كتاب عربي 21

تحالف الأقليات.. على وقع الاتفاق النووي

1300x600
بكل براءة أو سذاجة أو خبث، لا يهم، دعا ديفيد باتركاراكوس، وهو صحفي وزميل مشارك في معهد الدراسات الإيرانية في جامعة سانت أندروز، ومؤلف كتاب "ولادة إيران النووية"، في مقال في صحيفة نيويورك تايمز، إلى تحالف الأقليات بين إيران وإسرائيل.

بنظره، فإن "كلا من الدولة اليهودية والدولة الشيعية الفارسية غريبتان في ذات الأغلبية السنية العربية في الشرق الأوسط.

وقد كانا حليفتين قبل العام 1979". موضحا: "وعلى الرغم من أن إيران تدعم حزب الله وحماس، فإن جيشها لم يكن أبدا جزءا في العديد من الحروب العربية ضد إسرائيل".

تلك الأماني تصطدم بحقائق في التاريخ والواقع. فإيران الثورة هي من أغلقت سفارة إسرائيل، وفتحت مكانها سفارة منظمة التحرير الفلسطينية. ورجال الثورة هم من قضوا وعُذبوا وسُجنوا بسبب تصديهم للشاه ووقوفهم مع قضية الشعب الفلسطيني.

والمسيحيون في فلسطين والمنطقة، لا تمثلهم المارونية السياسية؛ إذ إن بابا الأقباط في مصر، وزعماء الكنيسة في المشرق، بطوائفها كافة، تمسكوا بموقف رافض للاحتلال. وظل المسيحيون جزءا أصيلا من الحركة الوطنية الفلسطينية. لكن النفخ في المشاعر الطائفية، واستهداف الشيعة والمسيحيين بسبب مذهبهم، سيمهد الطريق لنظرية تحالف الأقليات الدينية والمذهبية.

لقد توهم الموارنة في لبنان أن فرنسا حاميتهم، وبالنتيجة تخلت عنهم. وتوهم الشيعة أن إيران حاميتهم، وبالنتيجة ستتخلى عنهم. فإيران تستخدم الشيعة في العراق ولبنان والخليج في سبيل نفوذها في المنطقة. وفي الثورة السورية، وأمام استحكام أزمة النظام، بدت وكأنها حامية المسيحيين في المنطقة في وجه الهجمة السنية الوهابية.

لا يمكن التقليل من الاستقطاب الطائفي والمذهبي الذي تشكل عقب الثورة السورية. لكن الاستسلام له، والترويج له، والبناء عليه، هو بمثابة تفخيخ للمنطقة تمهيدا لتفجيرها مجددا. فإيران قبل الثورة وبعدها، ليست عدوا.

هي شريك حضاري وثقافي، وما يربطها بنا  أكثر كثيرا مما يربطها بالدولة العبرية. والمسيحيون ليسوا مستوطنين في المنطقة، ولا محتلين. والجميع يدفع ثمن فشل بناء الدولة الحديثة القائمة على المواطنة وسيادة القانون.

وفي النهاية، ثمة أقلية حاكمة تستنزف البلاد والعباد، وتمزقهم لتبقى متمكنة. وتحالف الأقليات الحاكمة هو الذي يعيق تقدم المنطقة، وليس وجود أقليات عرقية أو طائفية.

إيران ليست غريبة في المحيط  العربي السني. فالسنة يشكلون ربع سكان إيران، وكل مقدسات الشيعة في المناطق العربية، والسنية؛ من الكعبة إلى المراقد. والغريب هو السياسة العدوانية التي تنتهجها إيران مع الشعبين العراقي والسوري.

وهي أخطاء نظام قابلة للإصلاح.  لكن المهم أن تُهزم إيران في سورية، حتى يقتنع حكامها بإصلاح أخطائهم.