 

كان لنائب الرئيس الأمريكي السابق Al Gore قناة اسمها Current TV، لم يكن يشاهدها سوى 35 ألف أمريكي في فترة الذروة، فاعتبرت حينئذ قناة فاشلة يتوجب على مالكها التخلص منها، فوجودها أسوأ من عدمها، فباعها هذا الرجل على قناة الجزيرة التي اشترتها بحوالي نصف مليار دولار، وصرفت عليها ما يقارب من نصف مليار أخرى لتطويرها وتحديثها، ودفعت مبلغا آخر مازال سريا لشركة الكيبل لتقنعها بضمها إلى حزمة من القنوات الأخرى وتدخلها إلى 55 مليون منزل أمريكي، والقناة مازالت تصرف لتفتح لها 12 مكتبا إقليميا بتكلفة مئات الملايين من الدولارات (كما يقول الكاتب)

https://america.aljazeera.com/tools/contact.html

لنفاجأ أن مشاهدي القناة قد هبط عددهم ليكون حوالي 15 ألف في وقت الذروة، وحتى أعطيكم مقارنة مع القنوات الأمريكية فقناة فوكس نيوز يشاهدها 1.6 مليون مشاهد والسي إن إن 460 ألف مشاهد، والجزيرة أمريكا 15 ألف مشاهد فقط، حتى أصبحت هدفا للتندر في وسط الإعلام الأمريكي. 

يقول الكاتب مواصلا حديثه (وكأن أمريكا تهز كتفيها وتقول هيا اصرفوا ملايينكم ووظفوا من تريدون، اشحنوا غرفة أخباركم بكل الصحفيين التي تستطيع أموالكم شراءهم، وأغرقوا المكان بمراسليكم، وابنوا استوديوهات حديثة، سيكون هناك المزيد من هز الكتف.. حتى إذا تعثر المواطن الأمريكي في قناتكم وهو يقلب القنوات سيبىقى يهز كتفيه)

وفي برنامجه الكوميدي المشهور الذي يشاهده الملايين من الأمريكيين قال Leno Weighing مخاطبا الجزيرة أمريكا: أنتم تعرفون أنكم مملون جدا عندما يتكشف الناس أن نائب الرئيس الأمريكي السابق Al Gore أكثر تسلية منكم.

وكتب David Zurawil في صحيفة البلتمور صن: لقد فقدت القناة 48% من مشاهديها مابين 2005 وحتى 2013 مما يدل على أن الجزيرة أمريكا تبحث عن مشاهدين على وشك الانقراض.

لن نريد أن نحمل الجزيرة أمريكا أكثر من طاقتها، فهي تعمل في عش الدبابير، أو قل في غابة الديناصورات واسمها قد يكون جزءا من مشكلتها كما قال البعض، ولكن أليس علينا واجب مراجعة دورها ورؤيتها وعملها وموازنتها؟

لم تنقذنا الجزيرة أمريكا كما كنا نتوقع، بل قد تكون جعلتنا هدفا رخوا لهجوم إعلامي لن نستطيع مواجهته. 

لقد كادت الجزيرة أمريكا أن تصبح المثال الحي في الوقع الأمريكي الذي يخسر الكثير ومع ذلك يتم الصرف عليه ببذخ، وهذه بحد ذاتها قضية تثير السخرية.