صحافة دولية

واشنطن بوست: تشكيل حكومة عراقية مركزية مجرد سراب

أوباما يأمل بإنشاء حكومة شاملة في بغداد (أرشيفية) - أ ف ب
كتب الصحفي الأمريكي جاكسون ديهيل المعلق في صحيفة "واشنطن بوست" قائلا إن محاولات الرئيس الأمريكي باراك أوباما تشكيل حكومة "وحدة وطنية" في العراق ما هي إلا "سراب".

ومضى قائلا إن "إدارة أوباما لديها عادة سيئة وهي بناء استراتيجياتها في الشرق الأوسط بناء على التعلل بالأماني. ففي العام الماضي، اقترحت أن تنحي رئيس النظام السوري بشار الأسد عن السلطة بطريقة سلمية في مؤتمر جنيف، وأن يقوم الجنرالات الذي قاموا بالانقلاب بقيادة بلدهم نحو مسار الديمقراطية، وأن لدى الإسرائيليين والفلسطينيين استعداد لتسوية نهائية وفي مدة أشهر".

وتابع: "اليوم لدى الإدارة أمل جديد: أنه يمكن التصدي للقاعدة المتطرفة والمخيفة والجائعة للحرب والتي بنت سلطتها في غرب العراق وشرق سوريا من خلال إنشاء حكومة شاملة في بغداد، تجمع الشيعة والسنة والأكراد ضد الإرهابيين".

ومثل خطط الإدارة الأمريكية السابقة "فخطة حكومة الوحدة الوطنية لديها ميزة واحدة أنها تقوم على المفهوم الموجود سابقا، ويحتاج القليل من الفعل من الولايات المتحدة اكثر من مجرد الكلام"، وفق ديهيل.

وفي الوقت الذي يحذر فيه حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة أن هذه السياسية ليس لها إلا حظ قليل من النجاح، وأنها تؤخر الحل الحقيقي، إلا أن "ما قاله مسؤولان كرديان بارزان زارا صحيفة "واشنطن بوست" قدما للبيت الأبيض والخارجية حديثا واضحا لا لبس فيه".

فقد نقل الكاتب عن رئيس طاقم موظفي رئيس إقليم كردستان فؤاد حسين، ورئيس دائرة العلاقات الخارجية فلاح مصطفى بكر، أنهما قدما نقطتين أساسيتين: "إذا شكلت حكومة جديدة يجب أن تستبعد رئيس الوزراء الحالي، نوري المالكي ويجب أم تقوم بمراجعة ميزان القوة بين بغداد والمحافظات، وحتى لو نجحت فهزيمة القاعدة يحتاج لجهود أخرى غير جهود الجيش العراقي".

وقال فؤاد حسين: "نحن أمام واقع جديد، ولدينا ثلاث دول في عراق واحد، وهناك دولة جديدة بيننا في كردستان وبغداد، وعليه فلا نستطيع العودة للماضي".

وأضاف الكاتب أن انهيار الجيش العراقي في شمال وغرب العراق سمح للإكراد بتوسيع مناطقهم بحجم 40%، بما في ذلك مدينة كركدوك، ويسيطرون على ربع الثروة النفطية في العراق، ولدى كردستان حدود تمتد على 1035 كيلومترا مع الدولة الإسلامية التي أعلنت عنها القاعدة مقابل 15 كيلو مترا مع ما تبقى من العراق، بحسب الكاتب.

وقال ديهيل إن المسؤولين الأكراد تعرضوا لضغط من وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، ووافقوا على التفاوض حول حكومة مركزية جديدة، ولكنهم أكدوا على أنهم ماضون في الاستفتاء على تقرير مصير كردستان.

وأشار ‘لى أنه "لا نية لهم بالعودة للوضع القائم، والذي كانوا يعتمدون فيه على عائدات النفط المقررة من الحكومة في بغداد، والامتناع عن تصدير النفط من مناطقهم وتأجيل موضوع كركوك".

ويعلق بكر على كلام كيري: "طلب من الأكراد قيادة الجهود لتشكيل حكومة جديد" و"مقابل ماذا؟".

وحتى لو كان الأكراد متحمسين لحكومة وحدة وطنية فمنظور تشكيلها في بغداد سيظل محل شك. ويقف عقبة أمام تشكيلها المالكي الذي يلقى دعما من إيران وحكومة الأسد في سوريا، فهذا المحور من الشيعة المتشددين  يحضر نفسه على ما يظهر لقتال القاعدة بدون تقديم تنازلات للأكراد والمعتدلين السنة، ولم يظهر بعد أي بديل عن المالكي يحظى بدعم واسع من الشيعة، بحسب ديهيل.

ويرى أن حلا سياسيا ممكنا لإذا توصلت إيران لحقيقة أن المالكي يجب أن يذهب، ولكن حتى لو ذهب فمن غير المحتمل أن تقوم القوات العراقية بتحييد دولة القاعدة وحدها، كما يقول الأكراد.

ونقل عن حسين قوله "بصراحة": "لا نستطيع فعل هذا لوحدنا، فهذه جماعة إرهابية، ولديهم الآلاف من المقاتلين الأجانب، ولديهم أسلحة أمريكية متقدمة، ونحن نتحدث عن صواريخ ودبابات ومصفحات وحتى مروحيات، ولا أعتقد أن الجيش العراقي الحالي يستطيع تحرير المنطقة، وبالنسبة لقواتنا فهي تركز أولوياتها على الدفاع عن مناطقنا، وعليه فلا نستطيع القيام بهذا".

واعتبر الكاتب أن الوضع بحاجة "لفعل جماعي" و"تحالف إقليمي" لتدمير دولة القاعدة.

وبعد ذلك قدم سلسلة اللاعبين: "إيران التي قال إنها ستحدد جهودها للدفاع عن بغداد والمدن الشيعية، تركيا التي اختارت عدم التدخل عسكريا في سوريا ستكون مترددة أكثر بالقتال في العراق، والولايات المتحدة وماذا عنها؟ فهذه الحكومة لن ترسل قوات".
 
وقال ديهيل: "لو كان الأكراد مصيبين سيواجه الشرق الأوسط دولة للقاعدة شرسة في المستقبل المنظور، وسيقوم إقليم كردستان بتقوية وضعه كدولة مستقلة فعليا، وستبدو جهود أوباما لتشكيل حكومة مركزية قوية، مثل جهوده السابقة في الشرق الأوسط سرابا"، على حد قوله.