صحافة إسرائيلية

الحملة الصليبية اليهودية

 
"أريد ان اسأل وزير الدفاع لماذا لم يجند الى الآن بحسب قانون
الخدمة الامنية الأجيال المناسبة من بين السكان العرب".
ولماذاتخرج الحكومة من نطاق الخدمة العسكرية المواطنين العرب في سن التجنيد، برغم ان
كثيرا منهم أبدوا استعدادا لتأدية واجباتهم باعتبارهم مواطنين يطلبون التمتع بجميع
الحقوق؟ لا شك في ان هذه من أبرز ظواهر التمييز العنصري في سياسة الحكومة".
كلي أمل أن يكون تجنيد النساء اليهوديات والعربيات لجيش الدفاع من عوامل السير للمرأة
العربية نحو تحريرها من قيود عبوديتها في العائلة والشعب ورفع مستواها الاجتماعي
والثقافي".
ممن هذه المقتبسات؟ ليست من افيغدور ليبرمان الذي يطلب تجنيد مواطني اسرائيل العرب
للجيش.
عقدأمس في الجامعة المفتوحة مؤتمر تناول الخدمة المدنية لمن لا يجندون للجيش ولا يكاد
أحد يتحدث عن تجنيد العرب والنساء المتدينات للجيش، لكن يختلف كثيرون ايضا في
اقتراح الخدمة المدنية – لجهاز الرفاه والصحة والتربية – ولا سيما بين العرب
انفسهم. فيقول المعارضون انه لا مكان للتساوي في الواجبات ما لم يوجد تساو في
الحقوق.
يفترض ان تسن جلسة الكنيست الشتائية تعديل قانون الخدمة الامنية حيث يصبح التجنيد للجيش
متساويا. ولا يتناول الاقتراح الذي صيغ في لجنة وزارة برئاسة يعقوب بيري المساواة
في الحقيقة؛ لا بين النساء والرجال، ولا بين اليهود والعرب ولا بين اليهود انفسهم.
إن خدمةالمتدينين من قبيل بينيت، كخدمة الحريديين من قبيل آيخلر، لن تكون مساوية
لخدمة العلمانيين من قبيل بيري.
تعالوا نلعب بـ "يخيل إلي": لنفرض انه وجدت مساواة هنا بين اليهود والعرب.
ولنتخيل اسرائيل التي لا توجد فيها كيرن كييمت تمنع اسكان العرب في ارضها بدعم
الحكومة التي تعفيها من الضرائب ايضا. ولنتخيل وضعا لا يرفض فيه عربي مرشح لعمل
لأن وزارة الدفاع لا تتم صفقات مع منتج خاص يشغل اصحاب برمجة عربا، ولنتخيل عالما
تحصل فيه سخنين من الحكومة على ميزانية مثل اريئيل. فهل يجندون العرب في هذا
العالم المختلق؟.
لنعد ألف سنة الى الوراء حينما جند الدوق من نورماندي قوة لتحرير
الارض المقدسة من محتليها المسلمين. فهل وجب على اليهود في أوروبا ان يجندوا
انفسهم للحملة الصليبية؟ يبدو ان ليس من الحكمة المتأخرة ان نقول انه لا يوجد ما
يدعو اليهودي الى ان يجند نفسه لحملة صليبية. وهذا فقط اذا كان سكان نورماندي
اليهود يتمتعون بالمساواة وهو ما لم يكن قط. فهل من المناسب في هذه المقارنة تجنيد
عربي لجيش دولة يهودية؟ وهل دولة نتنياهو اليهودية تختلف بالنسبة للعربي
الاسرائيلي عن الدولة المسيحية للدوق من نورماندي بالنسبة ليهودي فرنسي؟.
ويفترض أن تبحث جلسة الكنيست تلك ايضا في اقتراح قانون تفضيل صفة "يهودية" على
صفة "ديمقراطية" في تعريف الدولة. فلماذا يجب ان يجند من هو غير يهودي
نفسه سواء أكان ذلك لأصله أو باختيار منه لجيش دولة تنفي في ماهيتها انتماءه
اليها؟ هناك من يرفضون التغيير المقترح لأنه يمس بقيمة الديمقراطية. لكن من هو
مستعد ايضا للنظر الى الوراء ألف سنة ونحو الديمقراطية كأنها لم تكن يجب عليه الى
الآن أن يجيب عن سؤال: هل من المعقول تجنيد يهود لحملة صليبية؟.
ان هذه التعريفات كانت كما هي اليوم ترمي الى تسويغ التمييز.
ان المقتبسات في بداية المقالة ترجع الى خمسينيات القرن الماضي، وقد قالها اعضاء
الكنيست مئير فلنر وتوفيق طوبي وشموئيل ميكونيس – وكلهم اعضاء الحزب الشيوعي
الاسرائيلي. وكان بن غوريون وشركاؤه في الحكم لا الجيش هم الذين عارضوا تجنيد
العرب لتسويغ التمييز.