ملفات وتقارير

طبول الحرب تدق مجددا في إقليم أزواد

محمد جوب المحلل السياسي السنغالي المختص بشؤون الساحل الإفريقي - عربي21
حذرت هيئات دولية ومتابعون للشأن المالي، من أن المواجهات الأخيرة بين بعض الحركات الأزوادية وقوات من الجيش المالي قد تفتح الباب مجددا لحرب طويلة الأمد، قد تكون لها انعكاسات جد خطيرة على منطقة الساحل الإفريقي الغارقة أصلا في الفوضى بفعل انهيار الأمن وانتشار شبكات تهريب المخدرات والأسلحة.

ونقل عن رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال مارتن دميبسي قوله، إن المواجهات الأخيرة في شمال مالي قد تؤدي إلى موجهة "إرهاب" جديدة في المنطقة، مطالبا  حلف شمال الأطلسي بوضع خطة من أجل مواجهة ما وصفه بتصاعد التحديات الأمنية في منطقة المتوسط وشمال إفريقيا.

توتر شديد 

وقال المحلل السياسي السنغالي المختص في شؤون منطقة الساحل الذي سبق له أن غطى ميدانيا الحرب الأخيرة في مالي محمد جوب، إن الوضع الحالي بشمال مالي شديد التوتر، مضيفا أن الأحداث الأخيرة أخطر مما يتصوره أغلب المتابعين للشأن المالي، وهو ما قال إن تصريحات رئيس الحكومة المالية مساء أمس تعكسه، حيث أعلن أن بلاده دخلت في حرب حقيقية.

وقال محمد جوب  في تصريح خاص لـ"عربي21" إن عدم الثقة المتبادل بين الحركات الأزوادية والحكومة المركزية في باماكو كان السبب وراء التدهور الذي جر الطرفين في النهاية لمواجهات راح ضحيتها في ساعات قليلة أكثر من 30 شخصا.

وأكد جوب أن المتابع لمسار الحركة الوطنية يكتشف أن الأخيرة لم تتنازل بعد عن مطلب الانفصال، وأن الهدنة الأخيرة مع باماكو كانت فقط لالتقاط النفس وترتيب البيت الداخلي للحركة.

وأكد "جوب" أن الحكومة المالية بدأت فعلا تستعد لتعزيز حضورها إداريا وعسكريا في الشمال، حيث يسكن الطوارق المطالبون بالانفصال عن مالي، كما أنها غير مستعدة أيضا لتقديم أي تنازلات لصالح الأزواديين حتى لا تثير غضب غالبية الماليين، ممن يرون أن الحركة الوطنية الأزوادية مجرد ممثل لتنظيم القاعدة، ويجب أن تقهر بالقوة والسلاح لا بالسياسية والدبلوماسية.

أما الباحث الموريتاني المختص في الشؤون الإفريقية سيدي ولد عبد المالك، فقد اعتبر   في تصريح خاص لـ"عربي21"، أن المواجهات الأخيرة بين الجيش المالي وعناصر انفصالية مقربة من الحركة الوطنية لتحرير أزواد، تأتي في سياق تأخر رصيد الثقة بين الحكومة المركزية في باماكو والحركات الانفصالية، بعد فشل الطرفين في الاستمرار بالمفاوضات التي نص عليها اتفاق واغادوغو في حزيران/ يونيو 2013 بين الجانبين، والتي كانت تتكون من محورين أساسيين، المحور الأول منها يتعلق بوضع إجراءات تسهيلية لضمان استكمال المرحلة الانتقالية لإفراز مؤسسات دستورية جديدة للبلاد.

 واعتبر ولد عبد المالك أن ما حصل في مدينة كيدال المالية، يُعبر عن إحباط مجتمع الطوارق عموما وسكان أزواد في الرهان على الرئيس الجديد لحل أزمة الشمال، حيث أن إبراهيم بوبكر كيتا كان الزعيم السياسي الأقرب إلى الأزواديين. عكست هذا الأمر النتائج التي حصل عليها في الجولتين الأولى والثانية من الانتخابات، حيث احتل الترتيب الأول في الجولتين في مناطق الشمال بما فيها مدينة كيدال، كما أنه احتل الترتيب الأول في مخيمات اللجوء بدول الجوار، والتي توجد فيها غالبية من سكان أزواد.

وأكد الباحث السياسي سيدي ولد عبد المالك في حديثه لـ"عربي21"، أن فرنسا غير مهتمة بملف المصالحة والتسوية بعد أن كانت استدرجت الأزواديين في حرب "التحرير" من القاعدة، وقدمت لهم ضمانات بإيجاد تسوية في حال انتهاء الحرب مع الجماعات المسلحة.

الصراع المغربي الجزائري على مالي
 

وقال الباحث السياسي سيدي ولد عبد المالك، إن المعطى الجديد في الأزمة المالية، هو أن الجزائر والمغرب دخلتا على الخط من خلال  محاولة استمالة أطراف داخل القضية الأزوادية، وهو الأمر الذي عقد ملف التسوية، وجعل القوى الأزوادية الميدانية مشتتة في موقفها من التفاوض أو النزوع إلى العمل المسلح.

وخلص إلى القول: "على كل حال، كل شيء وارد ومحتمل، لأن الانفلات الأمني والضغط على هذه الحركات الانفصالية يُهيئ لأرضية خصبة للعودة القوية لأنشطة الجماعات الإسلامية المسلحة، بل قد يدفع الضغط على هذه الجماعات إلى أن تتحالف مع القاعدة وجماعة التوحيد والجهاد بغرب إفريقيا".